كشفت الأحزاب والشخصيات السياسية التي استجابت لدعوات هيئة المشاورات حول الاصلاحات منذ السبت الماضي عن التوجهات العامة للساحة السياسية الجزائرية. وصبت هذه التوجهات في خانة ضرورة تغيير نظام الحكم وأهمية تعديل الدستور كأولوية قبل القوانين الأخرى المدمجة في الإصلاحات. و طالب البعض بالصراحة و قراءة الواقع بنظرة نقدية جادة بالاضافة الى منح العمل الجواري أهمية لتكملة السلطة التنفيذية. تقاطع المشاركون في المشاورات في ضرورة تعديل الدستور واعتبروه أولوية قصوى قبل الشروع في تعديل مختلف القوانين التي تستمد روحها فرضا من أم القوانين ، بالاضافة الى تغيير نظام الحكم من رئاسي الى برلماني. ودافع عن هذا الرأي رئيس حركة مجتمع السلم أبوجرة سلطاني وموسى تواتي رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية بينما اكتفت حركة الاصلاح الوطني بالدفاع عن الجماعات المحلية مؤكدة على سحب قانون البلدية الحالي الذي يضيق على المنتخب المحلي. ومن دون شك ستكون هذه هي محور المقترحات في المشاورات في انتظار ما سيقدمونه من أفكار فيما يخص ترقية مشاركة المراة وقانوني الانتخابات و الأحزاب. من جهته دعا سيد أحمد غزالي رئيس الجكومة الأسبق الى تقصي الواقع والاعتراف به كقاعدة أساسية للانطلاق في الاصلاحات لأن أي تماطل في التعامل معه قد يسبب صدمة. وتأتي نظرة من خلال تجربة كبيرة للمتحدث الذي عايش اصعب فترات الجزائر و يملك العديد من الأوراق التي قد تجعل مقترحاته هامة جدا لتفادي الوقوع في الأخطاء الماضية وتثمين المكاسب على مختلف المستويات. وتعكس مقترحات المشاركين في جلسات المشاورات التي يقوم بها السيد عبد القادر بن صالح ومساعداه الأهمية البالغة لتجسيد الإصلاحات بطريقة حضارية وسلمية من خلال ابداء الراي والمقترحات للمساهمة في تعزيز الممارسة الديمقراطية والمشاركة في الحفاظ على السلم والاستقرار. ومن ايجابيات هذه المشاورات فتحها لجميع التيارات السياسية عدا التي سبق لها وأن تورطت في أعمال العنف واثارة الفتنة واستعملت الرموز الوطنية لأغراض ضيقة وتصفية الحسابات مع جهات أخرى. وتناولت وسائل الاعلام الوطنية هذه المشاروات باهتمام بالغ من خلال نقل تصريحات ممثلي الأحزاب والشخصيات السياسية كما هي وإرفاقها بتعاليق وحوارات نقدية. تعتبر التغطية الصحفية هذه تنويرا للرأي العام وضمانا للحق في الاعلام وحتى الأطراف التي رفضت الاستجابة للمشاركة في المشاورات كان لها نصيبها من الاهتمام والاعتبار ، وهو ما يعتبر مكسبا هاما للمسار الديمقراطي في الجزائر. وتبقى هذه المشاورات المتواصلة محطة هامة مهما كانت نتائجها لأنها تعكس مستوى الوعي والنضج الديمقراطي الذي وصلت اليه الجزائر بالمقارنة مع الكثير ن الدول الأخرى وما سيزيد في قيمة هذه الخطوة التي أطلقتها السلطات الوقت الذي تزامنت معه.