تشهد ظاهرة منح الدروس الخصوصية ،انتشارا كبيرا خلال السنوات الأخيرة وذلك على مستوى الأطوار التعليمية الثلاثة. وبأسعار جد مرتفعة، خاصة بوسط العاصمة. حيث يلجا التلميذ بالمتوسطة أو بالثانوية إلى الحصول على هذه الحصص عندما لا يستوعب الدرس جيدا في إحدى المواد بالقسم، أو أن الأستاذ يتعمّد عدم تقديم شروحات مستفيضة للتلميذ كي يدفعه إلى الحصول على هذه الحصص. حيث يمنح الأستاذ المشرف على هذه الدروس حصصه بالمستودع أو مرآب في بعض الأحيان ولايهم شيء سوى الحصول على المال. ويختلف سعر حصص المواد من منطقة لأخرى، حيث إنه بالعاصمة يصل الثمن إلى 2000 دج في الشهر للمادة الواحدة، لاسيما المواد العلمية أو اللغات التي يفضل التلاميذ القيام بدروس خصوصية فيها بحكم معاملها المرتفع. في حين ببلدية مفتاح يقدر سعر المادة الواحدة ب600 دج في الشهر بالنسبة لتلاميذ الاكمالية و800 دج للطور الثانوي. وفي هذا الصدد، تقربنا من متوسطة حي 150 مسكن بمفتاح بغرض الاستفسار عن هذا الموضوع أكثر، حيث أوضحت إحدى المعلمات بذات الاكمالية بأن هذه الأخيرة تمنح دروسا تدعيمية مصادق عليها من طرف مديرية التربية الوطنية، وليست دروسا خصوصية التي تمنح خارج المدارس. مضيفة في تصريح ل “الشعب” أن المعلمين الذين لم يبلغوا النصاب أي لديهم قانونا 22 ساعة والأربعة ساعات المتبقية يمنحها المعلم للتلميذ الذي لم يستوعب الدرس بشكل جيد أو في حالات عدم استكمال البرنامج الدراسي، فإن الأستاذ يضيف ساعات أخرى. وأشارت، إلى أن الأساتذة مجبرون على تقديم حصص الدعم بدون مقابل وهذا بموافقة من الإدارة وأولياء التلاميذ وهم مرتاحون لذلك. كما أن كل من المعلم، المدير والمستشار التربوي يحثون التلميذ على ضرورة القيام بالدعم داخل المؤسسة كون أستاذه يعرف نقائصه ويتكفل به جيدا عبر تقديم شروحات أكثر تمكّنه من الفهم الجيد. مؤكدا أنه هناك تجاوب من طرف هؤلاء التلاميذ الذين يأتون يوم السبت للاستفادة من الدعم البيداغوجي. وأبرزت في هذا الإطار محدثتنا التي رفضت الإفصاح عن اسمها أن ظاهرة تقديم الدروس الخصوصية من طرف المعلمين لا تطرح أبدا على مستوى اكمالية حي 150 مسكن، وأن الحصص التدعيمية تتعلق بأقسام الامتحانات، ولأنه كذلك الأستاذ مضطر للقيام بهذه الحصص كل يوم السبت بسبب كثافة البرنامج الدراسي، بهدف تثبيت المعلومات عن طريق هذه الحصص. وبالنظر إلى العدد الكبير للتلاميذ بالأقسام الذي لا يسمح لهم باستيعاب الدرس جيدا، علما أن عدد التلاميذ بالقسم يقدر بأربعين تلميذا، مقابل خمسة أقسام وأربعة عشرة قاعة التي لا تكفي لتسعة عشرة فوجا. وقالت أيضا معلمة الاكمالية: “أنا ضد بعض الأساتذة الذين يعدون على الأصابع ويمنحون مثل هذه الدروس، خاصة وأن الوضعية الاجتماعية للتلميذ لا تسمح له بدفع ثمن الحصص الخصوصية، فنحن نراعي ظروف التلميذ”، مضيفة أنه يوم سقوط الثلوج بالمنطقة تعذّر على الكثير من التلاميذ الإلتحاق بمقاعدهم، قام الأساتذة باللعب بكرات الثلج مع التلاميذ، حيث خلقوا جوا من الفرحة وجسرا للتواصل والاحتكاك أكثر بالتلميذ. نفس التوضيحات قدمها لنا مدير المتوسطة السيد طاري جمال الدين مفيدا بأن ظاهرة الدروس الخصوصية موجودة لدى فئة صغيرة من الأساتذة وليست معممة، وأنه بالتعاون مع المعلمين يشجعون التلميذ على الحضور كل يوم السبت للاستفادة من هذا الدعم لأنه لا يملك الإمكانيات ، وظروفه الاجتماعية ضعيفة. مؤكدا أن المتوسطة من أحسن المتوسطات على مستوى الولاية ولا توجد ظاهرة منح معلم من الاكمالية دروس خصوصية خارج المؤسسة، وأن الإدارة والمعلمين يعملون من أجل مصلحة التلميذ. وانتقد مدير متوسطة حي 150 مسكن تصرفات بعض الأساتذة الذين يمنحون مثل هذه الدروس خارج الاطار الرسمي، قائلا: نحن ضد الدراسة داخل مستودع، فالعلم لا يباع ومصلحة التلميذ فوق كل اعتبار” مضيفا أن التلميذ الذي يرغب في دفع ثمن الحصول على حصص إضافية أخرى من طرف معلمه أو معلمته للاستيعاب أكثر، فإن ذلك يتم داخل الاكمالية وبموافقة جمعية أولياء التلاميذ، بالتنسيق مع الإدارة والأستاذ المشرف. حيث توجد رخصة قانونية ممضية من طرف البلدية لحماية التلميذ والأستاذ على حد سواء في حالة ما إذا وقع مكروه لسمح اللّه. وأوضح أيضا طاري جمال الدين، أنه يتم عقد اجتماعات مع الأولياء أثناء دراسة التلاميذ، كما أن الإدارة تتفادى تقديم دروس تدعيمية في أيام العطلة، وهذا كي تسمح للتلميذ بأخذ قسط من الراحة والاستفادة من العطلة للعودة بنشاط وحيوية، وكله عزم على الدراسة والنجاح. وجدّد محدثنا تأكيده على أن المعلمين العاملين بالمتوسطة لديهم الضمير المهني ويضعون مصلحة التلميذ، وظروفه الاجتماعية فوق كل اعتبار. ولا يعمدون أبدا إلى تقديم دروس خصوصية خارج المؤسسة، بل إن البعض منهم يتطوعون مجانا وعلى حساب راحتهم لمنح دروس تدعيمية لفائدة أبنائنا التلاميذ.