رصد خبير الدفاع الإلكتروني عمر بلبش أمس، التطور الذي أضحى أبرز سمات العصر حتى أنه انعكس على كل نواحي الحياة المدنية والعسكرية، وأبرز ملامح التطور الحاصل حسب بلبش، دخول النظم الإليكترونية كجزء أساسي من مكونات عديد المعدات بدلا من مثيلاتها الميكانيكية، بشكل رفع من كفاءة هذه المعدات وجعلها أكثر دقة و فعالية، بالإضافة إلى ما استحدث من أسلحة جديدة تعمل وفق تكنولوجيات متطورة أدت لإدخال تعديلات في تنظيم الوحدات المقاتلة وأساليب الاستطلاع و التجسس. وفي ظل «العالم المحوسب» يشرح خبير الدفاع في ندوة فكرية نظمها مركز الشعب للدراسات الإستراتيجية، قائلا أن النظم الالكترونية تطورت وتميزت بالقدرة على تنفيذ عمليات كثيرة جدا في زمن قياسي مع ازدياد سعة الذاكرة وصغر حجم الأجهزة وترافق مع ذلك أيضا تغيير كبير في طرق عرض البيانات على الشاشات الرقمية، ثم جاء نظام الليزر ليحدث تغييرات نوعية في الميادين العسكرية والمدنية على حد سواء. وأضاف بلبش أن تكنولوجيا الأشعة تحت الحمراء قد صاحبها هي ظهور تطبيقات كثيرة كالتوجيه السلبي بالأشعة تحت الحمراء في الصواريخ بمختلف أنواعها. وجاء الذكاء الصناعي يردف المتحدث بطموح جعل الآلة قادرة على اتخاذ القرار، وجاء الروبوت بطموح أن تحل الآلة جزئيا محل الإنسان. «حرب الذكية» هكذا اصطلح عليها لتعطي نفسا جديدا و منعرجا لم يشهد له التاريخ مثالا، حرب جديدة بدأت، لا يطلق فيها رصاصة واحدة ولا يشترك فيها جندي واحد، لكن ربما تقتل الكثيرين وربما تخلف خسائر أكبر بكثير مما تخلفه الحرب التقليدية. و أردف خبير الدفاع الالكتروني أن هذه الحرب الجديدة التي سماها العالم بالذكية بدأت بواكيرها قبل نصف قرن، لها قوة تدميرية كبيرة لبرامج الحاسوب و كذا التجسس عليها حسب ما ذهب إليه المتحدث، كما فرضت هذه الحرب الجديدة نفسها على العالم في الآونة الأخيرة كنوع جديد يضاف إلى الحروب التقليدية. ولا بد هنا من الاعتراف بها كحرب تسبب خطراً داهما أصبح وشيكا من الفتك بعدد كبير من الدول. هذه الحرب بدأت في مرحلتها الأولى بأفعال صغيرة لا تتعدى أفعال أفراد أو ڤقراصنةڤ يخترقون مواقع البنوك الكبرى، حيث حسابات الأفراد بغرض السرقة والاضطلاع على التعاملات المالية المتداولة ثم تطورت في مرحلتها الثانية إلى اختراق المواقع الأمنية والعسكرية والمخابراتية للحكومة، وهو أمر في غاية الخطورة بدأ في التطور ويهدد بهجوم الكتروني يدمر كل شيء في لحظات. ووصل التطور بهذه الحرب إلى أهداف اقتصادية وتجارية، حيث اتهمت فيها دول أو هيئات بأنها تتجسس على أخرى «اقتصادياً» و«تجارياً» عبر التكنولوجيا الحديثة وما توافرها من ميزات اتصال ومعلومات. وخطورة التجسس «الاقتصادي» هي أكبر بحيث يمكن التجسس على وسائل الإنتاج للدولة المقصودة وطرق الصناعة والتصنيع والنظام المصرفي والتسويق والخطط والاستراتيجيات والتقدم التكنولوجي، كل هذه الأنشطة الاقتصادية لم تصبح في حكم عالم اليوم في مأمن من التجسس الالكتروني واختراقها في أي وقت وتدميرها في أية لحظة إذا أريد ذلك. وأكد عمر بلبش في مفصل حديثه على دور الإليكترونيات في هذا التطور التي لعبت دورا كبيرا في تغيير شكل وأداء معظم الأسلحة سواء من خلال مضاعفة القوة أو تغليب الكيف على الكم. وفي حين يعتقد كثيرون أن الأسلحة مقصورة على المدافع والقنابل والدبابات والطائرات والسفن والصواريخ وذلك إلى حد ما صحيح إذا كنا نعني القوة التدميرية وحسب فإن الاستراتيجيات الحديثة التي تتزعمها الدول المتقدمة تعتمد بصفة أساسية على عدة اعتبارات أخرى مثل الاستطلاع وجمع المعلومات على المستويين التكتيكي والاستراتيجي حتى يتحقق المزيد من التحكم في القوى المتاحة بكفاءة أعلى.