من مكاسب ثورة أول نوفمبر 1954 العلم والنشيد الوطنيان، وهما غير قابلين للتغيير أو المساومة، يعبّران عن مسيرة نضالية لشعب عانى ويلات المستدمر الفرنسي، ومرتبطان بهوية الشعب الجزائري الموحد في مكوناته الإجتماعية والثقافية وعقيدته الإسلامية، وهما رمز السيادة وذاكرة الجزائريين. فلطالما كان العلم الجزائري رمزا لوجود هذه الأمة وصمودها في وجه كل الغزاة، رغم كل الحملات المغرضة التي تريد الإساءة إليه. وصل إلى شكله النهائي المعتمد اليوم، فقد كان عبارة عن راية اختلف شكلها حسب النظام السياسي الحاكم، ففي عهد الخلافة الأموية كان شعار الدولة اللون الأخضر والراية مكتوب عليها شهادة التوحيد وهي «لا إله إلا الله، محمد رسول الله» وآية قرآنية، أما في العهد العباسي فكان اللون أسود، وفي عهد الدولة الفاطمية كان لون الراية أبيض، وهم أول من رسم الهلال على الراية، واتخذه العثمانيون شعار دولتهم، واختلف لون الراية وشكلها في عهد الدولة الرستمية ودولة الموحدين والدولة الزيانية. شهد العلم الجزائري تطورا في اللون والشكل والتنوع خلال العهد العثماني، حيث كانت الراية الرسمية للجزائر العثمانية بيضاء اللون بخيوط ذهبية، ترفع على سفن الأسطول العثماني، في حين الراية الحمراء تحملها وحدات فرق الإنكشارية، وكانت راية البحارة الخضراء مزينة بسيف ذي الفقار مع ثلاثة نجوم وهلال. ليختتم باللون الأخضر والهلال باللون الأبيض يرمز للعقيدة الإسلامية. وبعد دخول الاحتلال الفرنسي الجزائر، استبدل الأمير عبد القادر اللون الأحمر لعلم الدايات الرسمي باللونين الأخضر والأبيض، رسمت عليه يد مبسوطة كتب عليها الآية القرآنية «نصر من الله وفتح قريب»، في حين احتفظ أحمد باي باللون الأحمر كإستمرار لرمز الدولة العثمانية، والشكل المستطيل وأضاف له رسما ولونا جديدا هو سيف ذي الفقار باللون الأبيض. ففكرة إنشاء العلم الجزائري كانت منذ سنوات الثلاثينات من القرن الماضي في إطار نجم شمال إفريقيا، للتأكيد على أن الجزائر ليست قطعة فرنسية، وقد كان له بعد مغاربي من خلال اختيار الألوان الثلاثة الأخضر، الأبيض والأحمر وهي ترمز لدول تونس، الجزائر والمغرب، واللون الأخضر كان دائما مرتبطا بتاريخ مقاومة الأمير عبد القادر، والآية القرآنية حاضرة دائما للتعبير عن الانتماء للدين والحضارة الإسلامية، لان الإسلام بالنسبة للجزائريين كان يمثل الهوية والجنسية. ظهور العلم الجزائري في شكله الحالي لأول مرة كان في 5 أوت 1934 بعد الاتفاق عليه خلال اجتماع المكتب السياسي، وكان باللونين الأخضر والأبيض وفي وسطه هلال ونجمة بالأحمر، حيث قامت زوجة زعيم الحركة الوطنية مصالي الحاج إيميلي بروسكان بخياطته. وقد ورثت الثورة العلم الوطني عن الحركة الوطنية الذي كان سلاحا معنويا لمجاهدي جيش التحرير الوطني، يقدمون له التحية كل صباح، وقد أعطى مؤتمر الصومام مكانة للعلم الجزائري الذي كان يرمز للحرية والجهاد المقدس، وكان يحمله المجاهدون في كل معركة ضد جيش العدو، فالعلم الجزائري كان أفضل سفير للتعريف بالقضية الجزائرية والهوية الوطنية ذات الأبعاد الإسلامية.