إشادة بالجزائر واتفاق 2016 غير قابل للمساس حدث بارز عاشته الجزائر امس في اجتماع الاوبك والشركاء 10 للحسم في مسائل تخص استقرار السوق تطبيقا للقرارات التاريخية في اول لقاء سنتين مضتا وما تبعه من لقاءات في فيينا. أشغال اللقاء العاشر للجنة المتابعة الوزارية المشتركة للدول الأعضاء في منظمة «أوبك» ومن خارجها بمشاركة 24 دولة منتجة للنفط وبحضور 10وزراء و5 نواب وزراء، طغى عليها مبدأ التوافق الذي اقر في اجتماع الجزائر التاريخي عام 2016، خاصة الالتزام بموقف مشترك موحد على صعيد استقرار السوق البترولية وتماسكه. أبدى المشاركون حرصهم الكبير من أجل الابقاء على الزيادة مستقرة مع مواصلة استحداث آليات طويلة المدى بين أوبك والمنتجين المستقلين من خارجها، مع فتح المجال لدول أخرى من المنتجين للانضمام وراهنوا على الثقة القائمة التي من شأنها أن تشجع على العمل أكثر وبالتالي إرساء ميثاق للعمل على المدى الطويل كون ذلك يمنح ضمانات أكبر لاستقرار الاسواق ويجعل المنتجين الشركاء يتحكمون في السوق أكثر. لكن بالموازاة مع ذلك سجل توقع مواجهة تحديات أكبر ستكون أصعب في المرحلة المقبلة إذا لم يتعاون وينسق المنتجون الشركاء مع بعضهم البعض، ودعوا إلى ترقية تبادل المعلومات بخصوص تطور السوق وإطلاق آفاق بترولي لعام 2020. وحاولوا طمأنة المستهلكين بالسهر على الامدادات الدائمة للذهب الأسود، مؤكدين بأن أوبك ليست كارتل أو فضاء للاحتكار بل أرضية تعمل على استقرار السوق البترولية للمنتجين والمستهلكين على حد سواء اعتبر مصطفى قيتوني وزير الطاقة أن إعلان التعاون ما بين «أوبك» وشركائها من المنتجين المستقلين حقق نجاحا باهرا ويعد في نفس الوقت تاريخيا، مؤكدا في سياق متصل أنه من مصلحة المنتجين والمستهلكين وكذا الصناعة البترولية، الاستفادة من آثاره الإيجابية وضمان انتقال مرن من أجل عدم زعزعة الاستقرار الحالي الذي يشهده توازن السوق النفطية، واغتنم وزير الطاقة قيتوني الفرصة ليدعو الدول المشاركة إلى النظر في السبل والوسائل الكفيلة بهدف استمرار التعاون المشترك، وبالإضافة إلى الحفاظ على أسس الحوار المستمر بين دول أوبك والدول غير الأعضاء في أوبك، وإلى جانب بين البلدان المنتجة والمستهلكة. ولم يخف أن الجزائر بفضل تاريخها وتقاليدها الراسخة كانت ومازالت دوما تسعى لتقريب وجهات النظر بين الدول. ولم يخف وزير الطاقة مصطفى قيتوني تشكيك العديد من الاطراف في السابق على القدرة الجماعية لأوبك وشركائها على تطبيق الاتفاق وكذا العمل بفعالية من أجل التخلص من المخزون النفطي الزائد، ومن ثم إعادة التوازن للسوق النفطية، لكن أشار الوزير إلى تحقيق الأهداف بفضل القدرة الجماعية والعمل بمرونة، وخلص إلى القول في هذا المقام أن أشغال لجنة المتابعة الوزارية المشتركة وهيئتها الفنية، تعد تعبيرا لهذا الحكم الراشد الذي من شأنه منح السوق البترولية رؤية واضحة وشفافة خاصة حول المستوى الشهري للعرض. وعاد الوزير ليذكر بمسار الجزائر الثري وجهودها المعتبرة من أجل المساهمة في تصحيح اختلالات السوق النفطية، حيث قال بأنها كانت دائما تسعى لتقريب وجهات النظر بين الدول الشقيقة والصديقة، وأوضح أنه بعد تأميم المحروقات في بداية عقد السبعينات، انعقدت بالجزائر عام 1975أول قمة لملوك ورؤساء الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك»، التي صدر عنها الإعلان الرسمي الأول بالجزائر، وعقب ذلك عقدت هذه القمة عدة اجتماعات للمنظمة في كل من الجزائر ووهران، وحققت نجاحا كبيرا، واللقاء الهام يتجدد مرة أخرى من خلال لجنة المتابعة الوزارية المشتركة بين «أوبك» ومن خارجها من المنتجين المستقلين الذين اختاروا الجزائر لعقد لقائهم. الاستراتجيات والاستشراف في الواجهة ومن جهته وزير الطاقة السعودي خالد بن عبد العزيز الفالح ورئيس لجنة المتابعة الوزارية المشتركة داخل وخارج أوبك، قال بأن اوبك وشركائها حققوا نتائجا جيدة، مثنيا في نفس الوقت على الاجتماع التقني الذي ذكر بأنه بذل جهدا كبيرا في إطار النتائج الإيجابية واغتنم الفرصة ليشيد بعمل اللجنة المشتركة والجزائر وقيادتها الرشيدة ممثلة في رئيس الجمهورية وكذا المسؤولين في أوبك بفعل جهودهم التي أفضت إلى إرساء العديد من المكاسب، وأكد بأنهم جميعا معنيون وواعون أن السوق النفطية تكتسي أهمية من أجل ازدهار طاقاتنا واقتصادياتنا، لكن يتطلب ذلك حسب الفالح المزيد من الكربوهدريات، مسجلا أن أوبك لعبت دورا كبيرا في استقرار السوق، وراهن بالموازاة مع ذلك على مستوى الثقة الموجود بين البلدان المنتجة والمستهلكة للبترول، وإرادة تسهيل التزود بالبترول، وأشاد كثيرا بقرار شهر جوان الماضي. زيادة في الطلب ب1,5٪ حاول وزير الطاقة السعودي استعراض الجوانب الرئيسية والمتمثلة في عناصر مرتبطة بالسوق، ويتعلق الأمر بالعرض والطلب، وبدا جد متفائلا من حيث النتائج المرضية، مقدرا تسجيل زيادة في الطلب على النفط ب 1.5مليون برميل، واصفا ذلك بالمؤشر المشجع، لكنه لفت الانتباه إلى ضرورة أخذ ذلك بالكثير من الفطنة واليقظة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن تحديات الدول النامية والتأثيرات على الاقتصاد الشامل وعلى السوق البترولية كبيرة، حيث رغم تذبذب الاقتصاد ذكر رئيس لجنة المتابعة وجود ميل عام نحو الرضا يضاف إليها توقعات المنظمة الاقتصادية الاوروبية للخمس سنوات المقبلة المتمثلة في بلوغ المستوى المطلوب. وسجل الفالح زيادة في الاستثمارات البترولية وخاصة ما تعلق بانتعاش الصناعة النفطية، وبالنظر للمصاريف في نشاطات الاستثمار توجد مساحة معتبرة من الثقة آفاق واعدة للصناعة في المجال البترول الموجهة ل25 دولة، من خلال التعاون، متوقعا أن تصبح قوية مستقبلا. واعترف رئيس لجنة المتابعة الوزارية المشتركة أن تظافر جهود الشركاء داخل وخارج أوبك، سمح باستقرار السوق، ودعا إلى عدم البقاء مكتوفي الأيدي من خلال البقاء في السوق والعودة إلى الاقتصاد الكلي والأخذ بعين الاعتبار الوضع الجيو سياسي وتبني الاستراتجيات والاستشراف للمستقبل واتخاذ القرارات لتلبية طلبات المستهلكين وتقديم الكميات اللازمة، التي يحتاجها السوق وتجنب أي ندرة أو انقطاع للإمدادات، حتى لا تهتز الأسواق ولا يتزعزع لا العرض ولا الطلب. وشدد الرئيس كثيرا على ضرورة الحفاظ على نهج الحوار والإبقاء عليه بين المنتجين والمستهلكين. وبخصوص اتفاق الجزائر عام 2016أفاد بأنهم يحتفلون بذكراه الثانية، وأثبتوا للجميع بأن العمل المشترك ضروري ووحد جميع المنتجين الشركاء، لمواجهة في السابق الزيادة المفرطة وفوق ذلك فتحوا حوارا مع المستهلكين، وهذا الحوار على حد تقديره سمح بمعرفة رؤية ومواقف المستهلكين، وعبر الفالح عن الحرص القائم من أجل الإبقاء على الزيادة مستقرة مع مواصلة استحداث آليات طويلة المدى بين أوبك ومن خارجها من الشركاء، رغم أن المحيط متذبذب، مبديا قناعة على الابقاء على استقرار السوق مع الأخذ بعين الاعتبار القرارات وتقديم الثقة للأسواق والبقاء تحت قيادة أوبك والشركاء من خارجها، مع فتح المجال لدول أخرى من المنتجين للنفط في العالم للانضمام. ويرى أن «أوبك» صارت جسرا يربط بين المنتجين والمستهلكين. سوق متوازن على المدى البعيد أما ألكسندر نوفاك وزير الطاقة الروسي ورئيس لجنة المتابعة مناصفة، اعترف بتسجيل آثار جد إيجابية للتعاون المستمر والمثمر لمنظمة أوبك ومن خارجها وتلمسه الجميع، ويرى بأن الجهود المبذولة أسفرت عن تحقيق الأهداف المتميزة كون الإنتاج يفوق 1مليون برميل يوميا، بفضل مقاربة مشتركة سمحت للدول الأعضاء بإرساء الكثير من المكاسب وجعلت الشركاء يقتربون من الهدف المسطر للدول الأعضاء وغير الأعضاء في الأوبك، بل قال بأنهم بلغوا الهدف الذي تم تسطيره في السابق، واعتبر نوفاك أن اتفاق شهر جوان الماضي سمح بإرساء محيط مناسب وبيئة ملائمة. وبما أننا في الفصل الأخير من عام 2018، شدد على ضرورة النظر إلى التعاون المشترك ومواجهة التحديات التي تسجل يوميا بالرغم من أن وضعية الأسواق أفضل بالنسبة للمستهلكين والمنتجين، وحذر من التحديات المؤثرة عليهما على حد سواء، ويعتقد وزير الطاقة الروسي ورئيس لجنة المتابعة مناصفة أن العقوبات التي تفرضها بعض الدول وكذا الحرب التجارية قد تتسبب في عدم مواكبة الاقتصاد العالمي للتطور. واقترح نوفاك توسيع هذه الشراكة لمواجهة مختلف التحديات التي تواجهها الدول المنتجة للنفط حاليا ومستقبلا، وتبني مختلف أشكال التعاون وحماية الأرضية والادوات المستحدثة، وبالتالي مواجهة التحديات بطريقة احترافية والتفرغ للتنمية المستدامة في قطاع الطاقة بصفة عامة ولأن مختلف المنتجين والمستهلكين ينتظرون التعاون والمقاربة المثلى لاستقرار السوق. وخلص نوفاك إلى القول بأن قناعته راسخة من أن الجهود المشتركة من شأنها أن تثمر لتحقيق نتائج جد إيجابية لضمان سوق متوازن على المدى البعيد، وأثنى كثيرا على جهود الجزائر في التنظيم وجهود اللجنة التقنية في مواجهة توترات السوق. الجزائر دولة المواقف أشاد سهيل بن محمد المزروعي وزير الطاقة الاماراتي ورئيس منظمة أوبك كثيرا على الدور الريادي الذي لعبته الجزائر، ووصفها بالعضو الهام في منظمة أوبك، وقال أنها منذ البداية كانت عضوا مهما، وفي أصعب الظروف كانت موجودة كمحفز خلال هذه المراحل، ولم يفوت الفرصة للثناء على جهود الرئيس عبد العزيز بوتفليقة التي قدمها لمنظمة أوبك، ووقف على التقارب في هذه اللجنة مع السعودية وذكر أنه منذ سنتين كانت السوق تتميز بإضطراب والجميع كان يثق في الشركاء من الدول المنتجة للنفط لتكريس التوازن. وبالفعل تغيرت الأمور بطريقة كبيرة، واعترف بأنهم لن يتوقفوا وسوف يواصلون متحدين من أجل الوصول إلى تحقيق الأهداف الجوهرية. ووصف الاستقرار المكرس في السوق النفطية بالاستثنائي والمثالي، واغتنم الفرصة ليؤكد بأنهم يثقون في القدرة لدراسة الامور وتحقيق الاهداف. وحتى لا تتأخر الدول المنتجة دعا المزروعي للعمل على توازن كافة الاطراف، معترفا بجهود اللجنة للإبقاء على الثقة قائمة وكل ذلك حسب تقديره يشجع للعمل وإرساء ميثاق للعمل على المدى الطويل كون ذلك يمنح ضمانات أكبر لاستقرار الاسواق ويجعل المنتجين الشركاء يتحكمون في السوق أكثر، وكذا إضفاء الشفافية التي تجسدت. وحذر المزروعي من تحديات أكبر ستكون أصعب في المرحلة، إذا لم يتعاون وينسق المنتجون الشركاء مع بعضهم البعض، وعبر في سياق متصل عن ثقته الكبيرة في الشركاء ووضع اليد في اليد للحفاظ على مصلحة الجميع متساوية، ومن ثم جذب انضمام أعضاء آخرين، معلنا بأن الباب مفتوح على مصرعيه لدخول أعضاء منتجين جدد لاتفاق الشراكة، وراهن المزروعي على أهمية الحوار بين المنتجين والمستهلكين، ولن تحقق الاهداف إذا لم يتوفر جو مفعم بالثقة حسب رأيه. وخلص المزروعي إلى القول أن هدفهم الجوهري يتمثل في تحقيق استقرار السوق النفطية، وقدم الكثير من الامتنان للجزائر التي اعترف بأن لها مكانة خاصة في قلوبهم لأنها دائما تجمعهم وتحتضنهم. في حين محمد سنوسي باركندو وزير الطاقة النيجيري والأمين العام لمنظمة «أوبك»، كانت لديه رؤية مركزة وتقييم دقيق، حيث يعتقد أن الجهود بذلها فريق عمل والجميع اجتهد في الكواليس لتقريب وجهات النظر وتطبيق بيان التعاون، واغتنم الفرصة ليصف الجزائر العاصمة بالمدينة الجميلة والكبيرة والتي يحتفل فيها بالذكرى الثانية للاتفاق التاريخي للتخفيض في الانتاج، الذي رأى النور بالجزائر والجهود التي بذلت وسمحت باعادة الاستقرار للسوق الذي عرف تقهقرا في تلك المرحلة. وأكد في نفس المقام أن اتفاق الجزائر كان نقطة حاسمة في تاريخ اوبك وشركائها المنتجين، وعاد ليصف الجزائر مرة أخرى بمدينة المواقف والاحتفال منها بالمرحلة الحاسمة عرفان لها، لأن كل شيء حسب تقديره بدأ عام 2016، ونوه بجهود الرئيس بوتفليقة التي توجت بالوصول إلى بيان الجزائر، ودعا إلى ترقية تبادل المعلومات بخصوص تطور السوق وإطلاق آفاق بترولي لعام 2020، لأن آفاق البترول صار يبحث عنه كون شفافية المعطيات جد مهمة في هذا الاتجاه، وكون المعطيات البترولية متوفرة منذ عام 1960، ولأن هذه الشفافية أضاف الأمين العام لأوبك تمس كل العمل الجاري من طرف الشركاء، لأن أوبك كما أعلن ليست كارتل أو احتكار بل أرضية تعمل على استقرار السوق البترولية للمنتجين والمستهلكين، وشدد على ضرورة مواصلة الحوار والحفاظ على استقرار السوق والسير نحو تحقيق انتاج مستديم بين البلدان المنتجة والمستهلكة والحرص على تلبية طلبات الزبائن بشكل دائم.