حوالي 16 نوعا من الكينوا تمّ تجريبها في المناطق الصّحراوية نتائج إيجابية حقّقتها زراعة نبتة الكينوا في المناطق الصّحراوية، التي شرعت الجزائر في تجربتها مؤخّرا في إطار مشروع مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة الذي يشجع إنتاجها وإدماجها في النظم الزراعية، وذلك نظرا لميزاتها وفوائدها المتعددة التي ترشّحها لدعم الأمن الغذائي في عدة دول. تعد هذه النبتة من الزراعات المستحدثة في الجزائر، والتي بمرور الوقت وعقب تحقيق العديد من التجارب لمردودية جيدة خاصة في المناطق الصحراوية أصبحت تجذب اهتمام الفلاحين، كما أوضحت الآنسة خالد حليمة مهندسة في الزراعة ومديرة مزرعة البرهنة لإنتاج البذور الأغفيان ببلدية تيندلة دائرة جامعة ولاية الوادي والتابعة للمعهد التقني لتنمية الزراعة الصحراوية ببسكرة في حوار ل «الشعب» تطرّقت من خلاله للعديد من خصائص هذه النبتة وفوائدها، وكذا آفاق توسّع انتشار زراعتها في هذه المناطق وبعض المشاكل التي تواجهها في مراحلها الأولى على غرار العديد من الزراعات التي دخلت الجزائر خلال السنوات الأخيرة. - الشعب: بداية، كيف وصلت الكينوا إلى الجزائر؟ ❊❊ حليمة خالد: أدخلت الكينوا إلى الجزائر نهاية 2013 بداية 2014 بمناسبة السنة الدولية للكينوا عن طريق المنظمة العالمية للتغذية والزراعة «الفاو» عبر مشروع خاص بالجزائر وبعض الدول العربية والآسيوية كمصر ولبنان المغرب وإيران، وتعرف الكينوا بأنها تنتمي إلى عائلة القطيفيات وموطنها الأصلي جبال الأنديز بأمريكا اللاتينية، وتعتبر من أشباه الحبوب لتشابه طريقة استهلاكها مع الأرز والقمح ويتراوح حجمها ما بين 1و2 مم. - ما هي الخصائص التي تشجّع على توسيع زراعة الكينوا؟ أولا للنبتة خصائص زراعية محفّزة، حيث تتحمل الكينوا درجات الحرارة المرتفعة والمناخ الجاف بمعنى لا تحتاج لكميات كبيرة من الماء كما أنّها غير حسّاسة للمياه المالحة وهي زراعة تثمن نوعية المياه المالحة خاصة في منطقة وادي ريغ، كما أنّها تتأقلم مع أنواع التربة المختلفة وتفضل التربة الخفيفة ولا تحتاج لكميات كبيرة من التسميد، مدة زراعتها من 3 إلى 5 أشهر حسب النوع، وبكثافة زرع منخفضة تتراوح بين 5 إلى 7 كلغ في الهكتار. أما عن قيمتها الغذائية فهي عالية إذ أن الكينوا مصدر عال ومتكامل للبروتينات، خال من الغلوتين الذي يتحسّس منه مرضى السيلياك، وتمثل أيضا مصدرا عاليا للألياف الغذائية، حيث أنّ الكوب الواحد من الكينوا غير المطبوخة يحوي معدل يتراوح ما بين 17 و27 غم من الألياف بحسب نوعها، كما تعتبر الكينوا مصدر عال للعديد من مضادات الأكسدة ولديها قدرة كبيرة على الإحساس بالإشباع مع قلة الحريرات لذلك ينصح بها للرياضيين وأصحاب الريجيم الغذائي لإنقاص الوزن. - ما هو ملخّص ما يقوم به المعهد التّقني لتنمية الزّراعة الصّحراوية من تجارب وبحوث في زراعة الكينوا؟ أجرينا تجارب على حوالي 16 نوعا من الكينوا لمدة موسمين وبعد إثبات تأقلمها قمنا في العام الماضي بإخراج أكثر الأصناف تأقلما للفلاحين عبر حقول نموذجية في كل من بسكرةالوادي وأدرار وورقلة، ونحن اليوم في العام الثاني لدى الفلاحين والرابع منذ بداية التجارب.
- تجاوز مشكل التسويق عبر تشكيل تعاونية ما هي الأساليب التي تتّبعونها حاليا من أجل تعميم زراعتها ونشر ثقافة استهلاكها؟ نعتمد في الوقت الراهن على الإكثار من حقول الإيضاح وزيارة ومتابعة الفلاحين المهتمين، فحاليا بمنطقة وادي ريغ فقط هناك أكثر من 15 فلاحا جرّبوا الكينوا على الأرض هذا العام، وقد قمنا بتأطيرهم وتشجيعهم، حيث تمت زراعة هذا الموسم حوالي 04 هكتارات موزعة على الفلاحين، وبما أن معظمهم في أول تجربة فمن المتوقع إنتاج من 20 إلى 30 قنطار. ومن أجل المساهمة في رفع ثقافة الاستهلاك لدى المواطن المحلي نعمل على تنظيم أيام حقلية وإعلامية من أجل التعريف بهذه الحبوب في الحقول، كالتي قمنا بها بمناسبة انطلاق زراعتها هذا العام بمزرعة الفلاح الطاهر برجوح بأم الطيور وعبد الحميد بوصلاوي ببسكرة أو عبر أيام دراسية داخل القاعات مثل ما قمنا به على مستوى مركز التكوين والإرشاد الفلاحي في تقرت، بالإضافة إلى العمل على نشر أهمية زراعتها عبر صفحة المعهد التقني لتنمية الزراعة الصحراوية أو صفحة المحطات التابعة له وأيضا قمنا بإنشاء مجموعة خاصة بالكينوا بالفايسبوك منذ ديسمبر2014 تجمع كل الأنشطة التي نقوم بها أو يقوم بها غيرنا في الجزائر. وفضلا عن النشاط الإعلامي عبر الإذاعات المحلية والجرائد والتلفزيون، نقوم بالمشاركة في المعارض الوطنية والمحلية، وقد أشرفنا على تنظيم الملتقى الأول للكينوا بالجزائر بالتنسيق مع مصالح بلدية جامعة وجمعيتي القافلة السياحية وعين عبيدة الفلاحية خلال شهر جانفي الفارط، وذلك بمشاركة متدخّلين عرب على غرار الدكتور المصري عمرو شمس خبير وباحث بالكينوا بجمهورية مصر العربية والدكتور أحمد مرواني أستاد بجامعة جندوبة بتونس تم من خلالها الإطلاع على تجارب الدول المجاورة في مجال زراعة الكينوا. - العديد من الجهات التي اعتبرت إنتاج الكينوا في الجزائر سيغني عن القمح فهل تعد فعلا بديلا له؟ لا على الإطلاق يمكن ذلك فقط بالنسبة لمرضى السيلياك، أما عموما فالقمح محصول استراتيجي لا يمكن أن يعوض بأي حال من الأحوال بمحصول آخر، ولكن نظرا لظروف منطقتنا الصعبة فالكينوا تعد تثمينا لنوعية مياه السقي المالحة والمناخ الجاف الذي لا يتناسب مع محاصيل كثيرة خاصة وأن سعرها في الأسواق العالمية مازال مرتفعا. - هل طريقة طهيها سهلة أم أنّها تتطلّب معرفة جيّدة بكيفية استهلاكها؟ ❊❊ نعم جد سهلة، شرط أن تكون منزوعة الصابونين لأنّ الكينوا محاطة بغلاف من مادة الصابونين تختلف نسبته من نوع إلى آخر، لذلك تصنّف إلى كينوا حلوة وكينوا مرة، لكن ذلك لا يمنع استهلاكها شرط إتقان تنظيفها قبل استعمالها، إما ميكانيكيا عبر آلات خاصة وإما عن طريق غسلها وغليها في الماء وتستهلك كما الأرز سلطة أو شوربة، ويمكن أن تطحن وتضاف إلى الدقيق لصنع الخبز أو الكعك أو المعجنات للرفع من قيمتها الغذائية هذا بالنسبة للبذور، أما أوراق الكينوا فتأكل خضراء وهي جد لذيذة تستهلك مثل أوراق السلق غنية بالألياف والحديد، وجرّبت عند عدة فلاحين مثل الطبق المشهور «البندراق مع الكسكسي». - ما هي الآفاق المستقبلية لزراعة الكينوا في المناطق الصحراوية؟ خلال هذه الفترة البسيطة وعبر احتكاكي بالعديد من الفلاحين أجد أنّ هناك تقبّلا واضحا لزراعة الكينوا واستعدادا كبيرا لإنتاجها، يبقى المشكل في تسويقها وقد اقترح بعض الفلاحين النشطين احتمالية تشكيل تعاونية خاصة بالكينوا تعنى بتنظيم زراعتها وتسويقها من أجل تجاوز هذا المشكل، عدا ذلك فإنّني أتوقّع أن تأخذ الكينوا مكانا في مائدة الجزائريين لما لها من فوائد كبيرة، خاصة مع انتشار بعض الأمراض بمنطقتنا، كما أنّها ستأخذ حيّزا كبيرا من الأبحاث على مستوى الجامعات بعد إبرام المعهد لاتفاقيات تعاون مع الجامعات لتطوير هذه الزراعة.