لأنّها البديل عن قاعات الحفلات وأماكن أقل تكلفة لاحتضان الأعراس والولائم التي تمتد إلى ساعات الصبح الأولى، تعتبر أسطح المنازل والخيام المغربية في ولاية النعامة السبب الأول الذي حوّل الأفراح والليالي الملاح إلى مصدر إزعاج يومي يعاني منه السكان. إنّ مكبّرات الصوت “الديجي” التي تطلق صداها من أسطح المنازل وتبث أصوات وأغان مزعجة طوال الليل، ممّا أثار أرق وأرهق كاهل الجيران، وهو ما أفرز العديد من المناوشات الكلامية بل تتعداها إلى المشادات بين السكان وأصحاب العرس مثل ما حدث بحر الأسبوع الماضي حين أبى “صاحب” العرس أن يخفض الصوت أو يغيّر نمط الأغاني البدوية المحببة لدى ما يسمّون محليا “الشبعة الجديدة” أو “بالأغنياء الجدد” ممّا أثار حفيظة الجيران، وكادت أن تكون النهاية وخيمة لولا تدخل بعض العقلاء. هذا وتشهد العديد من مدن الولاية تنظيم الأفراح في مساكن مؤقتة مخصصة للكراء للإعراس في ظل انعدام قاعات الحفلات باعتبار الولاية تحوي على قاعة واحدة ووحيدة في “فندق تيشرافين” بالمشرية، أكبر تجمع سكاني بالولاية. هذه المساكن التي أصبحت تشكل تهديدا للجيران “فالمكتري” الأسبوعي للدار طوال فترة الصيف والذي يلقب “بالبعبع” بالحي، لكنه بالمقابل يعلن لباقي الجيران عن تحضير أنفسهم لكوابيس صباحية قد يطول لعدة أيام، هذا ما قاله لنا “سي إبراهيم” أحد الجيران الناقمين من المكترين ومن صاحب الدار الذي اشتطط منه غيظا وخاطبه: “إنّنا نحن كل سكان الحي على استعداد جمع كل أسبوع 1000 دينار ودعنا ننام بسلام”، لأنّه في منظور السي “إبراهيم سلامي”أنّ الجار قد فقد حس المواطنة واحترام حرية الغير وحق الجورة الموصى بها شرعا. هذا الحق فقد نكهته على حد تعبير العديد من السكان لتحل محلها الشكاوى العديدة التي يتم رفعها لدى مصالح الأمن بسبب الصخب والموسيقى التي تؤدى في الأعراس، وغالبا ما يتم بث أغان غير محتشمة، وهنا يقع السكان في حيرة من أمرهم إمّا السكوت على هذه التجاوزات وكتم غيضهم، أو الدخول في مناوشات لا آخر لها مع صاحب العرس، والتي تنتهي في الغالب بشجارات ومشادات جسدية. ويقول في هذا الشأن الشاب” كريم” أنّه دخل نهاية الأسبوع الفائت في مشاحنات كلامية مع أحد الجيران بعد أن رفض تخفيض صوت “الديسك جوكي” الذي كان يصم الآذان، بمقربة من بيت جاره الذي هو في حداد على وفاة زوجته في يومها الأول، فبنات المرحومة بتن الليلة ينحن ويبكين أمهن الهالكة على أنغام الشاب “عبدو” و«الزهوانية”. قصة أخرى تسردها لنا السيدة “مباركة” التي تسكن إحدى العمارات في حي” دلالس” الشهير بمدينة المشرية، التي تشاجرت مع أحد جيرانها قام بحجز الساحة العمومية للحي على مدار أسبوع، وقام بإحضار فرقة التراث الصحراوي المتخصصة في طابع البارود التي تثير الفزع، فاستعمال البارود والمفرقعات والألعاب النارية في الأفراح تدخل ضمن تقاليد الأعراس منطقة النعامة على شابهة باقي ولايات الجزائر العميقة . من جهة ثانية، وحين اتصالنا بقيادة المجموعة الولائية للدرك الوطني بالنعامة، أشار لنا قائد المجموعة أنه من ضمن تدخلات وحداتها خلال فترة الأعراس خاصة في فصل الصيف، تلك التي تخص شكاوى المواطنين من إزعاج الأعراس، حيث تتنقل فرق أعوان الدرك إلى المكان وتسهر على تطبيق القانون العام الخاص بعدم التعرض لممتلكات الغير، وتوفير الأمن والسكينة للسكان. ثاني شيء يدرج في خانة المقلق والمزعج في الأعراس النعامة على غرار بقية ولايات الوطن لا ينحصر على مكان إقامة الفرح فقط، بل يتعدى ذلك إلى غاية موكب العرس «الكورتاج” الذي هو كذلك مصدر قلق للعديد من السكان، من ناحية طيش السائقين ومن الضجيج والموسيقى الشيء الذي فتح مخاوف مستعملي الطرق من سائقين والمارة، الذين أصبحوا يفسحون الطريق بمجرد لمحهم لموكب عرس خوفا على سلامتهم، بعد تسبب السيارات التي تشارك في الموكب في حوادث مرور خطيرة على إثر التجاوزات التي يقوم بها بعض الشباب المتهور أو الاختناقات في حركة المرور التي تسبّبها مواكب الأعراس، التي تعوّد أصحابها على التوقف في وسط الطريق والنزول من السيارات وإنزال العريسان للتعبير عن فرحتهم غير مبالين بحجم القلق الذي يسبّبه هذا الفعل والانسداد المروري على الطريق، بل هناك من يقوم بغلق الطريق كليا أمام حركة المرور في بعض الأحيان لمدة طويلة للسماح لموكب العروس في مسح جميع أزقة المدينة. ومن جهتهم، يشدّد رجال الشرطة سواء على مستوى نقاط المراقبة أو خلال دورياتهم، على ضرورة احترام قانون المرور والابتعاد عن المناورات الخطيرة التي يقوم بها أصحاب السيارات المشاركة في مواكب الأفراح، التي لطالما حوّلها التهور والطيش من أفراح إلى أقراح، والأعراس إلى مأتم أو أماكن الخصومة بين الجيران بدل كونها أماكن للتلاقي والترويح عن النفس، لذا فإنّ هامش الحرية ينتهي عند بدء حرية الغير. النعامة: مروان الشيخ ناصري