وعن الوضعية التجارية للسوق والغاية المتوخاة من عمليات التوسيع والتهيئة التي جرت بالسوق، يقول السيد مغالط العربي، رئيس المجلس الشعبي البلدي : ''الغاية من كل ذلك هي تأمين أرضية السوق وتنظيم فضاءاته لتمكين كل التجار من القيام بنشاطهم التجاري في ظروف ملائمة وخاصة أن السوق أصبح منذ أكثر من 20 سنة الى اليوم قطبا تجاريا حرا يستقطب عديد التجار في مختلف أنواع السلع، وكذا الزبائن من كافة ولايات الوطن وحتى من البلدان المغاربية مثل تونس، مما جعل وتيرة ورواج النشاط التجاري بحاجة الى فضاءات أخرى وفي هذا المجال خصصت البلدية من ميزانيتها لتدعيم كل العمليات المنجرة بمبلغ لا يقل عن 700 مليون سنتيما'' وأضاف رئيس البلدية في قوله، مؤكدا على أن السوق الأسبوعي يدر سنويا على البلدية مبالغ ضخمة تزيد عن 7 ملايير سنتيما وهو المبلغ المطلوب لكراء السوق وبهذا المورد المالي تتدعم ميزانية البلدية. وماذا يقول سكان ماسرة عن السوق؟ في تحقيقنا هذا كان لابد من معرفة آراء السكان حول الإزعاج الذي تسببه حركة المرور وصخب السيارات والشاحانات كل يومي الخميس والجمعة وسط المدينة وخارجها وهل السوق نعمة لهم أم نقمة عليهم. فأغلب من تحاورنا معهم من السكان يرون في السوق نعمة تجارية، لأن الكثير من أرباب العائلات يجدون في السوق مصدر كسب لقمة العيش وخاصة المعوزين منهم فمنهم من كون مجموعة من الشبان لحراسة السيارات ومنهم من يساعد التجار في بيع البضاعة ومنهم من يبيع الأكياس البلاستيكية والبعض الآخر يفتح مقهى أو مطعما تحت الخيم لتقديم المأكولات لرواد السوق القادمين من أماكن بعيدة وأن المدخول في ظروف يومين يتجاوز ال 5000 دج وهناك البعض من السكان يطالبون بتوفير الأمن العمومي للزبائنو كما أن السرقة التي تحدث كثيرا ما شوهت سمعة السوق وكذا سمعة بلدية ماسرة والتي يتبرأ سكانها من كل هذه التصرفات المشينة لأن معظم السراق الذين يتم القبض عليهم هم من أماكن بعيدة. خلال زيارتنا الاستطلاعية للسوق كان مكان بيع السيارات هو زول محطة قصدناها وهناك رأينا مئات السيارات متوقفة عرضها أصحابها للبيع وقد لاحظنا أن الازدحام كان شديدا رغم أن الجميع يشتكي من غلاء السيارات وأمامنا اشترى مواطن سيارة من نوع إكسبراس بمبلغ 110 ملايين سنتيما، أما السيارات من نوع كونغو يتراوح ثمنها بين 60 مليون و120 مليون سنتيما، بينما السيارات من نوع هيليكس لم ينزل ثمنها عن 120 مليون سنتيما، وهذا النوع من السيارات يكثر عليه الطلب حسب ماشاهدنا في السوق من طرف الفلاحين والتجار. وما شد انتباهنا وانتباه الجميع هي تلك السيارة المرقمة برقم 29 (ولاية معكسر) من نوع 403 كلاسيك عمرها 43 سنة أدخلها صاحبها للسوق وقد وصل ثمن بيعها 29 مليون سنتيما ولكن البائع كان يطلب أكثر. وعن الحافلات والشاحنات كان الثمن لا يقل عن 300 مليون وحتى المليار سنتيم لبعض الشاحنات، وفي كل أسبوع عدد السيارات المعروضة للبيع ما بين 130 الى 150 سيارة والشاحنات ما بين 90 الى 100 شاحنة وبعملية بسيطة نستطيع القول أن المبلغ المالي الذي يتداول أسبوعيا في سوق ماسرة قد يكون 100 مليار سنتيم، إذا أضافنا المبالغ المالية المتداولة في باقي الأنشطة التجارية الأخرى كالآلات الثقيلة والخفيفة وسوق المواشي والأبقار وكذا أغذية الأنعام وبيع الملابس والخضر والفواكه واللحوم الى غير ذلك. وكانت ثاني محطة نزلنا بها هي سوق المواشي والأبقار، إذ كان السوق يعج بالناس القادمين من كل فج عميق سواء بغرض البيع والشراء أو الاطلاع على أسعار السوق، وحسب الموالين والفلاحين مربي المواشي والأبقار الذين التقينا بهم يبيعون المواشي والأبقار، فإن سبب تراجع الأسعار هو الجفاف وغلاء التبن والشعير والكلأ بصفة عامة وفي السوق وصل ثمن النعجة الرخلة الى 8000 دج بعد ما كان سباقا من 10 آلاف دج الى 12 دج وثمن الخروف بأقل من 10 آلاف دج، أما الأبقار من نوع المسوكية لا يزال سعرها ما بين 100 ألف دج و110 آلاف دج غير أننا لاحظنا قلة الاقبال على شرائها وهذا ربما راجع لتخوف المربين من شبح الجفاف. وبعد ذلك عرجنا على المساحة المخصصة لبيع الملابس والتي يقبل عليها الكثير من الزبائن، نظرا لانخفاض أسعار الملابس البالية وخاصة ملابس الاطفال وقد وجد العديد من ذوي الدخل المحدود في شراء ملابس العيد لأبناءهم من الآن وحتى ملابس الكبار هي في متناول الجميع إذ يصل ثمن بذلة الى 400 دج وثمن معطف 200 دج وثمن قميص 150 دج وهذه عينة فقط من الأسعار المداولة والتي تكون وراء التهافت الكبير على سوق الملابس. ويبقى سوق ماسرة الأسبوعي المكان المفضل لجيمع بائعي الاعشاب الطبية الذين وجدناهم في كل ركن من السوق والغريب في هذا النوع من التجارة أن أصحابها يحلون محل الأطباء بل وأكثر من ذلك يدعون أنهم قادرون بواسطة أعشابهم على شفاء الناس المرضى من بعض الأمراض التي لا زال الطب المتطور يبحث لها عن علاج. وفي حلقة أحد العشابين تقربت الى شخص رأيته اشترى دواء مركب من الأشعاب، فسألته عن مرضه فأجانبي بقوله ''أنني مريض منذ سنوات بمرض الأرق الذين يحرمني كل ليلة من النوم وقد زرت عدة أطباء ولحد الآن مازالت أاني من المرض ولهذا أريد أن أجرب هذا الدواء التقليدي''، ولما كان الثمن الذي دفعه هو 100 دج سألته ثانية وهل بقيمة 100 دج تشفيك هذه الأعشاب، فرد بنرفزة لا أنت ولا الطبيب ولا هذا العشاب يشفي المرض ولكن الشفاء من عند الله وحده وما العبد إلا سبب وكفى من الأسئلة. وغير بعيد عن سوق الماشية تراءت لنا عشرات الشاحنات مملوءة بأحزمة التبن والتي كانت تقدر بالمئات وتلك الشاحنات حسب أرقامها كانت قادمة من ولايات غليزان وتيارت وبلعباس وسعيدة وعين الدفلى وفي عين المكان استفسرنا عن ثمن الحزمة الواحدة، فعرفنا من طرف أحد بائعي التبن بأن ثمنها هو 300 دج وتأكدنا من نفس البائغ أن الكمية المباعة منذ وصوله يوم الخميس وحتى صباح الجمعة فاقت 150 حزمة وهذه الكمية اشتراها فلاح واحد فقط من ولاية المدية نقلها على متن شاحنات جاء خصيصا لهذا الغرض وبالرغم من الغلاء الفاحش، فإن الفلاحين رأيناهم يشترون ولكن بكميات تختلف من فلاح لآخر حسب القدرة المالية. وبعد هذه الجولة داخل فضاءات السوق كانت لنا استراحة في وقفة قصيرة لدى أحد المهرجين الذين لا يخلو منهم سوق ماسرة، وفي حلقة دائرية واسعة كان جمع غفير من المتسوقين قد اشرأبت آذانهم لسماع روايات هذا المهرج الذي كان يشترط عليهم دفع ما تيسر من النقود قبل أن يحكي لهم حكايات غريبة وما يضحك في هذه الحلقة أن الدراهم كانت تتهاطل على المهرج من جيوب الحاضرين ولما جمع أكثر من ألف دج في ظرف خمس دقائق بدأ يحكي لهم حكايات معروفة ونكت مضحكة وبعد لحظات قال للمحيطين به إن رفيقي الذي أمامكم وقد أطربكم بأنغام الناي هو بحاجة الى أن يتكرم عليه أصحاب دعوة الخير وطائعي الوالدين ببعض الدنانير وما أن أنهى كلامه حتى تهاطلت مرة ثانية على المهرج الدراهم، فمن الحاضرين من دفع 5 دج ومن دفع 10 دج والبعض الآخر 50 دج الى 100دج وقد تراوح المبلغ الذي جمعه في المرة الثانية من 1000 دج الى 1300 دج ثم شرع في حكاياته التي أكل عليها الدهر وشرب وهكذا دواليك مرة يجمع النقود ومرة زخرى يحكي وأي حكايات الى أن أنهى موعد حلقته، والملفت للإنتباه أنه ورفيقه استطاعا أن يستحوذا على المشاعر والجيوب دون تقديم أي مقابل جديد ما عدا القيل والقال في شكل خرافات تجاوزها الزمن غير أن عقول الكثيرين من السذج وناقصي الوعي لم تتجاوز مثل هذه الخرافات وغيرها. وهكذا فإن السوق الأسبوعي لماسرة صار حاليا بمثابة قطب إقتصادي يدر الأموال الطائلة على التجار وحتى الوسطاء الذين تراهم ينشطون في كل شيء وفي جميع الأوقات وقد وجدوا في سوق ماسرة المجال الخصب للتحرك وانتهاز الفرص. ومن جهة أخرى، تبقى بلدية ماسرة تدعم ميزانيتها بأموال الكراء السنوي والتي تفوق ال 7 ملايير، كما أن المنطقة أحرزت على شهرة وطنية بفضل سوقها الأسبوعي.