كلّما بدت البوادر الأولى للحرارة بولايات الجنوب إلا وتتحوّل فاتورة استهلاك الكهرباء إلى هاجس يقلق بشكل دائم السكان، نظرا لما تحمله من مبالغ خيالية أحيانا جرّاء ما استفاد منه خلال فترة معيّنة. ويصنّف فصل الصّيف في خانة الاستثناء في هذه المنطقة، تحتاج فيه العائلات إلى كميات تختلف اختلافا كاملا عن باقي الفصول الأخرى، وهذا باستعمال المزيد من الأجهزة منها خاصة المكيّفات الهوائية التي فعلا لا ترحم أحدا في تسجيل أرقام متفاوتة على واجهة العداد، ناهيك عن العتاد الكهرو منزلي الآخر الذي يستعمل في الأشغال بالبيوت. وارتفاع مؤشّر الحرارة في مرحلة الذّروة لا يعفي تلك العائلات من اللّجوء الى كل الوسائل التي بإمكانها التّخفيف من لفحاتها وإنعاش الجو بداخل المنازل. وهذا يعني مثلا أنّ المكيّفات الهوائية المنصّبة في كل البيوت تشتغل ليلا ونهارا لا تتوقّف أبدا إلا في حالة استثنائية كإعادة صيانتها، هذا ما يشير إلى أنّ القيمة المالية المقرّر دفعها ستكون غير عادية وتكلّف أصحابها غاليا. ومايزال المواطن في هذه الولايات غير راض عمّا يصله من التّسعيرة الخاصة بفاتورة استهلاك الكهرباء، واصفا إيّاها بالمجحفة والمتجاوزة لكل الحدود تتضاعف بحوالي 3 أو 4 مرات من حيث قيمتها، والكل يلاحظ بأنّ ذلك الفارق الكبير ما بين مرحلتي ما قبل وما بعد هذا الفصل. وتلك الاضافة المقحمة هي التي تجعل العائلات تنزعج لمّا ترى تلك الفاتورة أمامها، وبأرقام فعلا تؤثّر تأثيرا مباشرا وقويا على من هو مطلوب منه أن يسدّدها في الوقت المناسب لتفادي تداعيات إدارية أخرى. من خلال مراسلينا أخذنا عيّنات حيّة لولايات في جنوبنا الكبير مع بداية فصل الصيف للاطّلاع على حيثيات الملف في تفاصيله المتعلّقة حول كيفية التعامل مع هذا الواقع، الذي يعود إلى مسؤولية المواطن بالدرجة الأولى وأفعاله تجاه المحافظة على حد أدنى من الاستهلاك بتفادي اللجوء الى المكيّفات، مجفّف الشعر، الليسور، المكواة وآلة طي الملابس مرة واحدة، هذا ما يؤدّي إلى امتصاص كمية لا يتصوّرها هؤلاء تعود بالسّلب على الجميع لاحقا عندما يأتي عون الكهرباء والغاز حاملا معه «النّبأ السّار»، ومثل هذه الحالات المذكورة هي التي دفعت بالبعض إلى الرّبط العشوائي والتّحايل على العدّاد، لابد من إيجاد صيغ أكثر فعالية تدعو المواطن إلى تقليص ذلك الاستهلاك غير الطّبيعي للكهرباء في الجنوب، ويظهر ذلك عبر السياسات العمومية وفي برامج السّلطات العمومية.