يعرف داء السكري انتشارا مخيفا في الجزائر بالنظر إلى الحالات المسجلة في الآونة الأخيرة تفرض مزيدا من التكفل بالمصابين والوقاية من هذا الخطر الزاحف المهدد لاعداد كبيرة من المواطنين. وتنذر الوضعية المقلقة بجملة من التحديات للسياسة الوطنية للصحة في ظل الأخطار المحدقة بالمرضى بهذا الداء المزمن رغم كل الجهود التي تبذلها الدولة للتخفيف من الإصابة به والوقاية من مضاعفاته والتي كثيرا ما تكون خطيرة جدا. وتشير آخر إحصائيات وزارة الصحة إلى وجود 3 ملايين مصاب بالسكري. لكن الرقم مرشح لتجاوز هذا العدد إلى 4,2 مليون مصاب في السنوات القادمة. واستنادا إلى منظمة الصحة العالمية فإن 25 ٪ من المصابين بالسكري بالجزائر هم شباب دون 25 عاما. ومن جهتهم يرى الأطباء والخبراء أن نسبة المصابين بالجزائر ارتفعت كثيرا هذه السنوات مقارنة بالتسعينات بنسبة 10 ٪ من مجمل السكان، ومرد ذلك عامل التغير الذي حدث على النمط الغذائي للجزائريين وما أحدثه من اختلال في التوازنات العامة للجسم، يضاف إليها عوامل أخرى ساهمت في زيادة مرضى السكري في بلادنا منها التوتر وقلة الحركة. وعلى الرغم من التزام الجزائر برعاية مرضى السكري وتأكيدها في كل مناسبة على غرار اليوم العالمي للسكري المصادف ل 14 من شهر نوفمبر من كل سنة من خلال إنشاء دار للمصابين في كل ولاية وتخصيص منحة مالية قيمتها 3 آلاف دينار لمن يعانون من البطالة نسبتهم 40 ٪. وفي هذا السياق نشير إلى أن 30 ٪ من المصابين بالسكري غير مؤمنين اجتماعيا وهو ما يفسر ضعف التكفل بهم، فافتقادهم لبطاقة التأمين يعيق حصولهم على الأدوية في الوقت المناسب. ويضاف إلى ذلك مضاعفات الداء في انتشار كبير، تصل في غالب الأحيان إلى بتر الأطراف السفلى وفقدان البصر، فضلا عن أمراض القلب والشرايين والقصور الكلوي مما يتطلب الاعتناء بهؤلاء المرضى. لكن هذا غير كاف بالنظر لارتفاع أسعار دواء الأنسولين حسب المصابين الذين حاورناهم في الموضوع عشية اليوم العالمي الذي تنظم بمناسبته مؤسسة «إيلي ليللي» المهتمة بتطوير المواد الصيدلانية لقاء تحسيسيا تحت شعار «التعليم والوقاية من مرض السكري». ويطلق في الاجتماع بفندق سوفيتال لأول مرة برنامج الجزائر الدولي المحادثات حول السكري. ويشارك في الاجتماع خبراء وطنيون والمهنيون في إدارة هذا الداء المزمن وممثلو المجتمع المدني للتوعية والتحسيس بهدف تفعيل سبل الوقاية والتقليل من مضاعفات السكري. وعلى هذا الأساس يستمر الناشطون في هذا المجال من جمعيات وأطباء في عمليات التحسيس بخطر الداء بالنظر إلى تنامي عدد المصابين به في ظل نقص التوعية، واللامبالاة حتى من المرضى أنفسهم. سيما وأن الطبيب الذي يستقبل يوميا أكثر من 40 مريضا في عيادته أو في المؤسسة الاستشفائية، لا يمكنه تخصيص الوقت الكافي لتوعية المصابين بالسكري أو تقديم لهم النصائح لتفادي المضاعفات. بيد انه من المفروض تخصيص قليل من الوقت لتحسيس المصاب وشرح له كيفية تناول الأدوية وتقديم له النصائح والإرشادات.