الجزائر تأخذ علما بقرار باريس بمطالبة 12 موظفا قنصليا جزائريا بمغادرة التراب الفرنسي    مشروع محطة توليد الكهرباء بعين وسارة: إسناد الأشغال المتبقية لمجمع صيني    عدوان الاحتلال الصهيوني على طولكرم ومخيميها يدخل يومه ال80 وسط تصعيد ميداني خطير    فصائل فلسطينية: أي تهدئة بغزة دون ضمانات حقيقية لوقف الحرب "فخ سياسي"    كأس الجزائر : "سوسطارة" بشق الأنفس, وتضرب موعدا في النهائي مع ش بلوزداد    قسنطينة: تتويج فيلم ''ذات مرة'' في اختتام الطبعة الأولى لأيام ''سيرتا للفيلم القصير''    منتدى الاستثمار الجزائري الصيني نحو مجالات استراتيجية جديدة    رزيق على رأس وزارة التجارة الخارجية وترقية الصادرات    تأكيد على الأهمية التي تكتسيها الفتوى في حماية الهوية الوطنية    خروج مستشفى المعمداني عن الخدمة    الجزائر تظفر بعضوية مجلس السلم والأمن للاتحاد الإفريقي    الرمان وفوائده.. ومحاذير الإفراط في تناوله    بالصور ديكورات شتوية مليئة بالدفئ لزوايا المنزل    من "غير المجدي" الابقاء على زيارته المبرمجة الى فرنسا    سانحة للوقوف عند ما حققته الجزائر من إنجازات بالعلم والعمل    تنظيم ملتقى بعنوان دور الشباب في تعزيز التكامل الإفريقي    حجز الرحلات يسير بصفة منظمة ومضبوطة    ظاهرة الكهول العزّاب تتفشّى في الجزائر    كأس الجزائر (نصف النهائي): اتحاد الجزائر يفوز على اتحاد الحراش (1-0 بعد الوقت الإضافي) ويبلغ النهائي    الانقلابيون في مالي دمى تحرّكها أطراف أجنبية    مصنع لعلامة "جيتور" وآخر ل"أومودا " قريبا بالجزائر    استغلال البحث العلمي لتحقيق التنمية وخلق مناصب شغل    أربعة لقاءات جهوية تجمع الأسرة الإعلامية    إعلاميون من 17 ولاية يلتئمون في ملتقى جهوي بوهران    تنسيق الجهود لتأمين واستدامة إمدادات الوقود    التنفيذ الصارم لمخطط عمل المريض    البوليساريو تدين كل المحاولات الدنيئة والمغالطات المكشوفة    تبسة تكشف عن قائمة ألف مستفيد من السكن الاجتماعي    الاتحادية الجزائرية تقف على آخر الاستعدادات    20 رحلة من مطار "بن بلة" نحو البقاع المقدسة    لوحة فنية جمالية تقاوم الاندثار    صدور السيرة الذاتية لجوهر أمحيس أوكسال    الفرقة الفنزويلية تضيء ساحة البريد المركزي    ابن باديس الموحِّد والعالِم والمصلح.. رجل حارب الجهل والتخلف وفرنسا    "الطرّاح القسنطيني" إرث من الصوف يصارع البقاء    زروقي يلعب آخر موسم له مع نادي فينورد الهولندي    تحديد موعد مبارتي محليي "الخضر" وغامبيا في تصفيات "الشان"    المجلس الشعبي الوطني يشيد بالمؤشرات الإيجابية الواردة في خطاب رئيس الجمهورية أمام المتعاملين الاقتصاديين    رياح قوية مُرتقبة    صحة: دورة تكوينية متخصصة للالتحاق ببعض الرتب لأسلاك الممارسين الطبيين المفتشين    ملاكمة/المنتخبات الوطنية : تنصيب الطواقم الفنية لفئتي الأواسط و الوسطيات    الجزائر/الصين: رغبة مشتركة من المتعاملين الاقتصاديين للارتقاء بالشراكة بين البلدين    الجزائر والصين توقعان 8 اتفاقيات لإطلاق مشاريع استثمارية في الصناعة والفلاحة    تدشين معرض "التراث الجزائري من منظور بلجيكي" بالجزائر العاصمة تكريما للفنان البلجيكي ادوارد فيرشافيلت    المدارس الحرة: سلاح جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في وجه الاستعمار الفرنسي    مبارك : نجاح باهر لعملية فتح رأس مال بنك التنمية المحلية عبر البورصة الجزائرية    حوادث الطرقات: وفاة 49 شخصا وإصابة 1884 آخرين بجروح في ظرف أسبوع    إلى متى الصمت؟!    الحكومة المغربية تواجه انتقادات متزايدة    بطولة للشطرنج بين مصالح الشرطة    السودان.. جرحٌ عربيٌ نازفٌ    السفير يطمئن على قندوسي    فتح رحلات الحجّ عبر الأنترنت    ما هو العذاب الهون؟    عربٌ.. ولكنهم إلى الاحتلال أقرب!    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    الحضارات الإنسانية لا تعادي الثقافات النبيلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صدور مذكرات المجاهد محمد حسن
نشر في الشعب يوم 05 - 09 - 2020

تدعّمت المكتبة الوطنية الجزائرية، في بحر الأسبوع المنصرم، بصدور مذكرات عضو جيش التحرير الوطني المجاهد محمد حسن الشهير باسم (حَمّه حسن)، التي اختار لها عنوان: «سيرة وشهادات حية عن الثورة التحريرية بأوراس النّمامشة».
المذكرات صدرت عن دار المثقف للنشر والتوزيع بالبليدة، وجاءت في (347 صفحة) من الحجم المتوسط، وقام بتحريرها الأستاذ فرحاني طارق عزيز، الذي بذل مجهودا معتبرا في تسجيل الشهادات الحية للمجاهد عبر مراحل طويلة استغرقت عاما كاملا أو يزيد. ثم عمد إلى استفراغها وإعادة صياغتها، رغم صعوبة المهمة بسبب تقادم الأحداث التي مرّ على بعضها أكثر من ستين عاما.
وخصّها الأستاذ الدكتور بوبكر حفظ الله، عميد كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة العلاّمة الشهيد الشيخ العربي التبسي بتبسة، بتصدير أثنى من خلاله على صاحب المذكرات، باعتباره: “مساهما في صناعة هذا التاريخ المشرق إلى جانب إخوانه، رافعا راية الجهاد ضد الاستعمار وأذنابه... فكم هو متشبّع بالروح الوطنية وشديد المقت لفرنسا عدو الأمس وأذنابها”.
وقد وثّقت هذه المذكرات لمسيرة صاحبها ولجوانب من تاريخ ولاية تبسة الثوري، لاسيما المتعلق منه بالمنطقة السادسة؛ هذه الولاية التي قدّمت على مذبح الحرية أكثر من أربعة آلاف شهيد إبان الثورة المجيدة، كما أرّخت المذكرات لألوان الظلم والاضطهاد والهمجية التي كان يمارسها الغزاة الفرنسيون بتبسة على غرار كامل التراب الوطني طيلة (132 سنة).
في المقابل، استطاع الباحث طارق عزيز عبر ستة عشر فصلا، أن يشبع نَهَم القارئ بمحطات مبرزة في مسيرة هذا المجاهد المولود بتاريخ 01 جويلية 1934 ببلدية سطح قنتيس بدائرة العقلة ولاية تبسة، من خلال تطرّقه إلى نشأته ومعاناته قبل الثورة ككل الجزائريين في تلك الحقبة المظلمة، وعرّج على الظروف الصحية والاقتصادية والاجتماعية المتردية بالمنطقة. وسلّط الضوء على واقع الحركة الوطنية بتبسة من خلال نشاط (جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وحزب الشعب الجزائري والحزب الشيوعي الجزائري والاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري) وتداعيات الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945)، على هذا النشاط الدؤوب، إلى جانب الإرهاصات الأولى للثورة المسلحة، وكيفية التحضير لها بتبسة في ظل عودة المجاهدين الجزائريين الذين كانت لهم مشاركة فعّالة في الثورة التونسية من أبناء تبسة ومن غيرها، لاسيما المناطق الحدودية الشرقية.
وتناول المؤلف بشيء من التفصيل ظروف انضمامه إلى الثورة التحريرية خلال سنة 1955، ومشاركته بعد ذلك في عديد المعارك والاشتباكات والكمائن حسب المذكرات وقدّم شهادات حية حول الشهيد شيحاني بشير، الذي عرفه عن قرب، والذي وصفه ب(صاحب القيادة الرشيدة)، وكذا الشهيد العقيد محمد شعباني قائد الولاية السادسة التاريخية وظروف إعدامه، باعتباره كان شاهدا على ذلك، وأخرى حول المجاهد عاجل عجول... وغيرهم.
معركة الجرف الشهيرة أخذت حيزا كبيرا في المذكرات
معركة الجُرْف في 22 سبتمبر 1955، أخذت حيزا معتبرا من هذه المذكرات، بدءا من التحضيرات العملية والإمدادات اللوجستية واستعدادات المجاهدين واجتماع (رأس الطرفة) التاريخي الذي سبق المعركة، وانتهاء بوقوع هذه الملحمة بقيادة البطل الشهيد شيحاني بشير، والتي تعتبر من المعارك الفاصلة خلال الثورة. معرِّجا على الأفواج المشاركة فيها، كما انفرد بعرض أسماء مجموعة من شهدائها... وغيرها من الأحداث والوقائع التي شكّلت مسيرة المجاهد حَمّه حسن، وصولا إلى اعتقاله خلال شهر سبتمبر 1957، والتنكيل به في سجون: تبسة، قسنطينة، لومبيز بباتنة، معتقل قصر الطير بسطيف، استنادا إلى شهادة المجاهد.
ما يميز هذه المذكرات، أن راويها تناول عديد الشخصيات الثورية التي عرفها عن قرب في ساحات الوغى؛ من قادة ورموز وشهداء ومجاهدين، على غرار: شيحاني بشير، عباس لغرور، عاجل عجول، محمود الشريف وصالح بن علي سماعلي وجلالي عثمان ومحمد الهادي رزايمية (وهؤلاء الأربعة هم قادة المنطقة السادسة على التوالي)، الوردي قَتّال، لزهر شريط، كافي محمد بن عبيد المدعو (المزرطي) فرحي ساعي المدعو (بابانا ساعي)، عمر عون المدعو عمر البوقصِّي، الطيب مراح، حَمّه لخضر السوفي، بخوش امحمد بن السدراتي، المقدادي فرحي، عَبّاد الزين، تومي أحمد لهويدي، الشهيدة بن جدة مهنّية، شامي محمد، ورتان بشير، حوحة بلعيد، شوشان الباهي، مشري محمد الناصر، بلغيث عبد المجيد، منصوري إبراهيم، بوزنادة بلقاسم المدعو قلبي، عبيدات صميدة، عمارة بن عبد الله، ونّاس لعبيدي، مساني لعجال، براهمية محمد... وغيرها من الأسماء الثقيلة التي سيطّلع عليها وعلى أعمالها البطولية قارئ هذه المذكرات، وليعيش يومياتها في ذلك الزمن الملتهب بالنار، وهم في مواجهة أعتى قوة في العالم آنذاك، وبالمرصاد لجيش عُرف بصلفه وحمقه وبجبروته وجرائمه ضد الإنسانية، ليس بالجزائر فحسب، بل في كل بقعة حَلّ بها، لاسيما بمستعمرات بلاده في مختلف القارات.
ولا شك أن هذه المذكرات التي تشرّفتُ بقراءتها قبل تقديمها للمطبعة ستميط اللثام عن الكثير من القضايا والأحداث التي شهدتها تبسة قبل وخلال الثورة، وتبرز أسماء كان لها دور في وضع بصمتها الخالدة في مرحلة مفصلية من مراحل حركة التاريخ الجزائري المعاصر، وأسهمت في القضاء المبرم على الوجود الاستدماري ببلادنا وفي صناعة مجد وطنها، خاصة أن صاحبها كان من الرعيل الأول لجيل نوفمبر.
ولتكون مرجعا للباحثين والأساتذة والطلبة في إنجاز دراساتهم الأكاديمية وأعمالهم البحثية ورسائلهم الجامعية، كما ستفتح الشهيّة لدى بعض المجاهدين، سواء أعضاء جيش التحرير الوطني أو أعضاء المنظمة المدنية لجبهة التحرير، الذين ما يزالون أحياء يرزقون، فتشحذ هممهم للإسراع في كتابة مذكراتهم وتوثيق يومياتهم بالاستعانة بالأساتذة والباحثين والإعلاميين، وتقديمها للأجيال المتعاقبة، كي تكون لها نبراسا في الحفاظ على الجزائر المحروسة والحرص على بنائها كما أراد الشهداء.
للإشارة، فإن المجاهد عَمِّي حَمّه حسن، قد أهدى مذكراته إلى أرواح الشهداء، وإلى كل من حمل راية الجهاد لاسترجاع حرية هذه الأرض الطاهرة، وإلى أبناء جيل الاستقلال المدافعين عن الجزائر بالعلم والعمل، وكذا إلى أفراد أسرته وأبنائه وأحفاده.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.