نظّمت المديرية الوطنيّة لمشروع الحظائر الثقافية بالجزائر، بالتعاون مع الديوان الوطني للحظيرة الثقافية للتاسيلي ن أزجر، نهاية الأسبوع بمقرّ الولاية المنتدبة جانت، ورشة تقنية حول التسيير التشاركي لتراث الحظيرة الثقافية للتاسيلي ن أزجر حملت شعار «معا من أجل الحفاظ على تراث التاسيلي ناجر». ويندرج هذا اللّقاء في إطار تجديد مقاربة التسيير التشاركي، التي بادر بها المشروع لأوّل مرّة عام 2015 بحظيرة التاسيلي. عرفت جانت، أول أمس الخميس، توقيع مجموعة من الاتفاقيات بين قطاعات مختلفة، في إطار مقاربة التسيير التشاركي التي أطلقها مشروع الحظائر الوطنية الجزائرية، من أجل حماية التراث الثقافي والبيئي. تمّ ذلك خلال ورشة تحت شعار «معا من أجل الحفاظ على تراث التاسيلي ن أزجر»، نظّمها المشروع المذكور، وجاءت لتجسّد بشكل الرسمي المقاربة التشاركية في تسيير الأقاليم وحفظ التراث، وذلك بحضور شركاء تجسيد المشروع، السلطات المحليّة، وكلّ المنخرطين في تجسيد هذه الرؤية. وتمحور برنامج الورشة حول: إمضاء اتفاقيات التسيير التشاركي للموارد في المواقع ذات الأولوية للحظيرة الثقافية للتاسيلي ن ازجر، وهي تيهودين، مداك، اهرير، أنهاف. وإمضاء اتفاقية التسيير التشاركي للسياحة المستدامة وميثاق أخلاقيات السياحة المستدامة في الحظيرة الثقافية للتاسيلي ن أزجر. وفي محور ثالث، تجسيد عمليّات تنموية بيئية لفائدة السكّان المحلييّن. تمثّلت في توزيع جمال من السلالة المحليّة وإطلاق وحدتين إنتاجيتين لتذكارات مستوحاة من تراث التاسيلي لتشجيع الصناعة التقليدية وتثمين العناصر التراثية. ترتكز مقاربة التسيير التشاركي على ثلاث تركيبات أساسية، أولاها إعداد اتفاقيات التسيير التشاركي لتراث المواقع ذات الأولوية بالحظيرة الثقافية للتاسيلي ن أزجر، ويتعلق الأمر بمواقع أنهاف، مداك، تيهودين، وأهرير، وثانيها تحديد برامج تنموية بيئية لفائدة الساكنة المحليّة بالمواقع ذات الأولوية، أما الثالثة فهي تنصيب لجان متابعة تجمع بين الأطراف الموقّعة على اتفاقية التسيير التشاركي. تجربة ناجحة بعد أن افتتح الوالي المنتدب لولاية جانت، بوعلام شعلالي، أشغال الورشة، تقدّم ممثل وزارة الثقافة والفنون، خالد مواوكة، بكلمة نوّه فيها بمساهمة مشروع الحظائر في تدعيم عمل المنظومة المنضوية تحت وصاية وزارة الثقافة على عدة مستويات (محلية، وطنية ودولية)، كما شمل مجالات علمية للجرد والدراسة وتخطيط حفظ التراث الطبيعي وتدعيم القدرات، إضافة إلى وضع أطر لمساهمة المتدخلين خاصة على مستوى حظيرة التاسيلي. وأكّد المتحدّث على حرص وزارة الثقافة والفنون - والمتابعة الشخصية للوزيرة - على «وضع أطر تشاركية ومتعدد للمحافظة على التراث، وتطوير آليات الاستغلال الاقتصادي المستدام، وخلق الثروة لفائدة الساكنة المحلية عبر تطوير الصناعات الثقافية والسياحة المستدامة بإقليم الحظيرة الثقافية للتاسلي ن ازجر». من جهته، اعتبر ممثل وزارة الشؤون الخارجية عثمان مهاجي، في كلمته، أن هذا المشروع «تجربة ناجحة من عدة أوجه»، فبالإضافة إلى العمل على حفظ التراث البيئي والثقافي، فإنه «ساهم وبصفة فعالة في إرساء قواعد تسيير جديدة، من الممكن تعميمها في المشاريع والمجالات ذات الصلة». وأكّد ذات المتحدّث أن وزارة الشؤون الخارجية ستعمل على تقديم الدعم لكل مبادرة «من شأنها أن تساعد على حمل مخرجات المشروع على المستوى الدولي، وتقديمه على أساس أنه تجربة ناجحة» مسّت مجالات شتّى. وفي كلمتها، ذكّرت الممثلة المقيمة الدائمة لبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي بالجزائر، أليكو بليرتا، بأن قمة الأممالمتحدة حول التنوع البيولوجي، في سبتمبر الماضي، أكّد على أهمية العلاقة بين الإنعاش الاقتصادي والمحافظة على البيئة، والعالم اليوم يدرك أكثر فأكثر أن حماية وتحسين المحيط هي قضية بالغة الأهمية. وهنّأت أليكو بليرتا الحكومة الجزائرية على المبادئ المحققة حتى اليوم. وفي حديثها عن التعاون بين مختلف القطاعات، اعتبرت المتحدّثة أن هذا النوع من الاتفاقيات للتسيير التشاركي يجب أن يتمّ تقديمه على أنه أحد أحسن الطرق للحفاظ على التنوع البيولوجي، وتعهّدت بأن تقوم بما بوسعها حتى يتم التعريف بنتائج هذه المقاربة على المستوى الدولي، لتكون نموذجا للتنمية المستدامة بشكل عام. فيما ذكّر محمد بوضياف، مدير الديوان الوطني لحظيرة التاسيلي، بأن هذه الأخيرة كانت أول حظيرة تصنف بعد الاستقلال، قبل أن تصنفها اليونسكو تراثا عالميا سنة 1982. كما ذكّر بما تزخر به من كنوز طبيعية وثقافية وتكوينات جيولوجية، ما جعلها «محط الأنظار وجوهرة من جواهر تاج الوطن والبشرية»، في وقت أدرك العالم أنه «لا يمكن للتنمية أن تكون بالاعتداء على الأصناف التي تعيش على الأرض، وضرورة احترام القوانين الكونية»، وهو ما يفرض وضع إستراتيجية لحفظ التنوع البيولوجي والثقافي. تحقيق التكامل بين القطاعات قدّم المدير الوطني للمشروع، صالح أمقران، شرحا وافيا للمشروع ومختلف المراحل التي مرّ بها. وفي تصريح ل «الشعب»، قال أمقران إن هذه العملية خصّت تجديد اتفاقيات التسيير التشاركي للتراث الثقافي والطبيعي لحظيرة تاسيلي ن ازجر، وهذه الاتفاقيات هي آلية تسيير تم استحداثها من قِبل مشروع الحظائر الثقافية الجزائرية منذ 2015، وهي اتفاقيات عملنا بها مدة ثلاث سنوات، واليوم جئنا لتجديدها لفترة أخرى، وتعمل الاتفاقيات على جمع كل المتدخلين والعاملين في إقليم الحظيرة الثقافية، خاصة المعنيين مباشرة بعملية التنوع البيولوجي مثل قطاع محافظة الغابات، البيئة، الفلاحة، الموارد المائية، وقطاعات أخرى..وتوجد مبادئ للتسيير توضح مهام كل قطاع من أجل العمل سوية. إذن فهذه الاتفاقيات هي أرضية للتسيير التساهمي. وعن اختيار جانت لهذه العملية، قال أمقران إن الإمضاء الأول كان في إليزي في 2015، واختيرت جانت ليكون التجديد فيها، من أجل التوازن في النشاطات على مستوى حظيرة التاسيلي، هذه الأخيرة ذات إقليم كبير يتربع على ثلاث بلديات هي برج الحواس وإليزي، وجانت التي يتواجد فيها مقر ديوان الحظيرة. وتحدّث أمقران عن تنصيب لجان المتابعة مطلع السنة الداخلة 2021، الذي سيشهد أيضا التفصيل في برامج هذه الاتفاقيات، بحيث يسهم كل قطاع ببرنامج عمله، لحلّ مشكل متكرر هو عدم التنسيق والتكامل بين القطاعات. للإشارة، شهدت الورشة تقديم مداخلات أخرى حول طريقة عمل المشروع، إلى جانب خرجات ميدانية لمناطق مختلفة من حظيرة التاسيلي.