إنّ الحديث عن التدفئة المدرسية بولاية جيجل له من الأهمية البالغة ما يضطّره كي يكون مفتوحا صريحا لا يقبل لا لفّا ولا دورانا، ولا وعودا بحل المشكلة في أيام تليها أخرى حتى ينقضي الشتاء دون أن يتصاعد دخان المدافئ من أسطح مدارس أنشئت لمزاولة العلوم والتربية في أحسن الظروف التي تسمح بالتحصيل اللازم. وقد التقينا بمدير التربية بالنيابة في أستوديو الإذاعة المحلية قبل أيام، حين فتح خلالها النقاش حول كل القضايا والمشاكل التي تخص القطاع، من بينها موضوع التدفئة المدرسية. وحينها أكد السيد المدير المكلّف، أن الأغلبية الساحقة من مدارس الولاية مجهزة بالمدافئ، وأن هيئته تحمّلت كامل مسؤوليتها في هذا الجانب، موضحا أنّ هذه المسؤولية تتوقف هنا لا أكثر، أمّا تشغيلها وصيانتها ومتابعتها هي مسؤولية تعنى بها الجماعات المحلية ممثلة في البلدية والمصالح المكلفة على مستواها. فمن الواضح أن مسالة التدفئة في المدارس تنقسم إلى قسمين، الأول هو وضع الجهاز بالمؤسسة التربوية، وهو من صلاحيات مديرية التربية، والثاني يتمثل في التشغيل، و هذا من صلاحيات البلدية. وكم سيكون الأمر جميلا لو يكون كل طرف في هذه المعادلة عند حسن التطلعات، ويؤدي واجبه تجاه التلاميذ على أكمل وجه، ولكن عندما يتحول الأمر إلى تهرّب، وكل جهة تحمل أخرى المسؤولية، فهو أمر لا يعود إلاّ على أبنائنا بالضرر الكبير، وهو ما كان يحدث للأسف في الأعوام الماضية في كثير من المدارس، ويمضى الشتاء تلوى الأخرى والمدفئة لازالت جاثمة في زاوية القسم حتى يأكلها الصدأ. وفي تصريح السيد شيوب في حصة منتدى الإذاعة التي يقدّمها الزميل رضوان بوشنين، ويستدعي لها زملاء المهنة من مراسلين وصحفيين، فيبدو أن الذهنية قد تغيّرت وبات التعاطي مع الأمر يؤخد بأكثر جدية عكس ما كان عليه، وقد وقفنا على صحة هذا التصريح لدى اتصالنا ببعض المعلمين في مدارس عاصمة الولاية، وأكدوا لنا أن مشكل التدفئة غير مطروح تماما في الوقت الراهن، وكل شيء يسير على ما يرام. إلى هنا يبدو كل شيء وردي، ولكن الطابع الجبلي والريفي الغالب على ولاية جيجل يجعل من أهمية التدفئة في أعالي الجبال أهم بكثير منه في المدينة نظرا للفارق الكبير في طبيعة المناخ، الذي يعرف تساقط الثلوج في بلديات مثل تاكسنة وسلمى واراقن وأعالي الطاهير والميلية. ولدى استقصائنا لوضعية المدافئ، وجدنا أن أغلبها يشتغل بصفة طبيعية كما هو الحال في سلمى واراقن وتاكسنة، حيث تشرف على العملية مصالح البلدية وتقوم بتزويدهم بالغاز الخاص بها، ولكن بعض الأنباء التي وردتنا من بلدتي غبالة وأولاد رابح أفادت أن مدارس هاتين المنطقتين لن تستفيد من التدفئة بسبب عجز السلطات المحلية عن توفير الغاز والبنزين لتشغيل الأجهزة. وهنا نصل إلى أن جهة دون أخرى لن تستطيع القيام بواجبها، والأسوء أن نفس الأصداء أكدت أن الأمر سيستمر هكذا طيلة الفصل، ما سيشكل عبئا آخر على التلاميذ رفقة حقيبة الظهر الثقيلة جدا والمسافات الطويلة التي يقطعها البعض مشيا على الأقدام. ولا حلّ لهؤلاء إلاّ عضّ الأصابع ومضاعفة الملابس والجوارب إذا أرادوا أن يستمعوا لدرس المعلم، الذي لن ينجو هو الآخر من برودة الطقس وزمهرير الشتاء العاصف، الذي يميز أعالي الولاية. وينتظر أولياء التلاميذ في المناطق المذكورة أن تتمكن مصالح البلدية من تشغيل أجهزة التدفئة خلال الأيام القادمة، وأن تستفيد المؤسسات التربوية التي استلمت بداية الدخول الاجتماعي هي الأخرى من الطاقة التي تقي أبناءنا من البرد القارص.