يعيش الشعب السوداني أحداثا مهمة على المستويين السياسي والإنساني، حيث أنجز الفرقاء السودانيون اتفاقا لانتقال السلطة بتشكيل مجلس سيادي مختلط بين العسكريين والمدنيين، يأتي ذلك في الوقت الذي تواجه فيه البلاد كارثة إنسانية تمثلت في اجتياح الفيضانات مناطق عدة راح ضحيتها أكثر من 50 شخصا. منح التوقيع، الأسبوع الماضي، على الإعلان الدستوري الذي يحدد معالم الانتقال إلى الحكم المدني في البلاد، تفاؤلا في أنحاء السودان، بعد إنهاء صفحة «حكم البشير» الذي استمر 30 عاما، وأنهى تسعة أشهر من الاحتجاجات الدموية. أكدت الأممالمتحدة أن 54 شخصا لقوا مصرعهم، وتضرر ما يصل إلى 194 شخص، وأتلف نحو 37 ألف منزل في ولايات السودان المختلفة جراء هطول الأمطار والفيضانات، منذ بداية شهر جويلية الماضي. قال الناطق باسم مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، يانس ليركا، في مؤتمر صحفي «إنه من المتوقع أن يستمر موسم الأمطار حتى شهر أكتوبر»، معربا عن قلقه من احتمال حدوث «المزيد من الفيضانات المفاجئة»، لافتا إلى أن ولاية النيل الأبيض هي «الأكثر تضررا، إذ دمر أوتضرر ما يصل إلى 13 ألف منزل». أدى الفريق عبدالفتاح البرهان، الأربعاء الماضي، اليمين رئيسا للمجلس السيادي الذي سيحكم السودان خلال مرحلة انتقالية مدتها 39 شهرا نحوالحكم المدني. كما أدى عبدالله حمدوك، بالعاصمة السودانية الخرطوم، اليمين الدستورية، بعد تنصيبه رئيسا للحكومة الانتقالية، وقام حمدوك بأداء القسم في القصر الجمهوري أمام رئيس المجلس السيادي، الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، ورئيس القضاء. الاصلاح الاقتصادي أولوية في أول مقابلة تلفزيونية له حدد حمدوك، بوضوح شديد، أهم أولوياته خلال المرحلة المقبلة، وبدا أنها تركز على الملف الاقتصادي الشائك في بلاده. وخلال المقابلة قال حمدوك: «أنا أتيت لأساهم مع شعبنا، لكي نعبر بالبلد إلى بر الأمان» «بلوغ بر الأمان»، عبر إصلاح تشوهات الاقتصاد السوداني، جاء على رأس تصريحات رئيس الوزراء الجديد . فالأزمة الطاحنة التي عصفت باقتصاد بلاده، لا تخفى عليه وهو خبير اقتصادي سابق، يعلم جيدا أن الفوضى السياسية التي عاشتها البلاد لأشهر بعد الإطاحة بالنظام السابق، زادت من الطين بلة، لتثقل كاهل اقتصاد بات على شفا الانهيار. في هذا السياق، أكد حمدوك أن الإصلاح الاقتصادي على رأس أولويات حكومته، لبناء اقتصاد وطني، يعتمد على الإنتاج لا الهبات. نحو إعادة هيكلة الديون تحديات صعبة تنتظر رئيس الحكومة الانتقالية لاجتياز الكثير من المصاعب، وإرث نظام سابق عاث فسادا، وأَضعف البلاد على مدى ثلاثة عقود، لتحقيق رؤى وتطلعات الشعب السوداني، كي يعيش بكرامة وإنسانية في ظل سلام مستدام. أوضح الخبير الاقتصادي الذي سبق أن تولى منصب الأمين التنفيذي للجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة، إنه بدأ محادثات مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، لمناقشة إعادة هيكلة ديون السودان، وتواصل مع الدول الصديقة وهيئات التمويل. أشار حمدوك إلى أنه يجري اتصالات من أجل تحقيق ذلك، وأن الاحتياطيات في البنك المركزي ضعيفة ومنخفضة للغاية. تابع قائلا: «السودان يحتاج بصورة عاجلة إلى ملياري دولار لا بد تتوفر كاحتياطي من النقد في البنك المركزي للمساعدة في إيقاف تدهور سعر صرف الجنيه السوداني». كما كشف حمدوك في تصريحاته عن محادثات تجرى مع الولاياتالمتحدة، لرفع اسم السودان من قائمة واشنطن للدول الراعية للإرهاب.