كشف «بوعزة العيد» مدير المصالح الفلاحية لولاية تندوف أن شعبة التمور بالولاية تعتبر من الزراعات الاستراتيجية التي أولت لها الدولة عناية كبيرة في المنطقة، وأخذت قسطاً كبيراً من الاهتمام بفضل الدعم والمتابعة المستمرة للفلاحين من خلال المخطّط الوطني للتنمية الفلاحية وصناديق الدعم التي ساهمت بشكل كبير في النهوض بها، موضحا بأن إجمالي المساحة المغروسة من النخيل بلغت 433 هكتار تحتوي على أزيد من 45 ألف نخلة منها 35555 نخلة منتجة، بمعدل إنتاج بلغ حوالي 9800 قنطار من التمور سنوياً بمختلف الأصناف المحلية. وشرعت مديرية المصالح الفلاحية بالولاية مؤخراً في عملية مسح شاملة مسّت كل المحيطات الفلاحية باستثناء بلدية أم العسل والواحة القديمة قصد إحصاء والتعريف بأنواع التمور المتواجدة بالمنطقة، وتهدف هذه الدراسة التي أجريت بالتنسيق مع المعهد التقني لتنمية الزراعة الصحراوية إلى تثمين أصناف التمور المنتشرة في المنطقة وإعداد بنك معلومات لأنواع التمور وجودتها، وقد خلصت الدراسة التي بلغت 70% وتحصلت «الشعب» على نسخة منها، إلى إحصاء 14 نوعا من التمور في انتظار استكمال الشقّ الثاني من الدراسة والمتعلّق بإحصاء أنواع أشجار النخيل ومعرفة مدى تأقلمها مع مناخ المنطقة مقارنةً بقريباتها في المناطق الأخرى، ولم تسجل مديرية المصالح الفلاحية أمراضا خطيرة على مستوى النخيل أو التمور، باستثناء بعض الأمراض الثانوية على غرار (العنكبوت الأحمر) و(القشرية البيضاء) التي سخرت لها الدولة إمكانيات معتبرة للحيلولة دون انتشارها، وهو ما أكده مدير المصالح الفلاحية بالولاية، موضحاً أن مصالحه شرعت في تطبيق تعليمات الوزارة الوصية والتي تهدف إلى ترقية شعبة التمور في إطار الصندوق الوطني للضبط والتنمية الفلاحية، حيث تمّ غرس 224.5 هكتار وإعادة الاعتبار ل14 هكتار أخرى من النخيل بغلاف مالي يفوق 04 مليار سنتيم كدعم مباشر للفلاحين، إضافة إلى البرامج القطاعية الخاصة بمحافظة الغابات وضخّ مبالغ مالية معتبرة لمنتجي التمور كتعويض على أعباء المواد الطاقوية، هذه الاستراتيجية لاقت استحسان بعض الفلاحين وأسهمت بشكل كبير في الرفع من كمية إنتاج التمور بالولاية لتقفز في فترة وجيزة إلى 9800 قنطار سنوياً يوجه معضمها للسوق المحلية، في حين سارع البعض إلى طرق أبواب الأسواق الوطنية والشروع في تجربة تصدير التمور من ولاية تندوف إلى ولايات أخرى، وهي تجربة أثبت «بوغنامة عبد الرزاق» المستثمر بمنطقة «القرارة» نجاحها من خلال تمكنه من تعليب وتصدير التمور المحلية بكميات معتبرة إلى خارج حدود الولاية، لتتحوّل المنطقة بذلك من مستهلك رئيسي للتمور في سنوات ماضية إلى منطقة يعوّل عليها الكثير في دعم الانتاج الوطني من هذه المادة وتحقيق الاكتفاء الذاتي في الأسواق المحلية، وقد نوّه مدير المصالح الفلاحية بالدور الكبير الذي تلعبه الفلاحة العائلية في إنعاش السوق المحلية بالتمور والدعم الكبير لشعبة التمور من طرف الدولة، مؤكداً على أن إنتاج التمور بالمنطقة حقّق مستويات غير مسبوقة من حيث كمية الانتاج وسلامة أشجار النخيل من الأمراض الخطيرة، غير أن المشاكل المسجّلة على أرض الواقع «لا تبشر بالخير» وتنبئ بضياع المحاصيل إن لم يتم تدارك الوضع من طرف الفلاحين، داعياً المهنيين المنضوين تحت تعاونية مركالة لإنتاج التمور وجمعيات منتجي التمور في كل من «واد الجز» و»القرارة» إلى تحمّل مسؤولياتهم وتكثيف الجهود من أجل إظهار الانتاج في السوق المحلية، وأضاف المتحدث أن المشاكل المسجلة في شعبة النخيل تتعلّق في مجملها بتقصير من طرف الفلاحيين وعدم التزامهم بعناية النخيل بشكل دوري وعدم امتثالهم لتوجيهات المختصين، إضافة إلى نقص اليد العاملة المؤهلة وعزوف الشباب عن ولوج قطاع الفلاحة واعتماد الفلاحين على وسائل أقرب ما تكون إلى البدائية في الاعتناء بالنخيل وجني التمور. من جهة أخرى، أكد بعض الفلاحين ل «الشعب» على ضرورة استحداث معهد تقني بولاية تندوف يُعنى بدراسة النخيل والتمور وتكوين الفلاحين في هذا المجال «تكويناً جدياً» والتوقف عن التعامل مع بعض المعاهد الوطنية بالصور الفوتوغرافية والعينات، وهي أساليب تستنزف الوقت والجهد دون تحقيق النتائج التي يطمح إليها الفلاحون على حدّ تعبيرهم، مؤكدين من جهة أخرى أن قلة المياه الجوفية في بعض المحيطات الفلاحية، خاصة الجنوبية منها ومواصلة السلطات الوصية تطبيق سياسة منع حفر مناقب في هذه المحيطات أثر سلباً على النمو العادي للنخيل وكمية الانتاج، بالإضافة إلى عدم ملائمة التربة في هذه المحيطات لمثل هذه الزراعات، وأرجعوا السبب إلى غياب دراسة تقنية وجيولوجية ناجعة وتغييب أصحاب الاختصاص قبل الشروع في استحداث المحيطات الفلاحية، هذا الواقع وإن كان قد حقّق نجاحاً معتبراً في منطقة «القرارة» من حيث نوعية وكمية الإنتاج، إلا أنه وضع القطاع أمام صخرة الفشل بمنطقة «حاسي عمّار» وكبّد الفلاحين في إطار الامتياز خسائر بالجملة وسنوات من العمل الجاد التي راحت أدراج رياح دراسات تقنية لم تأخذ بعين الاعتبار طبيعة التربة وشحّ المياه الجوفية في هذه المناطق. وبين اتهام السلطات الوصية للمهنيين بالتقصير ومطالب الفلاحين بالتكفل بانشغالاتهم تواصل شعبة التمور بولاية تندوف البحث عن مكان لها في السوق المحلية وسواعد جادة من شأنها النهوض بالشعبة وتطويرها في منطقة لازالت المستهلك الأكبر للتمور.