مع حلول فصل الصيف من كل سنة يبدأ التفكير لدى العائلات في سطيف حول أفضل مكان لقضاء العطلة أو على الأقل بعض ليالي الصيف، ويحسب لذلك ألف حساب. وعادة ما يكون ذلك بضغط من الأطفال، الذين لا يتصورون قضاء كامل عطلة الصيف في نفس المكان وفي نفس الظروف. وتتنوع وجهات العائلات في التمتع بعطلة الصيف، فإذا كانت العديد من عائلات المناطق السهبية والصحراوية للبلاد أصبحت في السنوات الأخيرة تتخذ من مدينة سطيف مكانا سياحيا تقصده لقضاء العديد من الأيام فيها، وقد يمتد ذلك إلى نهاية الصيف، ويتعلق الآمر خاصة بعائلات وافدة من بسكرة، الوادي، غرداية، المسيلة، باتنة، الجلفة وغيرها، للتمتع بجمال المدينة وجوّها المعتدل مقارنة بالمناطق المذكورة، وتوفّر المدينة على حديقة للتسلية تعتبر الرئة التي تتنفّس منها المدينة طبيعيا وترفيهيا، وفي المقابل تكون للعائلة بسطيف عدة خيارات، وهذاحسب الامكانيات المادية لكل عائلة. الشواطئ القريبة تشكّل مدن جيجل وبجاية وبدرجة أقل سكيكدة لما تتوفر عليه من شواطئ جميلة، مقصدا أساسيا للعائلات الغنية والمتوسطة الحال، من خلال استئجار مساكن أو غرف في الفنادق للإقامة في هذه المدن لقضاء أيام من الصيف والتمتع بالمناخ المعتدل للسواحل وزرقة مياه البحر، حيث يجري التحضير لذلك بأشهر أو أسابيع لحجز مكان الإقامة. وعادة ما يكون هذا الأمر ممتعا لأنّ العائلات تشعر فعلا بتغيير الأجواء، وفي نفس الوقت الهروب من الحر من خلال التقرب من الشواطئ، وتكون بذلك العطلة قد تمت في أحسن الظروف، أمّا بالنسبة للعائلات ضعيفة الدخل فيكون التوجه نحو الشواطئ ضمن جدول أعمال عطلة الصيف، ولكن بكيفية مغايرة تتناسب ودخلهم. وعادة يكون ذلك بالتوجه للمدن الساحلية المجاورة عن طريق رحلات منظمة تنطلق صباحا لتكون العودة في المساء، مع التزود عادة بحاجاتها الغذائية بعد تحضيرها في البيت، وتكون المصاريف عادة تتعلق بالنقل فقط، وهناك من العائلات من تقيم بعض الخيم لأيام قليلة على شاطئ البحر. وعلى أي حال، يبقى الاستمتاع بالبحر محركا أساسيا لبرنامج العطلة، مع الإشارة هنا إلى النقص الفادح في المسابح السياحية، وهي من النقاط السوداء على مستوى الولاية في المجال الترفيهي والسياحي. حديقة التسلية بسطيف سبق وأن تناولنا في موضوع سابق الاهتمام الذي يوليه المجتمع السطايفي ككل والعديد من زوار المدينة إلى حديقة التسلية الواقعة بقلب مدينة سطيف، والمتربعة على مساحة أكثر من 25 هكتار، لما تتميز به كمكان للراحة والترفيه من خلال المرافق الخدماتية المتنوعة التي تضمّها، فإضافة إلى مصلحة للأمن الوطني وأعوان أمن الحديقة جعلت من الحديقة موقعا آمنا يشجّع العائلات على التوجه إليها، فهي تتوفر على مساحات خضراء عديدة وبحيرة وألعاب متنوعة للأطفال وحديقة للحيوانات ومقاهي ومطاعم ومحلات للأشرطة الغنائية، وفندق من 3 نجوم وموقع للآثار الرومانية. ويقصد الحديقة عشرات الآلاف من الزوار يوميا في الصيف من داخل الولاية وخارجها، وعادة ما تتوجه العائلات مساء للحديقة لقضاء وقت ممتع مع أخذ العشاء والمثلجات إلى ساعة متأخرة من الليل، وبالتالي شكّلت الحديقة متنفّسا حقيقيا لسكان المدينة، ومكسبا ترفيهيا هاما بأسعار معقولة. وزاد تواجدها وسط المدينة من حجم الإقبال عليها لتصبح قبلة سياحية عوضت بالفعل عدم تواجد البحر بسطيف، ويوازي قضاء أمسية بها لأصحاب الدخل البسيط والمتوسط جولة لإحدى المدن الساحلية عند الكثير من العائلات. وتقضي الكثير منها عدة ليالي في فصل الصيف كوسيلة لقضاء عطلة صيفية تعويضا عن التوجه للشواطئ القريبة، ونفس الشيء للعائلات الوافدة إلى مدينة سطيف في إطار قضاء عطلة الصيف. التوجه للأهل خارج سطيف تفكّر الكثير من العائلات وبضغط من الأطفال في قضاء بعض من عطلة الصيف لدى الأهل والأقارب خارج المدينة في أرياف الولاية لمن له أقارب فيها، وخارج الولاية وخاصة في المدن الساحلية لمن له أقارب وأهل هناك. وعادة ما تتوجه العائلات إلى مدن كالعاصمة وجيجلوسكيكدة ومدن أخرى ليحل أفرادها ضيوفا على أهلهم هناك، وبالمقابل تقضي العائلات المستقبِلة بعضا من أيام الشتاء بسطيف للاستمتاع بمناظر الثلج، وحتى جزء من فصل الصيف بمدينة سطيف المعروفة بجوّها المعتدل عادة في المساء. وبشكل عام فإنّ التبادل السياحي بين العائلات سمة مميزة خفّفت نوعا ما من الضغط المفروض حول كيفية قضاء العطلة الصيفية خاصة. المطاعم الفخمة تفضّل الكثير من العائلات المرتاحة ماديا قضاء سهرات ليالي الصيف بعد جولة بالسيارة في أرجاء المدينة، لتتناول بعدها وجبة العشاء بأحد المطاعم الفخمة بالمدينة مثل المطعم السوري مشاوي حلب ومطعم لشبونة ومطاعم أخرى بالفنادق الجديدة التي انتشرت بكثافة في السنوات الأخيرة الماضية، قد انتشرت الظاهرة بدرجة لافتة خاصة بعد ظهور طبقة غنية أخذة في الاتساع بسبب الطابع التجاري والمقاولاتي للمدينة، الأمر الذي شجّع إنجاز فنادق فخمة مؤخرا. ويعتبر اللجوء إلى المطاعم الفخمة إحدى الصور البارزة في قضاء ليالي الصيف بسطيف عند العائلات الغنية، وهي العائلات التي تقضي بعضا من أيام عطلة الصيف خارج أرجاء الوطن في فسحة ليست في متناول الجميع. الوضع في المدن والأرياف وقد استطلعنا الوضع في أرياف الولاية والبلديات التابعة لها حول كيفية قضاء العائلات لأيام العطلة الصيفية، فكان الجواب هو التنقل للشواطئ سواء بالاستئجار بالمدن الساحلية أو التوجه للآهل والأقارب بالمدن الأخرى، مع تسجيل انعدام مرافق ترفيهية للعائلات كحديقة التسلية بسطيفالمدينة، وهذا في كل مناطق الولاية بما فيها المدن الكبرى، لتبقى الغابات والحمامات المعدنية المجاورة على غرار حمام قرقور بالمنطقة الشمالية للولاية، حمام أولاد يلس جنوبا كمرافق للترفيه والاستجمام وحتى العلاح من بعض الأمراض. كما تفتقر للمسابح وحتى مقاهي عائلية ومطاعم محترمة لتناول العشاء والمشروبات والمثلجات في جو مريح خارج البيت، وهو ما يستدعي تدخل السلطات المحلية لتوفير المرافق التي تسمح للعائلات لقضاء أوقات للترفيه في العطل الصيفية خاصة. ويبقى قضاء عطلة صيف في راحة عاملا مساعدا للمرء للعودة للعمل بجد ونشاط، طبقا للحكمة القائلة: “من لا يعرف كيف يستريح فلا يعرف العمل”.