خلافا لبعض التوقعات المتشائمة حول احتمال إنهيار أسعار النفط على نحو سريع “لا يبدو أن السوق النفطية قد تفاعلت بصفة جدية مع هذه التوقعات خاصة بعد أن أعلنت الوكالة الدولية للطاقة عن عزمها تزويد أسواق النفط ب 60 مليون برميل من البترول يتم سحبها من الاحتياط الاستراتيجي، بغية التأثير على الأسعار نحو الانخفاض. أسعارالنفط التي تأثرت ضرفيا قبل أيام وفقدت بضعة دولارات ثمينة، عاودت الصعود مجددا خلال اليومين الماضيين بعد عطلة مطولة في الولاياتالمتحدةالأمريكية التي كانت تحتفل بعيد الاستقلال الوطني، حيث قفزت الأسعار في جميع الأسواق النفطية مباشرة عقب استئناف التداولات، ليصل إلى 113 دولار للبرميل بالنسبة لبرنت بحر الشمال وتقترب من 96 دولارا بالنسبة للخفيف الأمريكي. وتعود أسباب ارتفاع أسعار النفط إلى توقعات مؤسسة “باركلينز كابيتال” المالية الاستشارية التابعة لبنك “بركلينز” باستمرار صعود الأسعار عام 2012، فضلا عن موافقة وزراء مالية منطقة اليورو على خطة طارئة لانقاذ اليونان بعد أن دعمت أزمة أثينا تقهقر الأسعار في وقت سابق. وكانت أسعار النفط قد فقدت حوالي 5 ٪ من قيمتها خلال الشهر الماضي متأثرة ببعض البيانات الظرفية لتبقى حقيقة واحدة تدعم الاتجاه التصاعدي لارتفاع الطلب وبالتالي ارتفاع الأسعار وهي استمرار تعطش الدول الناشئة مثل الصين والهند إلى مزيد من النفط في الوقت الذي يسجل فيه النمو الاقتصادي في كلا البلدين معدلات تفوق 8٪ مقابل معدل نمو في أوربا لم يتجاوز 2٪ وفي أمريكا 5،2٪. وجاءت محاولات التأثير على أسعار النفط بعد فشل منظمة الدول المصدرة للنفط “أويكو” التحكم في أسعار النفط التي تراها الدول المستهلكة الكبرى أن بقاءها في مستوياتها المرتفعة قد ينعكس سلبا على النمو الاقتصادي الذي بدأ يتعافى نسبيا بعد أزمة خانقة دامت أكثر من سنتين، حيث ورغم الاتفاق الأخير بعدم زيادة إنتاج المنظمة سارعت دول أعضاء في “أوبك” إلى الإعلان عن نيتها رفع إنتاجها خاصة تلك التي تحوز على فائض في الانتاج مثل السعودية والكويت، مما ساهم في تراجع طفيف في الأسعار سرعان ما عاود الصعود بعد أن تبين أن تجسيد هذه الوعود والتعهدات سيأخذ وقتا طويلا نسبيا، فضلا على أن النقص الذي خلفه تراجع إنتاج ليبيا من النفط، من الصعب تعويضه بإنتاج آخر أقل نوعية وجودة. تشير أحدث التوقعات الى أن أسعار النفط قد تشهد ارتفاعات أخرى على المدى القصير جدا بمناسبة انطلاق موسم الاصطياف في الولاياتالمتحدةالأمريكية الذي يعني زيادة الطلب على المحروقات، وتوقعات بتراجع المخزون النفطي ب 5،2 مليون برميل خلال الأسبوع الماضي وهو ما سيتأكد خلال الإعلان المرتقب عن حجم الاحتياطي مساء اليوم. آخر الأرقام المسجلة في بعض البورصات العالمية تشير إلى استمرار ارتفاع الأسعار لليوم الثاني على التوالي، حيث سجل الخام الأمريكي الخفيف في بورصة آسيا زيادة محسوسة في بداية التعاملات قدرت ب 85 سانش لصيل إلى74،97 دولارا، بينما بلغ سعر خام بحر الشمال في نفس البورصة 23،114 دولار، وهي دلائل تدعم الاتجاه العام نحو الارتفاع وليس نحو الانخفاض في زمن يبدو أنه قد لن يتقبل أسعارا أقل من 100 دولار على العموم، مثلما يجمع عليه العديد من الملاحظين والمختصين.