دعا المشاركون في الملتقى الدولي الثامن حول السيرة النبوية بورقلة إلى بناء تنمية مجتمعية بقيادة شبابية راشدة وواعية.وأبرزت توصيات المتدخلون في اللقاء الذي احتضنته جامعة قاصدي مرباح على مدار يومين «أهمية الانتقال من أساليب التفكير التقليدي إلى التفكير الحديث، بما يسمح بتحقيق هذه التنمية المجتمعية المنشودة». وفي هذا الإطار أكد العربي عطا لله قويدري استشاري في الإرشاد النفسي والأسري بقطر، على أهمية أن يرتكز هذا التفكير الحديث الذي يكون مواكبا للعصر وتطور المجتمعات، ويستجيب كذلك لتطلعات وتصورات الشباب المعاصر على» مبادئ وقيم المجتمع ويبنى بمساندة الشيوخ والأئمة وولاة الأمر». وألح المتدخل خلال اللقاء على ضرورة تبني أفكار الشباب وسياساتهم وإنجازاتهم وإشراكهم في وضع الاستراتيجيات، «مما سيمكن من تحقيق سياسة رشيدة في ظل توفر طاقات ومهارات وقدرات شبابية بإمكانها أن تعمل على صياغة سياسات وتشريعات تمكن من بلوغ مصاف الدول المتطورة». ومن جهته تطرق أحمد حمد لمين من موريتانيا إلى دور الفكر الصوفي في تنمية المجتمعات، داعيا في هذا الشأن إلى إنشاء حواضر علمية كبيرة تضطلع بهذا الدور (تنمية المجتمعات) بالنظر لما كان لهذه الحواضر في عهود سابقة من دور هام في ترشيد وتنوير المجتمعات. العمل التّطوّعي أولوية ويرى أن الرجوع إلى الفكر الصوفي، إلى جانب توفر الإرادة السياسية الجادة وإعادة الاعتبار للزوايا «سيمكن ذلك من بناء حضارة وفكر قابلان للمقاومة وتحصين البلدان والشعوب». وبدورها أكدت نجدة محمد عبد الرحيم جدي من السودان على ضرورة توجيه الشباب نحو العمل التطوعي باعتبارهم من الطاقات التي يتوجب استغلالها حسب احتياجات المجتمع، وذلك من خلال منظمات وجمعيات و مؤسسات وغيرها، والتي يتعين أن يصب هدفها الأساسي على تحقيق التنمية المجتمعية المرجوة. وأكد إبراهيم بوصيف خالد دكتور في الشريعة الإسلامية (جامعة الوادي) في محاضرة بعنوان «أساليب تقويم الشباب في ضوء المنهج النبوي - الزاوية التيجانية التماسينية نموذجا» على ضرورة تفهم شباب اليوم وإيجاد الآليات والوسائل الكفيلة بالتعامل معه من اجل توجيهه وقيادته توجيها سليما وصحيحا. واعتبر الدكتور بوصيف خالد بأن «الجزائر والبلاد العربية بصفة عامة تزخر بطاقات شبابية كبيرة يجب على الأئمة والمشايخ إمدادها بالحكمة، وبالتالي النهوض بالمجتمع وبناء نهضة مجتمعية تمتد إلى الأجيال المقبلة». إن مطالب وطموحات وكذا آمال الشباب قد تغيرت خلال العشرية الأخيرة، وهو التغيير الذي يجب أن يواكبه الشيوخ والأئمة وولاة الأمور من خلال فهم منطلقاته وتصوراته من أجل تحقيق توافق وتفادي الوقوع في الهوة''، يشير ذات المحاضر. ويضيف أنه ‘'إذا نظرنا في كيفية تعامل الرسول الكريم مع الصحابة الذين كان جلهم من فئة الشباب فقد نكون قد أخذنا نظرة دقيقة ونموذجا في كيفية التعامل مع الشباب وجعله أداة لصياغة غد أجمل يبنى بسواعدهم وأفكارهم وتوجيههم توجيها صحيحا للمحافظة على الوطن ومقوماته''. وتطرقت من جهتها الدكتورة هويدا عز الدين عبد الرحمان (السودان) إلى التحديات المجتمعية التي تجابه الشباب مركزة على الأثر النفسي والاجتماعي للشائعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي والتأثيرات السلبية المترتبة عنها باعتبارها إحدى التحديات الأساسية التي تجابه الشباب في المجتمع المعاصر. المصداقية والشّفافية في الميزان ودعت الدكتورة إلى ضرورة التوعية بأهمية تحري المصداقية والشفافية في نقل الأخبار في ظل التواصل التقني وانتشار المعلوماتية والفضاء المفتوح، الذي جعل من السهولة تناقل الأخبار في وقت زمني وفي فضاء مفتوح والتخفي في صور مختلفة وبالتالي إحداث خلخلة على جميع المستويات. وبعد أن أبرزت التأثيرات الكبيرة لهذه الشائعات على الأمن القومي والأمن المجتمعي والأسري والفردي، وتسببها في عديد النزاعات المجتمعية التي تنعكس سلبا على جميع المستويات، دعت بالمناسبة إلى أهمية التحصين الأخلاقي للأبناء والشباب والاهتمام بغرس القيم الدينية عبر التوعية المجتمعية المختلفة، والتحسيس بخطورة هذه الشائعات على الفرد والمجتمع. كما حثّت ذات المحاضرة على ضرورة توجيه الخطاب الديني بطريقة أكثر استصحابا لإشكاليات الشباب وحوار الشباب، وتلمس انشغالاته الحقيقية عن طريق الندوات الحوارية المفتوحة، بحيث يتم إشراكهم في إيجاد الحلول. واعتبرت أن الخطاب الديني ينبغي أن يستحدث بعض الشيء إلى جانب استحداث الأساليب الحديثة في التوعية واستخدام التقنية في التوعية باعتبار أن الشباب دائما على منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية الشبابية بطرق وأساليب هادفة كالأناشيد والأحاجي، وغيرها من الأشياء التي تغرس لدى الأطفال بالذات القيم النبيلة . وناقش المشاركون في هذا الحدث العلمي في طبعته الثامنة يمثلون عديد الدول كتونس والمغرب وقطر والسودان وموريتانيا والأردن والإمارات، إلى جانب جامعات جزائرية عديد المحاور كالشباب ودوره في المجتمع والشباب والنهضة وكيفيات إدماج الشباب في حركة وسيرورة المجتمعات، حسب المنظمين. واعتبر مدير الملتقى الدكتور محمد عمر حساني أن التظاهرة تهدف الى تحديد آليات النهضة المجتمعية عن طريق تفكير الشباب وسواعده، وتوجيهه توجيها صحيحا في ضوء المنهج النبوي الشريف، فضلا عن إيجاد الوسائل الكفيلة لتطوير مهاراته وانتشاله من الأفكار الهدامة. وعرفت أشغال الملتقى الذي أشرفت على افتتاحه السلطات الولائية بحضور شيوخ الزوايا وإطارات جامعية ودينية تقديم عديد المداخلات حول «التربية النبوية للشباب وآثارها في التنمية المجتمعية» و»دور التربية الروحية عند الشباب في عملية التنمية المجتمعية'' و»الشباب وقيم المواطنة» و»الشباب والوقاية من التصرف العنيف» وغيرها. وتضمنت التوصيات الختامية للملتقى أيضا الدعوة إلى إعداد برامج وطنية تعليمية تطبيقية لتنمية مهارات الشباب من أجل إشراكهم في عملية التنمية المجتمعية مستلهمة من السيرة النبوية المطهرة، وتوجيه الخطاب الديني نحو نبذ العنف والتطرف وتغليب قيم التسامح بين أفراد المجتمع، وتعزيز آليات الشراكة العلمية بين الجامعة و المؤسسات الدينية، إلى جانب اقتراح إنشاء قسم الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة ورقلة. الفكر المنتج بين الواقع والاستشراف وناقش المتدخلون في اليوم الثاني والأخير من هذا الحدث العلمي من هيئات وجامعات من دول عربية، على غرار تونس والمغرب وقطر والسودان وموريتانيا والأردن والإمارات العربية المتحدة إلى جانب جامعات جزائرية، مواضيع تتعلق ب''مرتكزات صياغة فكر الشباب المنتج بين الواقع والاستشراف'' و''الاعتدال في الخطاب الديني وأثره على الشباب والتربية الحوارية للشباب في السيرة النبوية'' ومحاور أخرى. وكان الهدف من هذه التظاهرة إلى تحديد آليات النهضة المجتمعية عن طريق تفكير الشباب وتوجيهه توجيها صحيحا على ضوء المنهج النبوي الشريف، وكذا البحث عن الوسائل الكفيلة لتطوير مهاراته وحمايته من الأفكار الهدامة، حسبما أوضح مدير الملتقى محمد عمر حساني. يذكر أن ندوة حول شروط وأسس التربية الصحيحة للنشء على ضوء السيرة النبوية الشريفة، نظمت لفائدة العنصر النسوي ضمن فعاليات هذا الملتقى الدولي الذي بادرت بتنظيمه مديرية الشؤون الدينية والأوقاف بالتنسيق مع جامعة قاصدي مرباح بورقلة تحت شعار «يا نشء أنت رجاؤنا...وبك الصباح قد اقترب».