القرارات التي اتخذها رئيس الجمهورية خلال زيارته للمؤسسات الصحية، ثمنها ممارسو الصحة من أطباء أخصائيين وممرضين ونقابات وطنية، خاصة ما تعلق بإلغاء إلزامية الخدمة المدنية واستبدالها بإجراءات تحفيزية، من شأنها أن تساهم في تشجيع الأطباء على العمل بولايات الجنوب وتحقيق تغطية صحية شاملة وعادلة، بالإضافة إلى استفادة الطاقم الطبي وشبه الطبي من سنة تقاعد، نظرا لمساهمتهم في مواجهة وباء كورونا. أجمع أخصائيون ونقابات الصحة، على أن القرارات الموجهة لمستخدمي القطاع ستبعث الأمل في الطاقم الطبي وشبه الطبي بعد عدة سنوات من الإجحاف والتقصير في حقهم بسبب ظروف العمل الصعبة، مؤكدين استعدادهم لخدمة المرضى في هذه الفترة الصعبة التي تتطلب مساهمة الجميع وبذل مجهودات أكبر لكسب معركة الحد من انتشار هذا الوباء الخطير والتحكم فيه. في تصريح ل «الشعب»، دعت نقابات وطنية إلى تعميم الإجراءات المتعلقة بملف التقاعد ومراجعة الأجور وإعادة النظر في الوضعية المهنية على جميع المصالح والعمال ومهنيي الصحة، الذين يؤدون واجبهم في مواجهة أزمة وباء كورونا، غير مبالين بأن حياتهم معرضة للخطر وكذا عمال النظافة والتعقيم الذين يواجهون الوباء في خط الدفاع، إلى جانب الأطقم الطبية وشبه الطبية ومختلف المتطوعين، من جمعيات خيرية لاتزال خدماتها متواصلة في تقديم الدعم والتضامن مع المتضررين من الأزمة. في هذا الإطار، عبر أطباء عامون ومختصون، عن ارتياحهم للدعم الذي تلقوه من قبل رئيس الجمهورية، خاصة ما تعلق بقرار استفادة الذين عملوا لشهرين في مواجهة فيروس كورونا من سنة أقدمية في حساب سنوات التقاعد، زيادة على التحفيزات الممنوحة للسلك الطبي والتكفل بانشغالاتهم المهنية. أما رئيس النقابة الوطنية للممارسي الصحة العمومية إلياس مرابط، فقد رحب بالإجراءات المعلن عنها، مؤكدا أنها خطوة هامة نحو الإصلاح العميق للمنظومة الصحية، خاصة ما تعلق باحتساب سنة تقاعد لكل طبيب أو ممرض ساهم في مواجهة وباء كورونا وعرّضوا أنفسهم إلى الخطر، بالإضافة إلى مراجعة الأجور وذلك اعترافا بالمجهودات المبذولة في التكفل بالمرضى. وعن إلغاء الخدمة المدنية واستبدالها بإجراءات تحفيزية، اعتبرها مرابط إلياس من الملفات الهامة وهي بمثابة امتيازات لفائدة الأطباء المختصين، من شأنها أن تساهم في تقدير الكفاءات وتشجيع الأطباء على العمل في الجنوب، مشيرا إلى أن السلك الطبي وعمال الصحة تواجههم عدة صعوبات في آداء المهنة. سلك شبه الطبي مجنّد أكد الأمين العام لنقابة شبه الطبيين لوناس غاشي، أن 50٪ من الطاقم شبه الطبي الذين يتكفلون بالمرضى على مستوى الوطن، أصيبوا بعدوى فيروس كورونا داخل المصالح الطبية وخارجها، نظرا لاحتكاكهم المباشر بالمصابين بالفيروس وتواجدهم في المستشفيات لساعات طويلة وهو ما يعرضهم لخطر الإصابة بالمرض. وأوضح، أن جميع الممرضين والممرضات تجندوا في هذا الظرف الصعب ولم يقصروا في تقديم الدعم، حتى الذين يعملون في ولايات أخرى لم تشهد عددا كبيرا من الإصابات بالوباء أكدوا استعدادهم للالتحاق بمستشفيات العاصمة والبليدة للمساهمة في التكفل بالمرضى. وقال غاشي، إن النقابة الجزائرية لشبه الطبيين طالبت بتوضيح التعليمة الخاصة باحتساب سنة تقاعد لكل طبيب وممرض عمل مدة شهرين في مواجهة وباء كورونا، بالإضافة إلى تعميم الإجراءات التحفيزية المتخذة من قبل رئيس الجمهورية على كل مهنيي الصحة ومختلف الممرضين والممرضات، الذين ساهموا من قريب أو من بعيد في تقديم المساعدة والتطوع حتى خارج أوقات العمل. قرارات محفزة للأطقم الطبية من جهته اعتبر الأمين الوطني المكلف بالإعلام بنقابة «السناباب» حمراني جيلالي، القرارات المتخذة من قبل رئيس الجمهورية بالمحفزة للأطقم الطبية، التي تواجه جائحة كورونا في الصفوف الأولى من أجل بذل مجهودات أكبر، مشيرا إلى أن السناباب تأمل أن تشمل هذه الإجراءات باقي القطاعات التي تجنّدت هي الأخرى لمواجهة الجائحة الصحية العالمية كل في مجاله واختصاصه. إلغاء الخدمة المدنية محفّز بدوره يرى رئيس الاتحادية الوطنية لمستخدمي قطاع الصحة عمار لكحل، المنضوية تحت لواء «السناباب»، أن التحفيزات من المفروض أن لا تخص عمال الصحة فقط من أطباء وممرضين، وإنما كل من واجه خطر الوباء، إذ لا يجب إقصاء أي طرف من الطاقم الطبي وشبه الطبي ومصالح النظافة والمتطوعين من مختلف القطاعات، موضحا أن تطبيق القرارات من المفروض أن يكون بعد القضاء على وباء كورونا، لأن أكثر ما يهم الآن التجند لمواجهة هذا العدو الخفي. وقال رئيس الاتحادية الوطنية لمستخدمي قطاع الصحة، إنه على الشعب الجزائري أن يلتزم بتطبيق الحجر الصحي للتغلب على هذا للوباء، نظرا لعدم وجود حل بديل يمكننا من استعماله، إذ ليس لدينا خيار آخر إلا لمّ الشمل والتضامن وأخذ الاحتياطات الوقائية اللازمة للخروج من هذه الأزمة في أسرع وقت. وفيما يخص قرار رئيس الجمهورية، أجاب لكحل، في ذات السياق، أن الاتحادية الوطنية لمستخدمي قطاع الصحة طالبت بالتوزيع العادل للمواد البشرية حسب المناطق الجغرافية، مع ضرورة توفير الإمكانات لتحفيز الأطباء على العمل في ولايات الجنوب ولكن لم تلقَ أية استجابة، مشيرا الى ان قرار رئيس الجمهورية بإلغاء الخدمة المدنية وتقديم تحفيزات، كان ينتظره الجميع منذ سنوات، نظرا لمعاناة الأطباء أثناء تأديتهم واجبهم المهني في ظل عدم وجود جو ملائم للعمل. كما أن قرار رئيس الجمهورية بإلغاء الخدمة المدنية، لا يخدم الطبيب فقط ولكن يخدم المرضى في الجنوب أيضا في إطار تقريب الصحة من المواطن وتوفير إمكانات العلاج لتحقيق التغطية الصحية الشاملة والعادلة. مذكرا، بأن إجبارية الخدمة المدنية تسببت في دخول آلاف الأطباء المقيمين في جلسات حوار دامت طويلا وصراع لعدة سنوات نظرا لعدم تلبية مطلبهم الجوهري المتمثل في جعل هذه الخدمة اختيارية، مع توفير الجوالملائم والإمكانات اللازمة لممارسة مهنة الطب في ولايات الجنوب، وهو المشكل الذي نغص حياة الأطباء وجعلهم يفقدون الأمل، بوصول قضيتهم إلى باب مسدود، رغم جميع المحاولات، لتفتح مجددا في 2020 مع إعلان رئيس الجمهورية قرار إلغائها. ضرورة بناء مستشفيات جامعية بالجنوب تخفيض معدل القبول لطلبة الجنوب إلى 14 من 20 مع شرط الإلتزام بالعمل في الجنوب لمدة 5 سنوات بعد إنهاء الدراسة، من بين الحلول التي من شأنها أن تساهم في الشروع في تحسين الأوضاع في الجنوب والتخلص من مشكل الخدمة المدنية بدون تمييز بين مختلف فئات هذا الشعب. وانتقد تصرفات بعض الأطباء الذين يعتبرون هذا الإجراء إهانة لطلبة الجنوب، وأنه ليس هناك تكافؤ للفرص في معدلات البكالوريا، مضيفا أن المشاكل التي يعاني منها أبناء الجنوب، لا يمكن حلها بين ليلة وضحاها دون دراسة وتخطيط مسبق للعقبات والنتائج. وأشار الدكتور محمدي، إلى أن مناطق الجنوب بحاجة الى بناء المستشفيات الجامعية وفتح كليات الطب وهي مشاريع قائمة منذ مدة، لكن لم يتم تجسيدها في الواقع، فالحلول- على حد تعبيره -لا تكون على المدى القصير، بل المدى المتوسط. مضيفا، في الوقت الراهن وفي ظل الوضع الصعب الذي يعيشه سكان الولايات الجنوبية والأطباء على حد سواء، فان هذا الإجراء يعد الأمثل.