اسمه رياض إبراهيم متولي الخولي، عرف ببراعته في آدائه ل”العمدة” وبلهجة الصعيد، اقترن اسمه بالزعيم المصري جمال عبد الناصر، ابن المسرح، التلفزيون والسينما، ظهر على الشاشة في أدوار معظمها بطولة، منها “شارع المواردى”، “الفرار من الحب “ ، “أمس لا يموت” ، “الزينة بركات “، و “أم كلثوم”، يحط رحاله أول مرة بالجزائر مع أول وفد فني يزورنا بعد جمود العلاقات الثقافية بين البلدين، ووقف مع “الشعب” على أهم الجوانب الفنية في هذا الحوار.. أولا مرحبا بك في الجزائر، كيف رأيتها في أول زيارة ؟ أول مرة أحضر إلى الجزائر، هذا لا يعني انني لا أعرفها بل سمعت عنها الكثير، ولما زرتها وجدته أحلى فهو بلد جميل جدا يمتاز بطبيعة ومناظر رائعة، والشيء الذي زاده جمالا هو ذلك الشعب المتحضر، هذا القول أقوله من صميم قلبي وبكل صراحة وبعيدا عن المجاملات، هذه هي انطباعاتي الأولى عن بلد المليون ونصف المليون شهيد. باعتباركم من المكرمين في المهرجان السادس للمسرح المحترف؟ ماذا يعني لكم هذا التكريم؟ بصراحة التكريم يعني الكثير لأي فنان، واعتبره حافزا يدفعني للمضي قدما وتقديم الأحسن للفن المصري خصوصا والعربي عموما، وأرى أنني كرمت بمجرد أن تلقيت الدعوة من مدير المسرح الجزائري محمد بن قطاف، وكنت محظوظا مع المخرج سامح مهران والفريق الفني لمسرحية “البوفة الأخيرة”، حيث أننا أول من نزور الجزائر بعد عامين من جمود العلاقات الثقافية والفنية ، فالجزائر ومصر يجمعهما ماض مجيد في مكافحة الاستعمار والنضال من أجل الحرية. توليت رئاسة البيت الفني للمسرح في مصر منذ اكتوبر 2010، وقد قدمت في العديد من المرات استقالتك إلا أنها قوبلت بالرفض، لتستقيل رسميا من هذا المنصب في فيفري المنصرم، ممكن أن نعرف الأسباب؟ هذا صحيح، فللمرة الثالثة على التوالي أقدم استقالتي، فأنا أرجع هذا التصرف لعدة أسباب أولها أنني غير قادر على مسؤوليات المنصب التى أصبحت مرهقة بالنسبة لي، وما تتضمنه من مشاكل وأزمات تراكمت من المرحلة السابقة، إضافة إلى الظروف في البيت، التي لم تساعدني على تحقيق ما كنت أطمح في تحقيقه لهذه المؤسسة، التي تكون الأهم في تكوين وجدان الشعب المصري، هذا من جهة ومن جهة أخرى هناك انتهازيين في البيت الفني للمسرح والراغبين في ركوب الموجة، الذين يقومون ويجتهدون لتسميم الأجواء داخل البيت، ويحتاجون إلي من هو أقدر منهم على حماية بيت كل المسرحيين. الكثير من الفنانين يبدون مواقفهم ولو كانت بالتجريح تجاه أحداث عربية، كيف ترى هذه الظاهرة؟ لو قلنا الثقافة أو الفن فهاتين الكلمتين تحملان مدلولات ومعاني رفيعة، فالفن أسمى وبريء من هذه التصرفات، فالفنان الحقيقي يحاول بفنه اصلاح وتقويم الاعوجاج وليس الانسياق وراء الأحداث ووضع العواطف في مكان لا يخصها ولا يخدمها، وأقول في هذا الصدد نحن عرب وتجمعنا ثقافة واحدة، فحتى لو كان هناك صراع في السياسات إلا أن ثقافتنا توحدنا. وها هي “البروفة الأخيرة” تأتي لتكسر الحواجز التي بنيت بين العلاقات الثقافية والفنية بين البلدين، ونتمنى أن يستمر التبادل الفني بين مصر والجزائر، ويوصل رسالته النبيلة ولو في أصعب الظروف. ألم تفكر في المشاركة في أعمال مسرحية أو سينمائية جزائرية؟ يشرفني أن أعمل مع فنانين جزائريين، فعدم زيارتي للجزائر من قبل لايعني أنه ليست لدي معلومات عن فنها، فقد أعجبت كثير بمسرحيات جزائرية كانت حاضرة في المسرح التجريبي بمصر في دورات سابقة، ولم أتلق أي عرض لعمل سينمائي أو مسرحي جزائري. عرفت الأفلام التركية رواجا كبيرا في الفترة الأخيرة، والمشاهد العربي أو الجزائري أصبح يميل أكثر إلى هذا النوع من الأفلام؟ هل يمكن اعتبار هذا ادارة ظهورهم للفن العربي، أم ظاهرة صحية يريد من خلالها المشاهد التنويع؟ غزو الأفلام التركية للمجتمع العربي لا يعني إدارة ظهور أفراده لفنهم أو ثقافتهم، ولا يعني أيضا ان الدراما العربية ليست في المستوى، إلا أنني وأقولها بصراحة أن الدراما التركية تتمتع بمستوى عال من ناحية الانتاج والاخراج، والديكور المعتمد بها أدى إلى سرق أنظار المشاهدين العرب خاصة النساء منهم، فتخيلي قصة مسلسل عربي ينجز بنفس انتاج واخراج تركيا لصارت الدراما العربية تغزو التركية. هذا من جهة ومن جهة أخرى نعرف أن المشاهد العربي يهوى التنويع، وبحكم أن الدراما التركية، والتي لا ننسى أن دبلجتها على أيدي عربية، فترجمتها باللغة العربية ساعد كثيرا في رواجها مثلما نجحت الأفلام والمسلسلات المكسيكية قبلها، الدراما التركية تناولت مواضيع جديدة ومغرية مما أدى بالمشاهد العربي متابعتها لاكتشاف خبايا واسرار قصص مغرية ولو تكون بعيدة عن واقعنا كعرب مسلمين، غير أنها تحوي الكثير من المظاهر التي تتناسب وعادات المجتمع العربي. الفنان رياض الخولى كان واحدا من الفنانين المتألقين فى فيلم “طيور الظلام” أمام الفنان الكبير عادل إمام، ولكن بعد هذا الفيلم اختفيت بعض الشيء؟ لا طبعا، أولا فيلم “طيور الظلام” كانت له طبيعة خاصة، ولا تنطبق قواعد العمل فيه على قواعد العمل فى بقية الأفلام الأخرى، فأنا كنت أمام مجموعة من الفنانين الكبار الذين يدركون القيمة الحقيقية للفنان، ولذلك أعتقد أننى كنت موفقا إلى حد كبير، وبالتالى، هذه الفرص الجيدة تفرض على الفنان أن يدقق فى اختياراته بعد ذلك، وأن لا يتهاون مع جمهوره. هذا من ناحية الظروف المحيطة بالفيلم، أما من الناحية الموضوعية المتعلقة بالمناخ العام للسينما المصرية، فأقول لك، الحقيقة، أننى ذهبت إلى السينما، أو أن فرصة العمل فى السينما جاءتنى فى توقيت غير مناسب، ففى الوقت الذى كنت أنا بدأت فيه التمثيل فى السينما كانت السينما تمر بمرحلة متغيرات كبيرة. كان هناك جيل كامل من الفنانين الذين بدأوا فى الظهور، أمثال محمد هنيدى، والمرحوم علاء ولى الدين، وأشرف السقا وغيرهم من الفنانين، وهم من الجيل التالى لجيلى، وهكذا، شعرت أننى غريب فى وسطهم، وأنني أنتمى لمرحلة مختلفة فى السينما، ولذا، قررت التركيز فى أشياء أخرى، وأنا واثق أن الدور المناسب يبحث عن صاحبه، ولو كان هناك دور مناسب فسيجدنى فى انتظاره لأننى لست مقاطعا للسينما، ولكننى فى انتظار الفرصة المناسبة التى تجعلنى أعود بشكل أقبله لنفسى، ويعجب الجمهور. استشف من كلامك انك تخوض صراعا ضد فناني الجيل الجديد؟ أنا لا اشعر بأى حساسية تجاه زملائى من الجيل الجديد، ما قصدت قوله هو أننى فى انتظار الفرصة المناسبة أو الدور الجيد سواء مع فنان من الجيل القديم أو الجديد، وتحليلى كان مجرد قراءة عامة لما شهدته السينما من تحولات فى الفترة الأخيرة، وهذا التحليل لا يعنى أننى أرفض الجيل الجديد من الفنانين المحترمين الذين يؤدون رسالتهم الفنية، ونحن جميعا نشترك فى أننا نريد توصيل رسالتنا للناس، والفيصل فى الموضوع هو الطريقة المناسبة والقالب الذى يمكن أن نقدم فيه أنفسنا للناس. هل تفضل العمل فى المسرح عن العمل فى السينما؟ الوقوف على خشبة المسرح نوع من التحدى، وأنا أعشق تحدى خشبة المسرح، ولهذا فإننى وبدون شك أفضل المسرح على غيره من أنواع الفنون الأخرى. وهذا لا يقلل طبعا من قيمة السينما والتليفزيون، ولذلك أريد أن أكون حريصا دائما على أن أنتقى أدواري المسرحية بنوع من الجرأة التى تتملكنى عند قراءة النص المسرحى. من أفضل كاتب مسرحى من وجهة نظرك؟ أعتبر الكاتب المسرحى الإنجليزي وليام شكسبير واحدا من أعظم من كتبوا للمسرح على الإطلاق، فمسرح شكسبير غني، و مليء بالمفارقات، ومكثف. ولهذا أحب قراءة نصوص شكسبير وأتمنى تقديمها على خشبة المسرح وفق تصورات ورؤى جديدة، فشكسبير يصلح لأن يكون موضوعا للأحوال التى نعيشها اليوم سواء فى رومانسياته أو فى روائعه الأخرى. تقمصت في الكثير من الأعمال أدوارا عن الريف المصري بلهجة الصعيد كالعمدة، وباتقان كبير، هل يعكس هذا ملامح شخصيتك وانتماؤك؟ الفنان الحقيقي هو الذي يتقمص كل الادوار، وحبي للتمثيل هو الذي جعلني اتجاوب مع كل دور يسند لي، أما عن اللهجة المستعملة فلو كانت غريبة يعتمد الفنان للتدريب المكثف حتى يتمكن منها، فلا يعني اتقان أي فنان لدور ما انتماءه لتلك المنطقة، بل حبه للفن والتنويع في الأدوار يدفعه إلى التفنن في آدائها. وماذا عن دور جمال عبد الناصر، فهنا في الجزائر من لا يعرفك باسم رياض الخولي، بل جمال عبد الناصر، ماذا أضاف لك هذا الدور؟ أنا ابن جيل الثورة، وأعشق جمال عبد الناصر، وحبي الكبير له كان السبب في براعة آدائي لهذا الدور، الذي ألصق مع اسم رياض الخولي، حيث رشحتني المخرجة إنعام محمد علي للدور، و قالت لي، وكأنها تتأسف ، دور صغير، فقلت لها ولو مشهد واحد، فلم أسع لتقليد جمال، ودارت حوارات كثيرة بيني وإنعام محمد علي، وهي كثيرة الإعادة مع الممثلين، لكنها لم تعد دورا واحدا لي في المسلسل، حين كنت أقوم بتصوير المشهد الأخير وكان ثلاث صفحات، والمفروض فيه أن تقول لي أم كلثوم إنها سوف تعتزل فأراجعها في ذلك، وأقول لها إن صوتك لا يقل عن صوت المعركة، ونزلت أغنية “دوس علي كل الصعب” فأقشعر بدني وطلبت إعادة المشهد.