الثورة الرقمية والتكنولوجية التي يشهدها العالم في القرن الواحد والعشرين ليس لها مثيل، فقد أحدثت تطورا مذهلا في جميع المجالات، لا سيما على مستوى الوسائل والأليات. فأدوات الحرب، لم تعد تلك التي كانت تستخدم في القرن العشرين، وطبيعة التهديدات والمخاطر تغيرت هي الأخرى، ووسائل القرصنة كذلك لم تعد تلك الأدوات التي كانت توظف سابقا. وإنما باتت تتم عبر هجومات إلكترونية، أو ما يعرف «بهجومات الفدية» من طرف منظمات وعصابات محترفة تابعة لدول ما، تقوم بالتسلل إلى بيانات وحسابات شركات ومؤسسات دول أخرى، مطالبة إياها بفديات مقابل تحرير بيانات تلك الشركات والمؤسسات المستهدفة. بحسب وكالة «بلومبرغ»، فإن مجموعة «قراصنة» شنّوا هجوما إلكترونيا على حوالي 200 شركة بغية ابتزازها، حيث طالب الذين تسللوا إلى بيانات تلك الشركات عبر هذا الهجوم الإلكتروني الضخم، بفدية مالية مقدارها 70 مليون دولار، مقابل تحرير بيانات تلك الشركات التي تعرضت لهذا الهجوم السيبراني، وهذا بحسب «وكالة رويترز»، التي أشارت الى ان طلب الفدية نشر على موقع القراصنة «REvilcybercrime»، وهي مجموعة قراصنة تُعد من بين أكثر المبتزين انتشارا في العالم، كما تقول الوكالة. وطال الهجوم الإلكتروني، عشرات الشركات والمؤسسات الأمريكية في هجمات فدية إلكترونية واسعة النطاق، بحسب ما رصدته شركة «هانترس» للأمن السيبراني، إذ استهدف الهجوم بالدرجة الأولى الشركات المزودة للخدمات (MSP)، وهذا يعني إمكانية وصول وتسلل هؤلاء القراصنة إلى شبكات الكومبيوتر الخاصة بعملاء تلك الشركات، كما ركزت مجموعة القراصنة هجومها على برنامج معروف باسم «Kaseya VSA»، وهو برنامج تستخدمه الشركات الكبيرة ومقدمو خدمات التكنولوجيا لإدارة تحديثات البرامج على الأنظمة الموجودة على شبكات الكومبيوتر، وفقا للباحثين الأمنيين ومطوري «Kaseya VSA». لقد باتت هجومات الفدية التي تمتهنها مجموعات القراصنة تؤرق الدول وتهدد اقتصاداتها، وبالتالي لابد من سنّ قوانين دولية ردعية، وكذا تكثيف التعاون الدولي وتبادل المعلومات والخبرات بين الدول للحد من هذه التهديدات.