جميل أن نستغل المواقع الأثرية لنؤسس بين ذراعيها لمهرجانات فنية سياحية ونحرص على إنضاجها لإعطائها بعدا عربيا أو إقليميا، وجميل أن نحتضن النغمة الموسيقية الدافئة، ليستمتع الجمهور الجزائري العريض عبر جميلة أو تيمقاد، أو أي مدينة جزائرية تربطها علاقة خاصة مع نغمة الرأي الأصيل، لكن أن ينصب الاهتمام بالمهرجان الغنائي الذي يطغى على الساحة الثقافية وترصد له الاموال ويسبقه دوي الحملات الإعلانية، على حساب الإبداع الفكري والكتابة الروائية والتدفق الشعري وصناعة الكتاب والفن السينمائي.. و..و، فهذا انتقاء، يلمع صورة أن الثقافة الجزائرية تنحصر في الطرب،ويعطي الانطباع، إننا نفتقد لأي مؤهل او كوادر قادرة ان ترفع تحدي التاسيس لمهرجانات تعنى بصلب الثقافة التي تبني وتهذب الإنسان وتحقق الهدف المنشود الذي يكمن في الرقي بروح وسلوك الإنسان الجزائري، لأن الحضارات تنشأ من ترسبات إبتكارات العلم وإبداعات الثقافة الجد متقدمة،والعناية بالغناء وحده إهتمام بالشكل والقشور، ولا فائدة منه بعيدا عن تناسق الكل متكاملا. لماذا لا نؤسس في مواقع اثرية كذلك لمهرجانات سينمائية أو ادبية؟ ولماذا لا نفتح مسابقات للمواهب كتلك التي تخصص للفن الغنائي والمتمثلة في ألحان وشباب والتي تجوب ربوع الوطن لإنتقاء اعذب الأصوات واقتطافها؟ لماذا لا نقطف الممثل الموهبة والكاتب الموهبة بنفس الخطوة، ونعمم العملية؟.. إذا فعلنا كانت غايتنا الرقي بالثقافة التي عرفت الإحتضار بعد عصرها الذهبي في العقود التي تزامنت ونهضة ما بعد الإستقلال. وللأمانة ونقولها بصراحة تنقصنا الإرادة، كما ينقصنا التخطيط ، وهذا ما تسبب في فشلنا في تحقيق التوازن بين جميع الأجناس الإبداعية من فن وثقافة، لأنه كان من المفروض بحكم التواجد الجيواستراتجي في منطقة المتوسط ان ننهل من تجارب الأروبين والعرب وحتى المغاربة، ندرس تجاربهم حتى نختصر مسافات الإخفاق ونتجنبها، ونبني من جهة أخرى تصوراتنا ونشحنها بالرصيد الإرثي، والوهج الإبداعي، والأولوية في كل هذا للأحسن كي يتبوأ الصدارة ويعتلي المقدمة، فنخرج الدخلاء الذين يدارون على ضوء الثقافة التي لا تسطع على سماء الجزائر، وتسترجع ثقافتنا رجالاتها ونسائها.