قدّم الدكتور مولود موالك المختص في أمراض القلب ، عرضا شاملا لجريدة «الشعب»، حول أهمية الصيام ودوره في تنظيف أعضاء الجسم من المواد السامة المخزّنة فيه، ويعتبره أنجع طريقة وأجودها لتجديد طاقة الجسم وتقوية مناعته ليستطيع مقاومة كل الأعراض المرضية التي تواجهه. قبل الخوض في خصوصية أمراض القلب وعلاقتها بالصوم، أوضح الدكتور مولود موالك، أهمية الصوم لا سيما لدى الاشخاص الأصّحاء ومرضى الأمراض المزمنة المختلفة، وذكر من بينها الحالات التي يمنع فيها الصوم، بحسب كل حالة، لاسيما مرضى القلب والضغط الشرياني والمصابين بالسكري. الصيام مُفيد ومُقوّي للمناعة
في سياق حديثه، أكد الدكتور على أهمية الصيام واعتبره مفيدا للصّحة ومقوّي للمناعة، لأن أعضاء الجسم تتخلص من المواد السّامة التي يكون مصدرها التلوّث الطبيعي أو المأكولات المصنّعة وتقذفها إلى خارج الجسم، ويتم القضاء على هذه المواد المضّرة بالصّحة عبر كل من الجلد والكبد والرئتين والكلى. كما شرح لنا أيضا أن مختلف الإفرازات في الجسم تتباطأ، فمثلا يقلّل الجهاز الهضمي من الإفرازات المَعدِية ويسجّل نقصا على مستوى إفرازات البنكرياس، بالإضافة إلى ذلك ينخفض معدل ضربات القلب فيتم تسجيل تناقص في عملية التمثيل الغذائي لدى الصائمين، وفي المقابل تتقوّى مناعتهم نتيجة ذلك، وبحسبه، بعد عملية التنظيف هذه تتجدّد خلايا الجسم وتتقوّى. إفطار مسموح لبعض الحالات في هذا الشقّ بالذات، يعود بنا الدكتور موالك، إلى كيفية التعامل مع الصيام في حالات مرضية مختلفة، فبالنسبة إليه يتوقف السماح أو المنع على درجة الاصابة ونوعها، علما أن المرضى يحتارون في أمر إمكانية الصوم من عدمه، فيقول إن المرضى الذين يصابون بأمراض يمكن الشفاء منها مثل الأنفلونزا أو الأمراض التي تكون الاصابة فيها غير مزمنة على مستوى الكلى، الكبد وغيره من أعضاء الجسم أو الذين أجروا عمليات جراحية حديثة جراء عارض مرضي مؤقت بمختلف أنواعه لاسيما استئصال المرارة أو الولادة عن طريق الجراحة القيصرية، بالإضافة لغيرها من الاصابات الحديثة التي لا يمكن أن يصوم فيها أصحابها، إلا بعد تماثلهم للشفاء. .. لمرضى السرطان المتقدّم أو الزهايمر ممنوع من جهة أخرى، يقول الطبيب، يمنع أيضا الصيام بالنسبة للأشخاص المصابون بأمراض خطيرة ومزمنة مثل السرطان، خاصة من هم تحت العلاج الكيميائي والمرضى السن يعانون من الأمراض المتعلقة بالانتكاس العصبي مثل الزهايمر، أو أمراض «الكاخيكتسيا» أو الكاشيتيسيا» (المعروفة بأمراض الدنف، وهي عبارة عن التهاب مزمن في عضلات الجسم نتيجة وجود خلل في الجهاز المناعي يتسبب في هُزال، أو ضُعف العضلات، جراء التعرّض لنوع معيّن من السرطانات أو نتيجة إلتهاب المفاصل الروماتيزمي، مرض الانسداد الرئوي، السل أو الإيدز)، هذه الفئة لا يمكنها الصوم ويؤكد الطبيب على أن هذه الأمراض خطرة ولا يمكن للمصاب بها أن يغامر بالصوم إطلاقا، لأنه يؤدي إلى تدهور الحالة المرضية لديهم. ..للأمراض المزمنة شروط عند الصّيام يؤكد المختص على ضرورة استشارة الطبيب لدى فئة الأمراض المزمنة وبخصوص الحالات المعقدّة، ويقول إنه في حالة إصابة الشخص بارتفاع في الضغط الشرياني المزمن يكون الضغط فيه مستقرا وتتوجّب هنا مراقبة الضغط باستمرار، كما يُشترط في الصّيام أن تكون الاصابة مُنعزلة أي بمعنى المصاب لا يعاني من أمراض أو أعراض أخرى مرافقة لها، في هذه الحالة يمكنه الصيام حيث يقوم بتوزيع جرعتي الدواء على وجبتي الفطور والسحّور. نفس الشيء بالنسبة للمصابين بمرض السكري من النوع الثاني، عندما يكون معدّل نسبة السكر في الدّم لديهم متوازنة يمكنهم الصوم، بما أنهم لا يحتاجون إلى جرعات من الأنسولين في النهار، ولكن يُمنعون من الصوم في حالة تبُث عكس ذلك بمعنى في حال سجلت لديهم نسب متفاوتة وغير مستقرة من السكر في الدم، ما يؤكد أن وضعيتهم الصحّية حرجة، لأنها أصبحت غير متوازنة، ويحتاج هؤلاء لضبطها عن طريق تعديل جرعات الدواء، أما بخصوص الإصابة بالسكري من النوع الأوّل، الذي يعالج أصحابه عن طريق أخذ حقن الأنسولين، أوضح الدكتور بخصوصهم، إنه يمنع هؤلاء من الصوم، لأنهم في حالة تعمّدوا وصاموا، فإنهم يعرّضون أنفسهم لتعقيدات خطيرة تتمثل في انخفاض حاد في نسبة السكر في الدم في النهار وارتفاعها ليلا، لأنه بحسب المختص، من المهم معرفة أنه عند الإفطار تكون وجبة الفطور غنية بالدهون والسكريات، وهذا ما يدفع المريض بالسكري لأخذ جرعات من الأنسولين نتيجة ارتفاع كبير في نسبة السكر في الدم، ومع أخذ الجرعة في فترة اللّيل، يمكن أن يمتد مفعولها إلى اليوم الموالي في فترة الامساك عن الطعام، خلال النهار، ويُحدث جراء هذا الخلل حالة هبوط شديد بنسبة كبيرة لنسبة السكر في الدم، خلال فترة الصيام، لهذا السبب يمنع الصوم لدى هذه الفئة التي تبقى تحت المراقبة ومرتبطة بجرعات الأنسولين المختلفة على مدى 24 ساعة، بالنظر لعدم استقرار مرض السكري لديها. صومٌ مُستحيل مع تعقّد أمراض القلب والشرايين سبق وأن ذكر الطبيب، أن المصابين بارتفاع الضغط الشرياني المنفرد يمكنهم الصوم بالنظر لعدد جرعات الدواء المأخوذة في العادة والتي لا تفوق الجرعتين، لكن الأمر مختلف تماما، بحسب توضيحه، لحالات يكون فيها مرض ارتفاع الضغط الشرياني مرتبط بدرجة تعقّد الحالة، وفي نفس الوقت بالأعراض المرضية الأخرى والتي تتمثل في الاصابة أيضا بأمراض أخرى من بينها مرض السكري، الفشل الكلوي، مع قصور في الغدة الدرقية، فإثر إلتقاء هذه الحالات المعقّدة والمتشابكة لدى نفس المريض لا يمكنه بتاتا الصيام، لأنه ملزم بأخذ أكثر من 15 قرصا من الدواء، مما يستلزم جرعات عديدة في اليوم، ففي حالة الصيام كثيرا ما يقع هذا الأخير، يقول الطبيب، في مشكل نسيان أخذ إحدى الجرعات اليومية من العلاج بصفة منتظمة، ما يؤدي به إلى تعقيدات خطيرة وعدم التوازن في حالته الصّحية لاسيما على مستوى السكري أو الفشل الكلوي أوعلى مستوى الغدة الدرقية أيضا.
حذار السكتة القلبية لمرضى قصور القلب الاحتقاني بالنسبة لمرضى قصور القلب الاحتقاني، يؤكد الدكتور موالك على أن هذا المرض يعاني صاحبه على الدوام من ضعف وفشل في عمل القلب حيث يتراجع في أداء وظيفته المتمثلة في ضخّ الدم ناقلا معه الأكسجين لكل أعضاء الجسم حيث لا يمكنه جراء ذلك الصيام نتيجة حالة الضعف العام لديه، لأن القلب في هذه الوضعية يتباطأ في عمل وظيفته، بالإضافة لضرورة أخذ جرعات متعدّدة من الدواء في أوقات مختلفة من اليوم وفي أوقات محدّدة، ففي حالة التهاون في تناولها نتيجة الصيام، يمكن أن يعرض المريض نفسه إلى تدهور حالته الصحية، الممكن أن تِؤدي به إلى السكتة القلبية وفي كثير من الحالات للموت المؤكد جراء التهاون في اتباع إرشادات الطبيب، بالإضافة إلى هؤلاء يضيف المختص بأن الأشخاص المعرضين لخطر الذبحة القلبية لا يمكنهم الصيام إطلاقا، كما أن الحالات المرضية الذين هم في وضعية استعجالية، من بينهم مرضى القلب لا يسمح لهم الصيام أيضا بالنظر لخطورته على صحتهم.