دعا رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة بكوتونو (البنين) إلى إنشاء آلية افريقية لتسيير الانتخابات في افريقيا بغية إضفاء مصداقية عليها. وفي رسالة وجهها الى القمة الاستثنائية لمنتدى الآلية الافريقية للتقييم من قبل النظراء، اعتبر الرئيس بوتفليقة أن آلية افريقية لتسيير الانتخابات في افريقيا (...) كدعم للجهود التي يتم بذلها من قبل الدول الافريقية »أمر محتوم لإضفاء مصداقية على الانتخابات« في افريقيا. وأكد الرئيس بوتفليقة في الرسالة التي قرأها نيابة عنه وزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي أن »إنشاء آلية قارية تساهم بالتعاون مع الهيئات الوطنية المعنية في تعزيز القدرات الوطنية و مراقبة العمليات الانتخابية في افريقيا أمر يجب التمعن فيه«. وأضاف أنه »يمكن إنشاء هذه الآلية على أساس معايير مشتركة ومتوقعة بإمكان قارتنا وضعها (...) حول تسيير كل مراحل المسارات الانتخابية منذ تحضيرها إلى تجسيد نتائجها على أرض الواقع مرورا بتنظيمها وسيرها«. وأشار الرئيس بوتفليقة إلى أن هذه الآلية »بإمكانها أن تقترح حلولا للاختلالات التي قد يتم إحصاؤها في إطار الاستحقاقات الانتخابية«. واعتبر في ذات السياق أن إنشاء آلية كهذه »قد يشكل محفزا لكل الموارد التي تتوفر عليها افريقيا بما فيها إسهامات الحكماء لجمع شمل الشعوب الافريقية والفاعلين السياسيين حول أهمية انتخابات يتم تصورها كوسيلة تنمية سياسية وعامل استقرار«. وفي سياق حديثه عن الآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء أبرز رئيس الدولة أنها »تشكل الإطار الأمثل لترقية التفكير حول الإستراتيجيات والمقاربات التوافقية الواجب تنفيذها بغية رفع التحدي الذي يطرحه تسيير إشكالية الإنتخابات في افريقيا« . واعتبر رئيس الجمهورية أنه بإتخاذ قرار التطرق إلى مسألة الإنتخابات في إفريقيا، فإن منتدى الآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء »يبرهن التزامه إزاء المهمة التي اخذها على عاتقه بالعمل على ترقية وتعزيز الحكم الراشد وتعزيز دولة القانون في قارتنا«. ومن جهة اخرى، ذكر رئيس الدولة أن »الدول الإفريقية قد باشرت منذ أكثر من عشرين سنة مسار تفتح سياسي واسع يقوم على اللجوء الى التعبير الحر لخيار الشعوب«. وفي هذا السياق، أكد رئيس الدولة أنه تم تحقيق إنجازات »معتبرة« في هذا المجال وهي »جديرة بالتنويه باعتبارها مكسبا جديدا لدول وشعوب إفريقيا في عملية ترقية الحريات الفردية والجماعية وتعزيز الديمقراطية«. كما أوضح الرئيس بوتفليقة أن »هذه الحصيلة التي لا يمكن لأحد التشكيك فيها تستحق ان تدعم بشكل أكبر« مشيرا إلى أن الامر يتعلق بتجربة »فتية نوعا ما« وأن »اللجوء إلى مسارات إنتخابية تعددية في إفريقيا يتطلب بطبيعة الحال تعزيزها باستمرار وإدخال تعديلات عليها ان اقتضى الامر«. وأشار الرئيس بوتفليقة بالمناسبة إلى بعض الاختلالات التي ميزت بعض التجارب الانتخابية في إفريقيا والتي يجدر التطرق إليها قصد التوصل إلى »آلية إفريقية لتنظيم الانتخابات من أجل ضمان الطابع الحر والنزيه والشفاف لتلك الاستشارات من جهة، و توطيد الإنجازات الديمقراطية والاستقرار والانسجام الوطنيين بدل العمل ضدها من جهة أخرى«. وأوضح رئيس الجمهورية أن »أول عمل يجدر القيام به في تسيير عملية انتخابية هو ضمان مصداقيتها« مضيفا إن »هذا الإجراء الذي يخص جميع مراحل المسار الانتخابي ليشكل أفضل ركيزة للتعبير النزيه عن التيارات والحساسيات السياسية في إطار المنافسة الانتخابية«. واعتبر في هذا السياق أن »مسار الانتخابات في افريقيا يبقى عرضة لأخطار التشويه، بل و حتى التحريف التي يطبقها عليها أحيانا ثقل الاعتبارات العرقية والقبلية و الجهوية«. وذكر رئيس الجمهورية بالمناسبة المبادرات التي قامت بها الجزائر في إطار تعديلات القانون المتعلق بالنظام الانتخابي والمتمثلة على وجه الخصوص في »ضمان وصول المترشحين أو ممثليهم المفوضين قانونا إلى القوائم الانتخابية والاعتراف بحقهم في الحصول على صورة طبق الأصل لمحضر الفرز والنتائج في كل مكتب اقتراع«. وأشار الرئيس بوتفليقة إلى ضرورة »تحسين وتعزيز هذه الضمانات التي تهدف إلى جعل الاقتراعات بمنأى عن الاحتجاجات المبررة التي تسيئ إلى الديمقراطية والسلم المدني«. وأضاف في هذا السياق أن »اللجان الوطنية المستقلة لمراقبة الانتخابات تكتسي أهمية أساسية في تسيير الانتخابات«. وأوضح أنه »يمكن اللجوء بطريقة سلمية إلى إجراءات إضافية على ضوء بعض التجارب الانتخابية وذلك قصد تعزيز معيار الشفافية وتوطيد الثقة بين الأطراف المشاركة في المنافسة الانتخابية«. واعتبر أن مصداقية هذه الأدوات والاساليب الرامية إلى ضمان انتخابات حقيقية مرتبطة »أيما ارتباط« بالضمانات القانونية التي يوفرها النظام القانوني الوطني للوقوف على مدى شرعية هذه الاستشارات وكذا البت في الطعون التي قد يقدمها المشاركون في اللعبة الانتخابية. وقال الرئيس بوتفليقة أن »التجربة الانتخابية تتطلب إرادة سياسية للمضي قدما بعملية البناء الديمقراطي كما تستدعي تعبئة أكبر للإمكانيات المؤسساتية والبشرية و المادية التي قد تفتقر إليها بعض البلدان الإفريقية«. وأوضح رئيس الجمهورية أنه هنا تكمن الأهمية البالغة »للمساهمة الجماعية التي بإمكان إفريقيا المبادرة بها من أجل حل هذه المعادلة وتعزيز قدرات البلدان التي هي في حاجة إليها«.