لا تزال وضعية الاستثمار ببلديات ولاية الشلف تعرف نشاطا متذبذبا، لا يعكس الإمكانيات الهائلة التي تتوفر عليها المنطقة، بحيث لم تتعد 185مشروع منذ سنة 1994 إلى غاية 2009، فيما كشفت إدارة وكالة الاستثمار عن مشاريع قيد الدراسة لتدارك محدودية هذا القطاع بعدة بلديات، ممّا أثّر بشكل أو آخر على النمو الإقتصادي والإجتماعي وقطاع التنمية بصفة عامة. حسب المعطيات المتوفرة، فإن النتائج التي حقّقها قطاع الإستثمار بالولاية لم يكن مشجعة بالقدر الكافي للآمال التي ظلت معلقة عليه، لما للمنطقة من إمكانيات هائلة وعذراء سواء بمستوى الموقع الجغرافي الذي تحتله، وكذا تسارع حركة التنمية والنشاط التجاري الذي تشهده الولاية، لكن ما يثير التساؤل أن عدة بلديات لازالت محرومة من المشاريع الإستثمارية رغم وجود أصحاب رؤوس الأموال، وتوفرها على صحون عقارية ومناخ ملائم لإنعاش هذا الجانب الحيوي في التنمية المحلية والوطنية. اعتماد 185مشروعا في مدة 15سنة يكشف وجه المفارقة والاختلال بحسب الحصيلة التي كشف عنها مدير الوكالة الولائية للاستثمار السيد حيادين جلول، فإن عدد المشاريع المعتمدة منذ 1994 إلى غاية 2009 من طرف ما كان يعرف ب »الكالبي«، لم تتعد 185مشروعا، غير أن وضعية هذه العمليات عرفت جملة من الإختلالات على مستوى التجسيد، الذي يعزيه المختصون إلى ضعف التموين ومسائل العقار، وتخوف البعض من وضعية السوق والمنافسة. وبالرغم من قلة الحصيلة، فإن وضعيتها الفيزيائية تكشف عن 56 مشروعا انطلق لكن غيّر نشاطه، في حين تمّ إنجاز 26 عملية انتهت في الأخير إلى تغيير نشاطها، في وقت لازالت 10مشاريع في طور الإنجاز بدون تغير لطبيعة نشاطها. هذه الصورة غير المشجعة في فهم حقيقة الاستثمار الخاص، يوضّحها عدد المشاريع المتوقفة والبالغة 58 عملية، فيما لم ينطلق 23 مشروعا لأسباب متعددة سبق وأن ذكرناها، لكن الغريب في ذات الحصيلة أن 07 مشاريع منجزة وغير مستغلة، خلافا ل 49 مشروعا يوجد حيّز الإستغلال، حسب ذات المدير الولائي. تلك المفارقة والإختلال الحاصل في الوضعية الفيزيائية لمصير هذه المشاريع، أن مدن كبرى مازالت بعيدة عن مستواها الحقيقي في هذا الجانب، حيث أن المشاريع المسجلة مثلا بعين مران لا نجدها في الواقع، فيما استغلت قطع أراضيها إلى عقارات سكنية وغيّر إلى وجهة آخرى، وفي كثير من الأحيان تمّ بيعها بأموال باهضة، في حين أن ثمن شرائها كان أقل بكثير. حدث هذا في غياب المراقبة والمتابعة القضائية للتجاوزات المرتكبة. ونفس الشيء تعرفه عاصمة الولاية التي لم تحقق سوى 49 مشروعا، وواد الفضة بدرجة أقل بتسجيلها 13مشروعا، فيما تنعدم هذه المشاريع ببلدية بني بوعتاب بدائرة الكريمية، يقول محدثنا. لكن لم يخف ذات المسؤول العدد الهائل من الملفات الموجودة بحوزة المديرية، والتي تنتظر تسوية المعضلات العقارية ومسح الأراضي والإجراءات المركزية لوضع هذه المشاريع قيد الإنطلاق، يؤكد المسؤول عينه. عراقيل بيروقراطية ومحدودية صلاحيات المنتخبين بغرفة الصناعة والتجارة تشخيص واقع الاستثمار بالبلديات والحقائق الواقعية وأسبابها المؤثرة في تنمية هذا القطاع، يراها المختصون من المسائل التي ينبغي مراعاتها ومعالجتها بكيفية من شأنها إنعاش الإستثمارات، حسب رئيس غرفة الصناعة والتجارة السيد نصر الدين سعدادو، الذي أكد على تفعيل نشاط غرف الصناعة والتجارة وإعطاء منتخبيها الصلاحيات الإضافية والكافية للقيام بدورهم على المستوى الوطني، وكذا السعي لإيجاد حل لمشكل العقار والقضاء على البيروقراطية وتغيير الذهنيات، إذ لا يعقل أن تشييد بناية من طرف مستثمر ينتظر مدة 6 أشهر للحصول على على الوثائق اللازمة، ومنها رخصة البناء وشهادة المطابقة، بينما في دول أخرى لا تصل مدة شهر واحد. كما شدّد على منح تسهيلات بنكية في ظرف قياسي قصد تنفيذ المشروع في وقت زماني متفق عليه حسب محدثنا، الذي اعتبر عقد ملتقيات تحسيسية لفائدة المستثمرين، وتبيان الإمكانيات المتوفرة بالولاية من شأنها لتحريك دوالب الاستثمار الناجح، حسب السيد سعدادو نصر الدين. الاستثمار السياحي والفلاحي دون الامكانيات المتوفرة وجود جبهة بحرية تمتد على مسافة 120 كيلومتر، وشواطئ تزيد عن 24 فضاء على مستوى 5 بلديات، بإمكانياتها الغابية ومظاهرها الطبيعية الخلابة، لم تشفع لهذه المناطق بإنعاش الإستثمار السياحي، حيث لا تتوفر الجهة إلا على فندقين صغيرين، فيما تزال 4 مشاريع أخرى في الإنجاز، من جملة 6 أخرى بكامل تراب الولاية، ناهيك عن غياب الهياكل الملحقة بها حسب معاينتنا للجهة. أما بالمدن الوسطى كالشلف وواد الفضة وغيرها، فإن عدد هذه الهياكل لا يعكس طموح أبنائها الذين يجدون صعوبة في قضاء عطلتهم بالساحل الشلفي لغياب هذه المرافق الإستثمارية. وباستثناء المشاريع المخصصة للبناء والمطاحن ومنتجات الحليب على قلتها والتي تستوعب يد عاملة معتبرة، فإن النشاط التجاري ذي الطابع الإستثماري حسب أصحابه لم يعد يرق إلى مستوى الإستثمار المنتج، ممّا يتطلب جهودا جبارة من طرف المنتخبين والهيئات المعنية بالتحرك لتدارك الوضع، الذي لم يشذ عنه القطاع الفلاحي الذي يزخر بإمكانيات هائلة، والذي لم يحقق إلا 105مشروع خلال المدة الفارطة، لكن مازال بعيدا عن مستواه الحقيقي في الإستثمارات الخاصة التي تنعش الجانب التنموي بالبلديات.