يرفع حزب الحرية والعدالة شعار ''الحزب أولا والانتخابات ثانيا''، ففي مقر الحزب بالطابق الثاني من العمارة رقم 23 بشارع زيغوت يوسف، لا يسود الكثير من الارتباك أو الحديث عن الانتخابات المقبلة، فقد حسم الحزب خياره في أن يبني نفسه أولا، وأن يبتعد قليلا عن ''المعركة الانتخابية''. تطل شرفة مقر ''الحرية والعدالة'' على المركز الثقافي الفرنسي، ولا يحول بينه وبين مقر البرلمان سوى مقر ولاية الجزائر، الصدفة وحدها التي ساقت حزب الحرية والعدالة الفتي بقيادة محمد السعيد لأن يكون مقره الأقرب إلى مقر المجلس الشعبي الوطني. عندما زرنا مقر حزب الحرية والعدالة، وهو عبارة عن خمسة مكاتب، ويعمل به موظفان، ويساعدهما مناضلون انخرطوا في الحزب، كان المقر على بساطته، وقلة التجهيزات والأثاث الذي يحتويه، مزدحما بالحضور الشباني والحيوية الكبيرة التي تعطي الانطباع بالرغبة الجامحة في تصدر الساحة السياسية كلاعب أساسي يرفض كرسي الاحتياط. وكان المتحدث باسم الحزب، مصطفى هميسي، بصدد إنهاء الترتيبات المتعلقة بانعقاد الدورة الأولى للمجلس الوطني والاجتماع الأول للمكتب الوطني للحزب قصد توزيع المهام بين أعضاء المكتب الذين زكاهم مؤتمر الحزب الأول المنعقد قبل أسبوعين، فهذا سبب وجيه لأن يدفع الحزب الناشئ بالانتخابات التشريعية المقررة في ماي المقبل إلى التالي في سلم أولوياته، تسبقها أولوية البناء الداخلي للحزب، يقول هميسي ''أولوياتنا الآن هيكلة قواعده وتأسيس نفسه بشكل جدي والخروج إلى الساحة السياسية كحزب جاد يحمل خطابا سياسيا مؤسسا''. ويضيف ''الانتخابات التشريعية بالنسبة إلينا ستكون مؤشرا لقياس مدى جدية السلطة في تنفيذ التزامات صيانة العملية الانتخابية ومن ورائها الإصلاحات السياسية، ما نطمح إليه أن تكون الشفافية العنوان الأبرز في الانتخابات''. وبرأيه ''لا يمكن أن نجهد أنفسنا ونستجمع قوانا في ظرف قصير للمراهنة على الانتخابات، نحن حتى الآن في نظر القانون حزب قيد التأسيس ولم نحصل على الاعتماد بعد، ومع ذلك سنحاول أن نقدم مرشحين في بعض الولايات كنموذج لقياس درجة التزام السلطة''. بات موقف الحزب واضح ودقيق من حيث إنه أخرج نفسه من السباق الانتخابي ورفع عنه عبء الضغط الانتخابي، وقرر التوجه إلى بناء نفسه والتواصل مع المناضلين في الولايات، ومع الإطارات والناشطين في المجال السياسي والمدني الذين يزورون مقر الحزب بشكل يومي. ولا يبخل رئيس الحزب محمد سعيد في استقبال من يطلبون لقائه، فالرجل يرفع من البرتوكولات قدر ما يستطيع، وكما أن دواعي التأسيس تتطلب كثيرا من التواصل. ويشدد الحزب على إعطاء الاهتمام البالغ لوسائط الاتصال التكنولوجي، ويحرص على تحيين موقعه الإلكتروني يوميا بكل البيانات والمواقف والقرارات والأفكار السياسية التي يطرحها الحزب من قبل مختص وفريق إعلامي. ويعتبر المتحدث باسم الحزب مصطفى هميسي أن ذلك عامل مهم جدا، خاصة في هذه المرحلة الحساسة بالنسبة إلى الحزب، وهي مرحلة بناء الهيكل القاعدي، كما يحرص الحزب على التواصل مع الجزائريين أينما كانوا عبر فايسبوك، ويوجه قيادات الحزب المركزية والولائية إلى الانتشار على ''فايسبوك''، وإنشاء صفحات خاصة بكل واحد منهم لمخاطبة المواطنين والتفاعل معهم، مشيرا إلى أن اعتماد الأنترنت لا يلغي التواصل عبر وسائل الإعلام التقليدية. ويعيش الحزب الآن على اشتراكات مناضليه حسبما يؤكد الصحفي والقيادي في الحزب مصطفى هيمسي ''نحن نتصرف بإمكانياتنا المالية وليس لدينا من الوسائل والإمكانات ما يتيح لنا ظروف عمل سياسي كبير''، سألته عمن دفع تكاليف تأجير مقر في شارع كزيغوت يوسف، لا يقل ثمن تأجيره عن 10 ملايين سنتيم فقال ''بالنسبة إلى المقر فقد أجرناه من إمكاناتنا المالية، ومع ذلك نحن نطالب الدولة بالعدالة في توزيع الإمكانيات والمقرات على الأحزاب السياسية''.