حقق المنتخب الوطني فوزا مهما للغاية من الناحية البسيكولوجية في المباراة الودية التي جمعته سهرة أول أمس بملعب مصطفى تشاكر بالبليدة بنظيره التونسي، في إطار البرنامج التحضيري المسطر من الناخب وحيد هاليلوزيتش خلال التربص المقام حاليا بمركز تحضير المنتخبات الوطنية بسيدي موسى، والمرتقب أن يختتم بمباراة ودية ثانية مساء الغد أمام منتخب الكاميرون ستقام على ملعب 5 جويلية الأولمبي .ورغم انتهاء المباراة بأقل نتيجة ممكنة لصالح الخضر هدف دون رد من امضاء رجل اللقاء بدون منازع رياض بودبوز دقائق قليلة فقط قبل انتهاء الشوط الأول، إلا أن لاعبي الفريق الوطني قدموا مستوى مقبولا إلى حد بعيد، لم نشاهده منذ فترة طويلة قاربت السنتين، حيث طبقت أغلب العناصر المشاركة الاساسية منها والاحتياطية تعليمات المدرب هاليلوزيتش بحذافيرها، مما سمح لهم بفرض ضغط كبير ومستمر على منطقة الحارس التونسي رامي الجريدي، وعرفوا كيف يبسطوا سيطرتهم طيلة أطوار المواجهة التحضيرية، مع تسجيل بعض الخطورة في مناسبات متعددة من الجانب التونسي خاصة عن طريق صانع الألعاب زهير الذوادي، لكنها باءت بالفشل بفضل فطنة واستماتة محاربي الصحراء، وبالخصوص في خط الدفاع والاسترجاع. وكما كان منتظرا، دخل اشبال التقني البوسني المقابلة بكل قوة، وبدت نوايا الجانب الجزائري واضحة في لعب ورقة الهجوم باشراك كل من هلال سوداني وغيلاس في الهجوم، وتدعيم وسط الميدان بلاعبين ذوي نزعة هجومية أيضا وهما يبدة وبودبوز، هذا الأخير كان محركا حقيقيا للمنتخب، وقام بدوره على أكمل وجه في صناعة اللعب وتمويل رفقائه بالكرات، حيث سجل لمسته في اغلب المحاولات والفرص، ليؤكد بذلك اللياقة الممتازة التي يتمتع بها في الفترة الحالية مع ناديه سوشو الفرنسي، ما زاد من سعادة مدربه هاليلوزيتش بعد نهاية المباراة، هو تمكن مدلل الخضر مع توقيع أول أهدافه مع منتخب الجزائر، وهو ما اعتبره أمرا ايجابيا للغاية بالنسبة للاعب، متوقعا أن يتحرر أكثر ويبلغ مستويات أفضل بكثير مما يقدمه حاليا، كما وصفه بالظاهرة وأنه ينتظر منه أن يشكل ثنائيا من ذهب إلى جانب سفيان فغولي في المواعيد اللاحقة. سوداني قدم مردود طيبا نفس الانطباع أبداه المدرب فيما يخص باقي اللاعبين، الذين كانوا في مستوى الثقة التي وضعتها فيهم الجماهير الغفيرة التي غصت بها مدرجات ملعب تشاكر رغم الطابع الودي للمباراة، وبدوا متحررين نفسيا، بغض النظر عن المتاعب التي واجهت الطاقم الفني قبل بداية اللقاء بعد تسجيل عدة إصابات في صفوف الفريق الوطني، حالت دون استفادة الجميع من الفرصة التي أراد اتاحتها «وحيد» لكل الأسماء القادرة على حمل الألوان الوطنية، كما عرف الآداء الجماعي بصفة عامة تحسنا ملحوظا بفضل الانسجام والتفاهم بين عنتر يحيى وزملائه، والذي كان شكل هاجسا حقيقيا للمدربين الذين تعاقبوا على العارضة الفنية للمنتخب، وفي ذات السياق، لاحظ كل من تابع اللقاء الكم الملفت للانتباه من الفرص التي صنعها المنتخب الجزائري في الهجوم، على خلاف ما كان عليه الحال من قبل، ومعاناة الخضر في كيفية صناعة اللعب، وفرض الضغط على المنافسين حتى عندما يكونون متأخرين في النتيجة، وهنا يمكن سر اللمسة التي أضافها مدرب باريس سان جيرمان السابق منذ تعيينه على رأس الفريق الوطني، والمتمثلة أساسا في تركيزه على العامل النفسي عن طريق شحن عزيمة لاعبيه بخطابات قوية وكلمات مؤثرة تجسد مفعولها على الآداء الجماعي والفردي على حد سواء، بما فيهم الجدد في صورة سوداني الذي قدم أفضل ما لديه في مباراة تونس بمجرد اعطائه الفرصة في اللعب أساسيا، بعدما أحس بأنه يحظى بثقة هاليلوزيتش. وفي انتظار مواصلة تطبيق العقلية التي جاء بها «وحيد» للجزائر، يبقى على لاعبينا الدوليين العمل بكل جدية مع أنديتهم حتى يحافظوا على مكانتهم الأساسية، لأن الشرط الرئيسي الذي يعتمد عليه الطاقم الفني الوطني في تحديد قائمة التشكيلة المعول عليها لتمثيل الوطن في التحديات القادمة هو ضرورة أن يكون اللاعب أساسيا في فريقه وجاهزا بدنيا وفنيا لإعطاء الاضافة، وليس العكس لأن الظروف الحالية لا تسمح للمدرب الوطني بمواصلة عملية الانتقاء والتجريب، وهو مجبر على المرور إلى المرحلة التالية، وهي تحسين آداء الفريق بعد الفصل في تركيبته والتفكير جديا في تحقيق الأهداف المرجوة بالتأهل إلى كأس افريقيا 2013 بجنوب افريقيا وكذا ضمان المشاركة في مونديال البرازيل 2014. وستكون المباراة الودية المبرمجة غدا ضد منتخب الأسود غير المروضة بقيادة النجم صامويل ايتو، فرصة ثمينة لتأكيد النسق المتصاعد للنخبة الوطنية منذ مجيء المدرب الفرنكو بوسني، والمواصلة في العمل الذي بدأه من خلال منح الفرصة لباقي العناصر الدولية المشاركة في التربص، لأن الرهان كبير جدا، ويتوجب تحديد التشكيلة الأنسب بعد غربلة التعداد الحالي، ومباشرة الأمور التقنية والتكتيكية سريعا حتى يكون المنتخب على أهبة الاستعداد للتحديات المنتظرة. كمال عريوات