عادت، منذ أسبوع، القضية الفلسطينية إلى واجهة الأحداث، بعدما عرفت تعتيما إعلاميا كبيرا من قبل الكيان الصهيوني لإخفاء ما يقوم به في منطقة القدس الشريف أولى القبلتين وثاني الحرمين الشريفين، بمناسبة التحرك العالمي لصالح نصرة القدس والمسيرة المليونية التي شاركت فيها عدة دول منها الجزائر لصالح القضية تحت شعار «حرية فلسطين». أكد مدير مركز الأقصى للدراسات بالجزائر الأستاذ عامر موسى (أبو أحمد) أمس خلال ندوة النقاش التي نظمها مركز «الشعب» للدراسات الاستراتيجية بمناسبة ذكرى تقسيم فلسطين المصادف ل 29 نوفمبر، عادت الذكرى والقدس يعرف حالة من التدهور غير مسبوقة، في ظل استمرار الكيان الصهيوني في الحفريات، والاعتداء على المقابر للبحث عن دلائل تعطي له الحق في هذا المكان المقدس الذي دنسته أقدامه الهمجية منذ أكثر من 60 سنة تاريخ قيام دولة إسرائيل . لم يكف إسرائيل التقتيل وطرد الفلسطينيين كما قال أبو أحمد، بل عملت جاهدة على ممارسة التعتيم الإعلامي على كل ما تقوم به من أجل تهويد القدس ككل، وطرد ما تبقى من العرب والذين لا يمثلون سوى 35 بالمائة من نسبة السكان في المنطقة، مقابل 56 بالمائة من اليهود الصهاينة. بالرغم من حالة الانسداد التي مرت بها القضية، ومفاوضات التسوية التي لم تجلب كما ذكر المتحدث سوى العار للشعب الفلسطيني وقادته إلى الهلاك والدمار، تبدو للأستاذ عامر موسى آفاق الانفراج قريبة، في ظل الحراك العربي الذي ساهم كثيرا في إعطاء دفع للمصالحة الفلسطينية، خاصة بعد سقوط أهم ورقة ضغط على السلطة الفلسطينية متمثلة في النظام المصري السابق للتراجع عن مطالبه المشروعة والخضوع للمساومات. وبرأي أبو أحمد فإن الربيع العربي حمل أملا كبيرا للقضية، فالظرف ساهم في عودة الإخوة الفرقاء متمثلين في حركة حماس وحركة فتح للاجتماع على طاولة واحدة، بالرغم من أن كل طرف يحاول فرض رأيه وعدم تقديم تنازلات، لكن يبدو للمتحدث أن اللقاء الأخير الذي جمع رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن، وخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، يحمل جديدا واعتبره إيجابيا بالرغم من كل ما روج حوله بأنه كان فاشلا، خاصة وأنه تحت الإشراف المصر ي ما بعد نظام مبارك، الذي يريد إنهاء الانقسام الفلسطيني، ولفتح معبر رفح، على أساس أن إنهاء الانقسام مطلب شعبي ملح وسيرضخ له في النهاية لصالح القضية. كما ساهم الحراك العربي كما ذكر في سياق الحديث في توقيف عمليات الهدم التي استهدفت مؤخرا باب المغاربة في القدس، ويعتقد أن الربيع العربي يجهز نفسه لتحرير فلسطين، ويتنبأ بأن يتحقق ذلك على مدى عشرية من الزمن. وذكر المتحدث بالمجهودات الجبارة التي تقوم بها الجزائر لنصرة القضية، أهمها فتح ملف الأسرى الذي ضرب عليه بسور من الحديد، باحتضانها أول مؤتمر دولي في الجزائر جمع الأسرى من مختلف الفصائل الفلسطينية وحضره أكثر من 10 آلاف أسير. وكشف في سياق متصل، أن هناك صفقة لتبادل 550 أسير من بينهم 10 أسيرات قريبا، مذكرا بأنه تم لأول مرة في التاريخ تحرير 315 من الأسرى الفلسطينيين المحكوم عليهم بالإعدام. كما جدد امتنانه لما تقوم به الجزائر من خلال التحالف الجزائري من أجل فلسطين الذي تشرف عليه، والذي قام بإفطار 30 ألف فلسطيني في رمضان لمدة 5 أيام، بالإضافة إلى أن الجزائر استطاعت أن تفتك من العرب الاعتراف بمنظمة التحرير الممثل الوحيد لفلسطين بعيدا عن الولاءات، مع التذكير بأن قيام دولة فلسطين كان يوم 15 نوفمبر 1988 ببلادنا . وانتقد من جهة أخرى، قلة الدعم الذي توجهه منظمة المؤتمر الإسلامي الذي يمثل 56 دولة لدعم القضية والذي لا يتجاوز 10 مليار دولار مقابل موازنة يدفعها رجال الأعمال الإسرائليين تصل إلى 150 مليون دولار، وتنفق بلدية القدس اليهودية ما قيمته 1 مليار لتهويد المسجد الأقصى.