يؤكد عضو اللجنة العلمية لمتابعة ورصد وباء كورونا البروفيسور رياض مهياوي، أن الجزائر ما تزال تعيش وضعا وبائيا مقلقا ولكن جميع التدابير والحلول يتم اتخاذها في الوقت الراهن على جميع المستويات، من أجل تجاوز هذه الموجة القوية. ويشير إلى أن الالتزام بالإجراءات الاحترازية بكل صرامة وجدية، يعد الوسيلة المثلى للخروج بسرعة من الأزمة الصحية. يقول عضو اللجنة العلمية المكلفة برصد ومتابعة وباء كورونا في تصريح خص به «الشعب ويكاند»، «إن تجاوز ذروة الموجة الثالثة من الإصابات بفيروس كورونا مرهون بالأرقام التي سيتم تسجيلها في الأسبوعين القادمين، ويشير إلى أن عودة الاستقرار يتحقق عند تراجع عدد الحالات اليومية والوفيات ونقص الاكتظاظ بالمستشفيات من خلال دراسة تطورات الوضع الوبائي والوقوف عند اليوم الذي أحصت فيه الجزائر أعلى حصيلة مقاربة عتبة 2000 إصابة ومدى انخفاض عدد الحالات، وتجاوز الضغط المسجل في المراكز الاستشفائية، خاصة على مستوى مصالح الإنعاش. وينتقد عضو اللجنة العلمية المكلفة برصد ومتابعة وباء كورونا ظاهرة الفوضى والتجمعات الكبيرة من قبل المواطنين والتهافت على مكثفات وقارورات الأكسجين، في حين يتم إهمال القواعد الوقائية التي تعتبر الأساس من أجل كسر سلسلة العدوى وتجاوز مخاطر الموجة الثالثة. ويوضح، أن المصالح الصحية تبذل مجهودات كبيرة لتخفيف الضغط عن المستشفيات وتوفير الأكسجين وأسرّة الإنعاش. ويرجع البروفيسور مهياوي التصاعد القياسي لمنحنى الإصابات، إلى تفشي السلالة الهندية «دلتا» الأكثر عدوى وشراسة مقارنة بالفيروس الأصلي، حيث قدرت الزيادة في عدد الإصابات في الأسبوع الأخير بأكثر من 300 حالة في اليوم، ما اعتبره رقما مخيفا لم يسبق تسجيله من قبل منذ بداية الجائحة ويضيف، أن شخصا واحدا مصابا بفيروس «دلتا» يمكن أن ينقل العدوى ل8 أشخاص وتستمر الإصابات في الارتفاع بشكل سريع، نظرا لخصائص هذا الفيروس المتحور التي تختلف عن الفيروسات الأخرى، خاصة وأنه ينتشر في الجزائر بنسبة 70٪. اللقاح يجنب مخاطر موجات أخرى فيما يخص مدى مساهمة حملة التلقيح في التخلص من الموجة الحالية، يبرز البروفيىسور مهياوي أن اللقاح ضد فيروس كورونا ضروري ولكن لا يعطي نتيجة فورية ولا يمكن أن يساهم في تعزيز الحماية من مخاطر هذه الموجة. ولكن تلقيح أكبر عدد المواطنين سيسمح بتفادي وتجنب مخاطر موجات قادمة محتملة، خاصة وأن جميع اللقاحات المتوفرة فعالة بنسبة عالية من المضاعفات وتساعد على التقليل من عدد الوفيات بسبب الإصابة بالفيروس. ويضيف مهياوي، أن التلقيح سيعطي ثماره بعد أسبوعين من استفادة أكبر عدد من الجزائريين من الجرعة الثانية لتشكيل مناعة جماعية قوية، ويشير إلى أن وتيرة التطعيم على المستوى الوطني تسير بوتيرة متسارعة والحملة لاقت تجاوبا كبيرا من قبل المواطنين من خلال التوصل لتلقيح 250 ألف شخص يوميا إلى حد الآن. ويشدد على ضرورة مرافقة حملة التلقيح بالوسائل الاحترازية ومضاعفة الالتزام بالإجراءات الوقائية في نفس الوقت، لأن اللقاح وحده غير كاف لمنع الإصابة بالفيروس. قرار الحجر الجزئي بعد دراسة النتائج ويوضح مهياوي، أن قرار الحجر الجزئي في إطار إجراءات الحد من انتشار فيروس كورونا، سيتم بعد دراسة النتائج التي تحققت خلال مدة تمديد ساعات الحجر على مستوى 35 ولاية ل10 أيام. ويشير إلى أن اللجنة العلمية المكلفة برصد ومتابعة وباء كورونا، تقدم تقريرا وتقييما حول الوضعية الوبائية للسلطات العليا التي لديها صلاحيات تحديد المؤشرات واتخاذ القرارات الرامية لحماية المواطنين من انتشار الفيروس. ويرى عضو اللجنة العلمية لمتابعة ورصد وباء كورونا أن تدابير الحجر الجزئي تساهم في السيطرة على الوضع الصحي والتقليل من انتشار الإصابات بفيروس كورونا ويساعد على تجنب التراخي والاستهتار في تطبيق شروط السلامة والوقاية، ويتوقع مهياوي اتخاذ إجراءات جديدة في حال عدم تسجيل نتائج مريحة وإيجابية بعد قرار تمديد ساعات الحجر الجزئي، ويؤكد أن اتخاذ التدابير يتم حسب ما يقتضيه الوضع الصحي في كل ولاية. بروتوكول علاجي جديد لأعراض «دلتا» كما كشف البروفيسور مهياوي عن اعتماد بروتوكول علاجي جديد للتكفل بمرضى فيروس كورونا، تماشيا مع الأعراض الجديدة الشائعة حاليا والمرتبطة بالإصابة بالسلالات المتحورة كفيروس «دلتا»، الذي يعرف انتشارا أكبر في الجزائر، بعد أن كان الأطباء يعتمدون على بروتوكول مغاير لعلاج العلامات التي تظهر على المصابين بكوفيد-19. وقال إن البروتوكول العلاجي لا يختلف كثيرا عن المعتمد من قبل، وإنما طرأ عليه تغير في بعض أنواع الأدوية المخصصة لعلاج أعراض السلالات المتحورة، كالإسهال وآلام الرأس ومشاكل هضمية والتي تسهل أيضا علاج المرضى في وقت مبكر وعدم الحاجة إلى كميات كبيرة من الأكسجين. ويشير إلى أن كل الأطباء مطالبون باعتماد بروتوكول علاجي موحد للتكفل بمرضى كورونا التي تشهد تصاعدا في منحنى الإصابات والوفيات سيطيل أمد الأزمة، قائلا إنه لا يوجد بديل عن الالتزام بإجراءات الوقائية للتقليل من انتشار عدوى الفيروس بين المواطنين وتجنب تسجيل مزيد من الحالات وذلك من أجل التحكم مجددا في الوضع. «دلتا» يستهدف فئات عمرية جديدة ويثير المتحور «دلتا» الكثير من القلق بسبب سرعة انتشاره بين المواطنين واستهدافه لفئات عمرية جديدة، على عكس السلالات الأخرى المتعلقة بفيروس كورونا، التي لم يسبق وأن سجلت أرقاما قياسية وارتفاعا كبيرا ومفاجئا بنسبة المصابين والوفيات بهذا الشكل منذ بداية انتشار جائحة كورونا في الجزائر، ما تسبب في حالة تأهب قصوى للتصدي لهذا المتحور الخطير. في ذات السياق يشير عضو اللجنة العلمية لرصد ومتابعة فيروس كورونا، إلى أن خصائص الفيروس المنتشر في الموجة الحالية تختلف عن الأولى والثانية، ففي البداية كان «كوفيد-19 «يؤثر على المسنين الذين تتجاوز أعمارهم 65 سنة والمصابين بأمراض مزمنة ومن النادر تسجيل إصابات خطيرة لدى الشباب، ولكن تغير الوضع مع الفيروس المتحور «دلتا» الذي لم يعد يفرق بين كبير وصغير، بل يتسبب في إدخال المواطنين مصالح الإنعاش باختلاف أعمارهم. وشهدت الجزائر، بداية من الأسبوع الأول من شهر جويلية، تفشيا كبيرا لفيروس كورونا بنسبة 71٪ من بين الفيروسات، بحسب إعلان معهد باستور، الذي توقع أن تبلغ نسبة انتشار هذه السلالة الهندية أكثر من 90٪ خلال الأسابيع المقبلة، الأمر الذي يستدعي تشديد الإجراءات الوقائية للتقليل من انتشار هذا الفيروس، وعودة الاستقرار في الوضع الوبائي، خاصة وأن تزايد الإصابات أكثر سيتسبب في حدوث كارثة صحية في ظل زيادة الطلب على مادة الأكسجين في المستشفيات العمومية. ضد تخويف المواطن والسعى لنقل الحقائق ومنذ دخول الجزائر الموجة الثالثة غير المسبوقة من فيروس كورونا، انتشرت الأخبار السلبية بقوة عبر مواقع التواصل الاجتماعي حول خطورة الفيروس المتحور، الأمر الذي تسبب في نشر الذعر والخوف بين المواطنين، بالإضافة إلى التأثير على نفسيتهم بشكل يضعف جهازهم المناعي ويجعل الجسم غير قادر على محاربة الأجسام الدخيلة بسبب نقص الخلايا والإفرازات المسؤولة عن تنظيم الجهاز المناعي بشكل عام. في هذا السياق، يعلق البروفيسور مهياوي على أساليب التهويل المتداولة مؤخرا عن خطورة الوضع الذي تشهده المستشفيات عبر الوطن، قائلا: «لسنا هنا لتخويف المواطن ولكننا نسعى إلى نقل الواقع وتطورات الوضع الوبائي عبر الوطن كما هي، حتى يكون فيه التزام واع ومسؤول، ونحن ضد التهويل والتخويف ونشر الأخبار الخاطئة ومن حق المواطن أن يطلع على الحقائق ومستجدات الحالة الوبائية والوسائل التي يجب اتباعها لتفادي التقاط العدوى ونقلها للآخرين وحمايتهم». ويضيف، أن جميع أعضاء اللجنة العلمية والخبراء والمختصين الجزائريين يسعون إلى التواصل مع المواطنين منذ بداية الأزمة، من أجل توعيتهم بأهمية الالتزام بالإجراءات الاحترازية، مع تحسيسهم بضرورة الإقبال على مراكز التلقيح لحماية أنفسهم من مخاطر الإصابة بالفيروس وإطلاعهم بحقيقة الوضع الصحي الذي نعيشه في الوقت الراهن من أجل العمل سويا للخروج من هذه الأزمة بأقل الخسائر والأضرار، خاصة وأن وزارة الصحة وحدها لا يمكنها مكافحة انتشار الفيروس والتقليل من خطورته دون تضافر جهود الجميع.