شهدت الساحة الثقافية الجزائرية العديد من الأحداث والتظاهرات التي حركت مسار الفعل الثقافي والفني ببلادنا وجعلته يخرج من قوقعته تارة ويدخل في سبات تارة أخرى حيث احتلت المهرجانات المرتبة الأسمى في قائمة هذه المحطات بعد فتحت الجزائر أحضانها لإستقبال ضيوفها العرب والأجانب وسخرت جميع الوسائل لإنجاح هذه التظاهرات وجعلها تسمو لمستوى يرقى إلى سمعة الفن الجزائري من مسرح وسينما وكذا موسيقى ورقص ورسم ليعيش الجمهور الجزائري لحظات جميلة مع عالم الإبداع الذي إنبثق من المهرجان الدولي للمسرح المحترف الذي عرف مشاركة دولية كبيرة بعد أن إستضاف على ركحه أهم الفرق المسرحية العربية والأجنبية وهو ما فتح المجال أمام المسرح الجزائري للتألق بأبنائه وضيوفه من خلال عروض ناجحة استهوت عشاق الفن الرابع المتعطش لمثل هذه التظاهرات التي لا تقل شأنا عن المهرجان الدولي للفيلم العربي بوهران الذي يبدو أنه لم يرق إلى المستوى المطلوب في هذه الطبعة بعد أن خيمت الأجواء الباردة على جل العروض السينمائية المبرمجة ناهيك عن الفقر المسجل في البرنامج المسطر منذ بداية التظاهرة مما خلق شعورا بالملل والإستياء لدى المشاركين الذي لم يحظوا حتى بجولات سياحية للتعرف على المناطق الجميلة للباهية بالإضافة إلى التنظيم الذي لم يكن مشرفا بتاتا بعد أن انسحب عدد هام من المدعوين العرب على غرار بعض أعضاء لجنة التحكيم الذين غادروا المهرجان في الأيام الأولى من إنطلاقه ليجد المنظمون أنفسهم في لحظات حرجة وغير مشرفة وهذا بالتأكيد قد أثر على الحركة السينمائية الجزائرية التي لم تحظ بفرصة التألق أمام الأجانب والعرب من سينمائيين وإعلاميين لكن الأمر لم يكن مماثلا بالنسبة للصالون الدولي للكتاب الذي خرج أخيرا من الصيغة المحلية إلى العالمية بعد أن استضاف لأول مرة أكثر من 23 دولة مع المشاركة الحصرية لبعض الدول الأجنبية مما أثرى البرنامج الثقافي والأدبي للتظاهرة وأكسبها طابعا عالميا ناجحا عزز بذلك الساحة الفكرية الجزائرية وجعلها تزداد بمشاركات ومساهمات أدبية فعالة ناهيك عن النشاطات التي سطرت على هامش الصالون بإستضافته لأهم الشخصيات الأدبية العربية والأجنبية. ولأن الرواية الجزائرية صار لها شأن كبير في الوسط العربي فقد احتفل الأدب الجزائري هذه السنة بنجاح ذاكرة الجسد للروائية أحلام مستغانمي كمسلسل درامي بعد عرضه على مختلف القنوات الفضائية لتشهد جدلا واسعا في الساحة الدرامية العربية كونها تجربة صعبة واستثنائية خاصة بنقل الرواية إلى مسلسل درامي وهي أول رواية جزائرية تحظى بهذا التكريم والتميز ورغم أن هذا العمل لم ينجح بالشكل المطلوب إلا أنه نقل بوضوح جزءا كبيرا من التاريخ الجزائري إلى الرأي العام العربي وكشف بعض الحقائق التاريخية عن الثورة الجزائرية، ولتعزيز موروثنا الثقافي وعرض حضارتنا الإسلامية العريقة فقد كانت الجزائر من الدول السبّاقة للمشاركة في المعرض العالمي بشنغهاي بالصين أين أبرزت الحضارة العريقة التي توارثتها الأجيال منذ عقود وكشفت عن الموروث الثقافي والفني الأصيل لكل من القصبة وغرداية لتفتك الميدالية الذهبية أمام 191 بلد أجنبي . وفي ذات االصدد فقد عاشت الجزائر أيضا أفراحا عديدة من خلال المهرجانات الفنية التي تألقت هذه السنة على غرار مهرجان تيمقاد ومهرجان جميلة اللذان عكسا صورة فنية جميلة بمشاركة اقليمية ودولية واسعة لنجوم معروفين مثل ماجدة الرومي وعاصي الحلاني، مع حضور مكثف للجمهور الجزائري العاشق للطرب الأصيل والنغم الخفيف في رحلة فنية عبر المناطق الأثرية العتيقة. ومن جهة أخرى فإن الساحة الثقافية الجزائرية عرفت العديد من المآسي كرحيل بعض الشخصيات المعروفة التي كان بها الدور الكبير في تفعيل الحركة الفنية على غرار المرحوم العربي زكال والفنانة كلثوم إضافة إلى عبد الرحمان الجيلالي ومحمد آركون وكذا المسرحي الراحل ميميش توفيق الذين ودعونا في وقت مبكر تاركين خلفهم إرثا فنيا كبيرا لا يزال مكتوبا من ذهب على صفحات السجل الثقافي والفني لبلادنا كما شهد القطاع الفني الجزائري معضلة أخرى تمثلت في إيقاف الشاب مامي الذي لا زال يتخبط بين فرضية اطلاق سراحه وبين الحكم بالسجن حيث تحدث الإعلام العالمي مطولا عن قضية الشاب مامي وتابع الجميع تطورات المحاكمة. وعليه فإننا حاولنا خلال هذا الملحق الثقافي أن نجمع الحصاد الفني والفكري لسنة 2010 ونقدمه لقرائنا مركزين على أهم التظاهرات والأحداث التي كان لها التأثير الكبير على الحركة الثقافية ببلادنا.