* جمال سويسي: ”مردودية التجارب الميدانية بلغت في المتوسط 25 قنطارا في الهكتار الواحد” تقف الجزائر اليوم أمام تحدي القضاء على الجوع وهو الهدف الأول من أهداف الألفية لمنظمة التغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، حيث تخوض اليوم تجربة فريدة من نوعها في القطاع الفلاحي لمحاربته وتحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي عبر زراعة نبات ”الكينوا” المعروف بقيمته الغذائية الكبيرة في مكافحة الجوع. فيما لاتزال نبتة ”الكينوا” مجهولة في الجزائر وشيئا جديدا يستدعي الدراسة، ولكن وفق الدراسات التي قامت بها وزارة الفلاحة والتنمية الريفية إلى جانب منظمة التغذية والزراعة، فيمكن اعتبارها مكملا مناسبا لحبوب القمح، وعليه تقلل من حجم الواردات الذي يتزايد سنويا نظرا للإقبال الداخلي الكبير. وتكمن أهمية هذه النبتة بالنسبة للجزائر حسب الخبراء في قدرتها على مقاومة مختلف الظروف المناخية القاسية كالجفاف وفقر التربة والملوحة، ولذا يمكن استعمالها ضد التصحر كون ”الكينوا” تنمو في المناطق الجافة حيث يمكن أن تقدم مردودا مقبولا في 100 ملم من مياه الأمطار، والنمو في التربة المالحة التي تحتل مساحات شاسعة في الغرب والجنوب الجزائري. السلطات تقرر توسيع زراعة الكينوا... وبداية الإنتاج نهاية 2016 وفي هذا الخصوص، أكد جمال سويسي المدير العام للمعهد التقني للتنمية والزراعة الصحراوية ببسكرة في تصريح ل ”الفجر”، نجاعة تجارب زراعة نبات الكنوا في عدة مناطق مختلفة المناخ والتربة، مؤكدا أنه نجح بصورة مبهرة، حيث كشف سويسي أنه تم تجربة 18 صنف والمردودية بلغت في المتوسط 25 قنطارا في الهكتار الواحد. وأضاف المسؤول ذاته أن السلطات تعتزم وبشكل جدي إكمال المسار وإخراج زراعة هذه النباتات من الحقول التجريبية إلى حقول أوسع، حيث أكد المسؤول أنه سيتم توزيع الحبوب على بعض الفلاحين، مشيرا إلى أنه سيتم تقديم بذور الكينوا لصنف أو صنفين فقط لفلاح واحد في كل ولاية ومرافقته تقنيا، إذ يتم زراعتها في حقول صغيرة لا تتجاوز 1000 متر مربع، وعليه يكون توسيع زراعتها تدريجيا قصد التعريف بها باعتبارها تجربة فريدة على الجزائريين نهاية السنة الجارية. أما بشأن التحديات التي واجهت زراعة هذه النباتات، أكد رئيس قسم البحوث والتجارب في المعهد التقني لتنمية الزراعة الصحراوية بولاية بسكرة، أن الدعم المالي هو ما قلص من أهمية المشروع، مشيرا إلى أن ”الفاو” قامت بمرافقة الجزائر عبر جلب البذور، حيث ساعدت بقرابة 18 طنا من البذور التي تم زراعتها تتضمن 18 صنفا، وأضاف أن بلدان فقط في العالم ينتجان هذه الحبوب وهما البيرو وبوليفيا، وهذا ما أدى إلى نقص توفرها في الأسواق الدولية، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن الكيلوغرم الواحد يتجاوز سعره 10 أورو في أوروبا. ومن جهة أخرى، يتوفر النبات ”العجيب” على قيمة غذائية كبيرة، حيث أكد سويسي ذاته أن الكينوا مصدر مهم للبروتين النباتي وبسبب خلوه من مادة الغلوتين تعتبر الكينوا الحل الأمثل لمرضى السيلياك أو حساسية الجلوتين. وتعتبر الكينوا أيضا الغذاء النباتي الوحيد الذي يحتوي على جميع الأحماض الأمينية الأساسية والعناصر النادرة والفيتامينات، مع قدرة أوسع على التكيف مع مختلف البيئات الإيكولوجية والمناخات، مع مقاومة استثنائية للجفاف ورداءة التربة والملوحة العالية، فإنه يمكن زراعتها بنجاح من مستوى سطح البحر إلى ارتفاع أربعة آلاف متر وبإمكانها أن تقاوم درجات حرارة تتراوح بين 8 و38 درجة مئوية. جهل الفلاحين بالنبات يقف حجر عثرة أمام توسيع زراعته رغم الفوائد التي يتميز بها هذه النبات، ومردودها التنموي، إلا أن تعميم زراعتها يواجه مخاوف الفلاحين من زراعة نبتة دخيلة عليهم، حيث أكد سويسي أنه يستلزم بدء التجارب والحملات الترويجية في أوساط الفلاحين، مشيرا إلى أنه ”بعد معرفة جدوى المشروع ستتواصل المصالح المعنية بشؤون الفلاحين النموذجيين في الصحراء، ومن المتوقع أن يكون ذلك ابتداء من نهاية العام الجاري”، وأشار سويسي أيضًا إلى إمكانية ”تسويق المحصول وتصديره للخارج في ظل أزمة النفط الحالية”. وتقوم الجزائر بزراعة نبات ”الكينوا” المعروفة بتسمية ”الحبوب العجيبة” في المحطات التجريبية التابعة لمعاهد وزارة الفلاحة والتنمية الريفية في كل من ولاية بسكرة وتيارت وسطيف ومدينة عين السخونة ولاية سعيدة، غيليزان وباتنة، والتنوع المناخي لهذه المناطق جاء لتجربة مدى تكيف النبات مع مختلف أنواع الأتربة وكذا مختلف الظروف المناخية، والمعروف عن نبات الكينوا حسب المختصين أنه يتأقلم في أكثر الأتربة ملوحة وكذا في المناطق شديدة الحرارة وتنمو حتى على ارتفاع 4000 متر فوق سطح الأرض. وأطلقت منظمة الأغذية والزراعة ”فاو”، مشروعا إقليميا للدعم التقني لإدخال زراعة الكينوا واعتمادها والعمل على إنتاجها في الجزائر ومصر وإيران والعراق ولبنان وموريتانيا والسودان واليمن، بفضل خصائصها الغذائية الكبيرة، وقدرتها على التكيف في ظروف مناخية وزراعية مختلفة. ومن جهته، قال ممثل منظمة الفاو في الجزائر، نبيل عساف، في تصريح خص به ”الفجر” في وقت سابق، أن ”الكينوا” تعد غذاء متكاملا ولكن لم يتم إدخاله إلى دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مؤكدا أن الفاو تعمل على مساندة هذه الدول لزراعته والاستفادة من قيمته الغذائية الكبيرة، مشيرا إلى أن إعداد المشاريع يتطلب وقتا طويلا ودعاية كبيرة، وأكد عساف أنه لابد من المراقبة التقنية لكل دولة عن طريق خبراء، مشيرا إلى أن المكتب التقني ل”الفاو” بالقاهرة يشرف على المشروع.