وقفت »الشعب«، أمس، على الحالة المزرية والمتدهورة تماما لسكان شارع مصطفى سرير بالمدنية في العاصمة، الذين يعيشون في شقق ضيقة تفتقد لأبسط الشروط الضرورية ولا تصلها أشعة الشمس حتى في فصل الصيف مما جعل نسبة الرطوبة فيها مرتفعة، إلى درجة اننا اصبنا بالاختناق عندما دخلنا بعض الشقق للتحدث مع أصحابها، وعلمنا بأن الكثير منهم مصابون بالربو والحساسية خاصة الأطفال اذ لاحظنا تعفنات على مستوى الأذن، الأنف والفم، لانعدام التهوية والنظافة. وضعية لم يعد يتحملها سكان بنايات ال9 المتواجدة في شارع مصطفى سرير بالمدنية من عرض شكاويهم عبر »الشعب« وهددوا بالخروج إلى الشارع وإلقاء كل أثاثهم في الطرق لقطعها، احتجاجا عن العيشة الظنك لهم في مساكن يقيمون فيها منذ نصف قرن (تعود إلى العهد الاستعماري) والتي بدأت تنهار على رؤوسهم، حيث تسبب سقوط احد الأسقف في البناية رقم 7 من إصابة السيدة افتن طاطا بكسر ورضوض في ذراعها الأيمن. حالة من الغضب والاستياء عن واقع بمرارة العلقم، عبر عنها سكان شارع مصطفى سرير ل»الشعب« التي توجهت إلى عين المكان، وقد انتابهم خوفا شديدا بعد أن بدأت الجدران والأسقف في بعض البنايات في الانهيار، نتيجة تشبعها بالرطوبة. وتزداد حالتها سوءا كلما حل موسم الأمطار. وحسب تصريحات البعض منهم، فإن وضعيتهم معروفة لدى السلطات المحلية منذ مدة طويلة، لكنها لم تحرك ساكنا إلا مؤخرا، أي بعد إصابة السيدة افتن ذات 61 سنة من كسر في الذراع، التي نقلها أعوان الحماية المدنية إلى المستشفى وقامت فرقة الدرك الوطني والأمن الوطني بتحرير محضر معاينة لوضع ليس على ما يرام. وأفادت هذه الأخيرة تقول أنها تعيش في »الشقة« ذات الغرفة الوحيدة والتي لا يتجاوز طولها 5 أمتار مع ولدها المتزوج وله أطفال، وهي تنتظر أن تنهار فوق رؤوسهم جميعا بين الحين والأخر نظرا لشدة هشاشتها. وأضاف ابنها يقول: أن عدة تحقيقات قام بها أعوان بلدية المدنية، بالإضافة إلى الشكاوى التي قدموها لرئيس المجلس الشعبي والوالي المنتدب، وقد وعدهم بترحيل سكان البنايات التسع إلى »الشاليهات«، غير أن ذلك لم يرق للعديد منهم، وأكدوا على المطالبة بإعادة الإسكان في عمارات جديدة. فهم لا يختلفون كما قال السيد زبير مصطفى كمال، القاطن في البناية رقم 10 عن سكان »ديار الكاف« الذين استفادوا من شقق بكل الضروريات بعد ترحيلهم بئر توتة في الجهة الجنوبية للعاصمة. وأضاف ذات المتحدث بأنه لا يريد إثارة الفوضى، لكنه يطالب بان تنظر لحالتهم السلطات المعنية باتخاذ الإجراءات اللازمة لتخليصهم من شبح الخوف من انهيار المساكن على رؤوسهم والأمراض التي أصيبوا بها جراء نقص التهوية والرطوبة، والتي كانت زوجته ذات ال50 عاما إحدى ضحاياها، حيث شاهدناها طريحة الفراش، لا تقوى على الحركة بعد أن أصيبت بشلل تام. ولم يسلم من هذه المأساة الأطفال الذين أصيبوا بأمراض مختلفة منها الحساسية، ولاحظنا على وجوههم تعفنات وتقرحات نتيجة للحالة المتردية للشقق التي تربت فيها البكتيريا والجراثيم بكل أنواعها والتي تبدو متسخة للغاية بالرغم من تنظيفها المستمر من قبل سكانها. وإذا كان السيد زبير لا يحبذ الفوضى حسب تصريحه لنا فإن الحال عكس ذلك بالنسبة للسيدة نويوة، التي رفضت أن ترحل إلى »الشالي«، وأكدت أنها لا يمكنها التحمل أكثر من طاقتها في بناية أمضت فيها أكثر من نصف عمرها، وهي الآن مصابة بالربو نتيجة للرطوبة العالية ونقص التهوية، وهي من ضمن السكان الذين يهددون بالخروج إلى الشارع، إذا ما لم يتم ترحيلهم إلى سكنات لائقة قبل نهاية السنة الجارية، لان مساكينهم مهددة بالسقوط، بل بدأت تتساقط أطرافها، ومن يعلم ماذا يمكن أن تحمله الأيام المقبلة مع اقتراب دخول فصل الشتاء!