جرت العادة أن يقدم الطاقم الحكومي استقالته مباشرة عقب صدور النتائج الرسمية للاستحقاقات السياسية الرئاسية منها والتشريعية، مثلما هو مرتقب بالنسبة لحكومة أحمد أويحيى التي ينتظر أن تفعله في الأيام القليلة القادمة، إن لم تكن في الساعات القادمة. الاستقالة المرتقبة للحكومة عقب تشريعيات 10 ماي الجاري لا تمثل حدثا بارزا على اعتبار أن هذا الاجراء يخضع إلى العرف والعادة، لكن ما سوف يشكل الحدث بحد ذاته هو تشكيلة الحكومة القادمة، واللون السياسي الذي سيطبع الوزير الأول القادم وأعضاء حكومته في حالة ما إذا لم تجدد الثقة في أحمد أويحيى الذي يشغل في نفس الوقت منصب الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي، الفائز بالمركز الثاني في التشريعيات الأخيرة ب 70 مقعدا بعد جبهة التحرير الوطني الحائزة على 221 مقعد. وبالنظر إلى المشاركة الواسعة للأحزاب السياسية في الانتخابات الأخيرة، وإحصاء 27 حزبا ضمن قائمة الأحزاب التي تقاسمت عدد مقاعد البرلمان، ولو بنسب مختلفة بين الكوكبة الأولى المتضمنة ست كتل برلمانية وباقي الأحزاب التي تحصلت على مقاعد تتراوح ما بين واحد فقط إلى تسعة، فإنه يتوقع أن تضم الحكومة القادمة ممثلين عن أكبر قدر ممكن من الأحزاب البارزة الفائزة. ومن جهة أخرى، فإنه يتوقع أيضا أن تتوسع داخل الحكومة القادمة المشاركة النسوية، تماشيا وارتفاع عدد تمثيلها في البرلمان الجديد، مثلما أفرزته نتائج التشريعيات التي أعطت المرأة نسبة تفوق 30٪ في التركيبة البرلمانية الجديدة، بفضل قانون الكوطة الذي أجبر الأحزاب السياسية على تخصيص فضاء سياسي أوسع في قوائمها الانتخابية وبالتالي حصولها على مقاعد لا تقل عن 145 مقعد في أول برلمان تعددي سيكون للمرأة فيه صوت قوي لمشاركة الرجل في مناقشة وإثراء القوانين الأساسية والمصيرية، على غرار التعديل المرتقب لدستور البلاد. حزب جبهة التحرير الوطني الذي عاد بقوة في الانتخابات الأخيرة، ورغم أنه كان من أبرز المعارضين للنسبة التي حددتها الحكومة للمرأة في إطار قانون توسيع المشاركة النسوية في المجالس المنتخبة، إلا أنه سيجد نفسه مضطرا مرة أخرى لقبول فكرة توسيع المشاركة النسوية في الجهاز التنفيذي، تماشيا والتوجه الحالي للدولة الجزائرية التي أقرت بضرورة أن تتبوأ المرأة مناصب عليا، لأنه لا يعقل أن تكون ممثلة بأكثر من 30٪ في البرلمان، وينحصر تمثيلها في الحكومة بثلاث أو أربع حقائب وزارية في أحسن الحالات، مثلما جرت العادة في السنوات القليلة الماضية. لقد أشاد المجتمع الدولي والغربي منه على وجه التحديد بنتائج التشريعيات، ولاسيما في شقها المتعلق بالتمثيل القوي للمرأة في البرلمان، وهو مؤشر عادة ما يقاس به مدى حرية الممارسة السياسية، من جهة والمساواة بين الرجال والنساء من جهة أخرى، ويبدو أن الجزائرية قد حققت نتائج غير مسبوقة في هذا المجال قد تحسد عليها، حتى من قبل الأوروبيات والغربيات عموما. ينتظر أن تتعزز هذه المكاسب، من خلال فتح المجال واسعا أمام التمثيل النسوي في الحكومة الجديدة المنبثقة عن تشريعيات زكاها الغرب دون تحفظ ومن شأنها رفع عدد الحقائب الوزارية المخصصة للمرأة، وفي قطاعات حيوية وحساسة، والجزائر لا تخلو من كفاءات نسوية تتحلى بالنزاهة والقدرة على التسيير والإصرار على التحدي والنجاح.