تنطلق خلال الثلاثي الأول من العام الجاري الإستراتيجية الوطنية المدمجة لمكافحة الأمراض المزمنة بحسب تصريح الدكتور كمال لحلو مدير المعهد الوطني للصحة العمومية ل "المساء" في اتصال هاتفي، مشيرا أن هذه الأمراض تشكل 60% من سبب الوفاة بالجزائر، وأن آثار هذه الأمراض تتفاقم إذا لم تتخذ الإجراءات الوقائية العاجلة للحد من انتشارها علما أن 80% من جميع أمراض القلب والجلطات الدماغية وحالات النوع الثاني من مرض السكري ونحو 40% من أمراض السرطان يمكن منعها، بحسب تقرير صدر مؤخرا عن منظمة الصحة العالمية بعنوان "منع الأمراض المزمنة هو استثمار حيوي"· وتأتي تصريحات الدكتور كلّو تزامنا مع إعلان وزير الصحة السبت المنصرم عن الخارطة الصحية للجزائر التي تأخذ في الحسبان توفير الأدوية للمصابين بالأمراض المزمنة وضمان عدم انقطاعها خاصة أدوية السرطانات والأمراض النادرة· وتأتي في صدارة الأمراض المزمنة بالوطن، السكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والأوعية والسرطانات وأمراض الرئة المزمنة، ورغم تحسن صحة السكان والقضاء نهائيا على معظم الأمراض المتنقلة بفضل توسيع البرامج الوطنية للقاحات، إلا أن الصحة العمومية بالوطن أصبحت تشهد مؤخرا تهديدا حقيقيا بسبب الأمراض المزمنة التي غيرت الخارطة الصحية للوطن· فاستنادا لآخر تحقيق أجرته مصالح وزار ة الصحة أواخر 2006 فإن ما مجموعه 10.5% من مجموع سكان الجزائر مصابون بهذه الأمراض وفي مقدمتها أمراض ضغط الدم بنسبة 38.4% تليها أمراض القلب بأكثر من 26% ثم أمراض السكري ب 10.2% ثم تأتي السرطانات بأنواعها وفي صدارتها سرطاني الثدي وعنق الرحم لدى المرأة بتسجيل معدل 30 ألف حالة سرطانية بالجزائر· وبادرت وزارة الصحة أواخر 2007 بالإعداد لإطلاق استراتيجية وطنية مدمجة لمكافحة كافة الأمراض المزمنة لاسيما داء السكري الذي تزداد نسبة المصابين به بالمجتمع الجزائري بصفة مقلقة، حيث تسجل إصابة 5.4 شخص من كل 100 ألف ساكن· وتشمل هذه الاستراتيجية بحسب تصريح الدكتور كمال الدين لحلو، مدير المعهد الوطني للصحة العمومية ل "المساء" مؤخرا، ثلاثة محاور للوقاية من الأمراض المزمنة منها تطوير الوسائل العلاجية ودعم المراقبة والعمل على تخفيف تكاليف العلاج، مع الإشارة إلى أن فاتورة الأدوية الخاصة بالمصابين بالسرطان على سبيل المثال عام 2005 قد وصلت إلى أكثر من535 مليون دينار حسب مصدر من وزارة الصحة· ومن جملة الأسباب التي يطرحها الأخصائيون في مجال مكافحة الأمراض المزمنة نجد نقص الأخصائيين والهياكل الصحية وانعدام التواصل والتناسق بين القطاعين العام والخاص، ناهيك عن مشكل التكفل الفعلي بمرض الأوبئة الثقيلة على غرارالقصورالكلوي، والالتهابات الكبدية الفيروسية التي تضاف لقائمة الأمراض المزمنة المذكورة آنفا، ما يعني، بالنسبة للدكتور يوسفي رئىس النقابة الوطنية للممارسين الأخصائيين للصحة، أن الإحصائيات الواردة عن مجمل الأمراض بالجزائر تبقى تقريبية في ظل غياب حملات وتحقيقات صحية لتشخيص الأمراض بمجتمعنا· والجدير بالذكر في هذا السياق أن وزارة الصحة قد شرعت بداية 2007 في إطلاق حملة لتشخيص داء السكري كأول حلقة في سلسلة تحقيقات وطنية لتحديد الخارطة الوبائية الجديدة للجزائر، ويذكر الدكتور كلو، أن داء السكري يتطلب تكاليف علاجية باهظة، مشيرا إلى أن 12من ضمن 100 ألف طفل مصابون بهذا الداء بالجزائر، فيما تصل نسبة الإصابة عند شريحة العمر من 30 إلى 60 سنة تتراوح ما بين 7و8% من مجموع المصابين· وعلى صعيد آخر، لجأت الوزارة ذاتها إلى تطبيق الخريطة الصحية الجديدة التي ستساهم في تعزيز الهياكل الصحية بجميع أنواعها بهدف تقريب الصحة من المواطن، مع الإشارة إلى أن القطاع الخاص قد ساهم في تحسين هذه الوضعية، حيث وصل عدد العيادات إلى 286 في سنة 2007 والأخصائيين الخواص 5095 والعموميين 6205 طبيب، هذه الخطوة ستسمح بتحقيق تحسن نسبي في التكفل بالمرضى بالجزائر وتقليص عدد الوفيات بسبب الأمراض المزمنة التي تشكل 60% من مجموع الوفاة بالوطن· كما يتوقع أن تتحسن وضعية القطاع بشكل ملموس مع حلول آفاق 2009 بفضل إنجاز 60 مستشفى على المستوى الوطني تتراوح طاقتها الإستيعابية بين 60و250 سريرا، إضافة إلى استكمال إنجاز 10مراكز لمكافحة السرطان والتي شهدت نسب إنجازها تقدما كبيرا بحسب آخر تصريح لوزير القطاع· ويشدد الدكتور كلّو على ضرورة التقليص من العوامل التي تؤدي إلى الإصابة بالسكري وأمراض القلب والشرايين من خلال مكافحة السمنة وسوء التغذية واتباع نظام غذائي متوازن غني بالفيتامينات من خلال تناول كمية من الفواكه والخضروات وتفاديا السكريات والدهون إلى جانب ممارسة الرياضة والمشي والتخفيف من الوزن وإجراء فحوصات باستمرار، معتبرا أن الوقاية تبقى دائما خير علاج·