اعتبر الخبير الاقتصادي السيد مالك سراي، الإجراءات التي اتخذتها الحكومة أول أمس لوضع حد لارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية حلولا ظرفية، كونها ستعمل على تهدئة الجبهة الاجتماعية لفترة 6 أشهر، ودعا المستشار الدولي السلطات العليا للبلاد لتحليل المعطيات المتوفرة على مستوى الأسواق خلال هذه الفترة لتحديد الأطراف المسؤولة عن رفع أسعار مادتي السكر والزيت، لاتخاذ إجراءات صارمة ضدها. قال الخبير الاقتصادي السيد سراي في تصريح خص به جريدة «الشعب» أمس أن الجزائر تعيش أزمة مشابهة لتلك التي حدثت مع مادتي الإسمنت والحديد، متوقعا أن تتجدد أزمة ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية بعد انقضاء فترة 6 أشهر التي حددتها الحكومة لإعادة ضبط أسعار هذه المواد، حيث سيعمل المحتكرين حسبه على خلق مشاكل ليست تجارية فقط وإنما أمنية. وفي هذا السياق شدد ذات المتحدث على ضرورة تدخل الدولة لممارسة رقابة شديدة لكسر الاحتكار وذلك عن طريق فتح المجال لتجار آخرين لخلق المنافسة وإلزام البنوك على تقديم قروض لمتعاملين اقتصاديين جدد بدل ترك السوق لثلاث متعاملين معينين يحتكرون مادتي السكر والزيت ويقررون رفع أسعارها متى أرادوا دون حسيب أو رقيب. ورغم أن السيد سراي أرجع أزمة ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية إلى عوامل دولية وأخرى وطنية حيث ساهمت الظروف المناخية الصعبة التي ميزت القارة الأوروبية والأمريكية في الشهر الأخير من سنة 2010 في تقليص المواد الغذائية المطروحة في الأسواق الدولية وبالتالي ارتفاع سعرها دوليا ووطنيا، إلا أنه حمل وزارة التجارة جزء من مسؤولية ارتفاع أسعار المواد الغذائية على مستوى الأسواق الوطنية كونها فشلت في عملية مراقبة السوق المنوطة بأعوان الرقابة التابعين لها، الأمر الذي يستدعي حسبه إعادة النظر في هيكلة هذا القطاع وتقوية مفتشية الرقابة بالتنسيق مع وزارة الداخلية والجماعات المحلية من خلال إشراك الدرك الوطني والشرطة في عملية مراقبة مخازن التأمين. ويرى الخبير الاقتصادي أنه لا بد على الدولة أن تتدخل في عملية نقل وتوزيع البضائع بصفة منتظمة حتى تسوق بنفس الأسعار على مستوى كل ولايات الوطن وحتى لا يضطر المواطن بولاية بشار مثلا لشراء نفس المادة بضعف سعرها الذي تباع به في ولايات الشمال. كما يتعين على الدولة -حسب السيد سراي- مراقبة عمليات الاستيراد، ومراقبة الأسعار بعدما عمد المحتكرين إلى إنشاء «مخازن اللعبة» لتخزين المواد المستوردة وإعادة تسويقها وقت الندرة بأسعار مرتفعة جدا. ورسم السيد سراي صورة سوداوية عن المرحلة المقبلة، حيث قال أن الوضع الاجتماعي ينذر بظهور أمراض جديدة نتيجة نقص التغذية، ما يتعين على الحكومة التحرك العاجل لإيجاد حلول جذرية لكل المشاكل المرتبطة بأسعار المواد الغذائية واسعة الاستهلاك، حتى لا تتحول الأزمة التجارية حاليا إلى أزمة اقتصادية مستقبلا.