لا ينكر أحد الدور الكبير لشبكات التواصل الاجتماعي المنتشرة «عبر النات» في التأثير على توجهات الرأي العام وتوجيهه في نفس الوقت طالما أن وسائل الاعلام أصبحت تسارع الزمن لضمان مكان ضمن شبكات التواصل لكسب جماهير جديدة ومنه متعاملين اشهاريين جدد ومساحات نفوذ جديدة. ونجح اليوم الدراسي الذي نظمه البرلمان الجزائري في وضع هذه شبكات التواصل الاجتماعي تحت المجهر ليس من اجل التضييق عليها أو الحد من انتشارها ولكن للبحث عن سبل استغلالها الأمثل وتوجيهها وفقا لما يخدم المصلحة العليا للوطن ويحفظ هويتنا ويساهم في نشر التعارف والنقاش الديمقراطي البناء واكتشاف الآخر في مختلف القارات ومنه تقليص الفوارق المعرفية وتصحيح العديد من الأفكار التي لا طالما تسببت في نشر الكراهية والضغينة بين الشعوب. وبقدر ما أبرز اليوم الدراسي المخاطر وبعض الاحصائيات التي قدمت بدون مصادر كانت مداخلة وزير الشباب والرياضة الهاشمي جيار الأكثر جرأة من خلال اعترافه بوجود عجز في الاتصال في بلادنا وكذا ضعف الانتاج الفكري لتسويقه في مواقع الشبكات الاجتماعية وهي الاشكاليات التي يجب الوقوف عندها، فالتبجح بعدم التضييق على هذه المساحات ليس معناه اننا مثاليين بل يجب البحث عن الكفاءات الجزائرية النابغة في هذه المجالات لإدماجها في الشبكات لتصحيح الاختلالات وتدارك التأخر في تسويق ما تريده الجزائر وما يخدم مصالحها ومواقفها لأن بقاء أكثر من 2 مليون جزائري يتلقون ويتأثرون بالدعاية الأجنبية في هذا المجال سيشكل لاحقا خطرا كبيرا علينا وما حدث بتونس ومصر وسوريا واليمن وسلطنة عمان والبحرين أبلغ دليل على ذلك. وينتظر ان يكون هذا اليوم البرلماني بداية لفتح نقاشات مستقبيلة حول شبكات التواصل الاجتماعي من خلال دراسة تأثيراتها الطويلة المدى وانعكاسات انتشارها والأهداف التي أنشئت من حولها قبل فوات الأوان فالكثير من الدول التي سبقتنا في هذا المجال على غرار الصين بدأت في اتخاذ اجراءات احترازية لتفادي اثارة فتن داخلية وتحريض الشعب على سلطته والدخول في دوامة من الفوضى والمشاكل التي لا تنتهي فهذه الشبكات التي تبدأ بدردشات وحوارات شبابية حول البارصا والريال والعطل قبل أن تنتقل للدعوة الى المظاهرات والعصيان والغريب في الأمر ان الشعوب بأكملها تتحرك لمجرد نشر دعوات في الفيسبوك أو الشبكات الأخرى على غرار تويتر وما يزيد في قوة تأثير هذه الشبكات الاجتماعية هو تناول مضامينها بصفة موسعة على القنوات الفضائية العربية التي ظهرت بانها تخدم اطرافا غربية غير بريئة وعليه فما يحدث حاليا من تحولات في الثورات التكنولوجية هو ثمار لاستراتيجيات السيطرة والتوجيه التي تهدف كبرى العواصم العالمية الوصول اليها منذ الاعلان العالمي لحقوق الانسان في 1948 وها هي اليوم تنجح في ذلك ومن يريد التأكد عليه قراءة المادة 19 من ذات الاعلان. وبين السياسة والاعلام والاقتصاد والفن والرياضة والارهاب تتلاعب المضامين بعقول الذين يستعملون هذه الشبكات وما عدم الاكتراث بما يحدث في فلسطين وليبيا والعراق ومصر وتونس وحشد أكثر من مليار مشاهد لمباراة الريال والبارصا وحفل زواج أمير بريطاني الا دليل على وقوعنا في فخ هذه الشبكات التي تؤثر أكثر من المخدرات.