عاد سيناريو »لا أحد يفهم شيئا في الجلفة« ليسيطر على أجواء مديرية التربية بعد عملية دراسة الطعون المتعلقة بمسابقة توظيف الأساتذة، خصوصا بعد اكتشاف أخطاء في دراسة الملف وارتفاع معدلات راسبين تؤهلهم لتصدر قوائم الناجحين ، وخيم التساؤل حول مصير هؤلاء الذين كانوا ضحية أخطاء تقنية في حساب المعدلات خاصة بعد تعهد المديرية بعدم المساس بقوائم الناجحين واحتمال تسليم محاضر التعيين يوم الأحد فيما ينتظر الفصل في الطعون الثلاثاء المقبل. من الصعب جدا الحصول على معلومات رسمية وتفسيرات منطقية لعملية دراسة الملفات بعدما تبين أن مختلف مديريات التربية اجتهدت في بعض النقاط ليظهر التباين الكبير خاصة في حساب نقطة الخبرة، الأمر الذي جعل من حالة الغضب تتصاعد مباشرة بعد انطلاق عملية الطعن التي كشفت عن وجود حالات مثيرة وقفت عليها »الشعب« وضحايا تم إقصاؤهم بطريقة »فنية« من قوائم الناجحين على حد تعبير الكثير منهم، وما زاد في غموض نتائج المسابقة حكاية التناقض في التصريحات وجهل بعض القائمين على المسابقة لوضعية ضحايا الأخطاء ومن يتحمل مسؤولية الخطأ في حد ذاته؟ إضافة إلى سيطرة »الإشاعة« خصوصا المتعلقة بقرارات صدرت من الوزارة لم تكشف بطريقة رسمية ولم يتم تعليقها من بينها عدم المساس بقوائم الناجحين التي اعتبرها المترشحون إجحافا كبيرا بعدما تبين كثرة الأخطاء التي فسرها البعض على أنها متعمدة بدليل فارق المعدلين قبل وبعد الطعن. عندما دخلنا مديرية التربية من أجل تلقي إجابات منطقية لم نجد أحدا سوى رئيس إحدى اللجان المحاصر بعدد من المترشحين الذين تحولوا إلى ضحايا من نوع خاص، في وقت لم يجب أحد على إتصالاتنا المتكررة، تقول إحدى المترشحات أنها على وقع الصدمة من تعامل لجنة دراسة الملفات حيث ارتفع معدلها إلى 12.30 بعد عملية الطعن في وقت حصلت على 4.53 وتضيف »لم يتم حساب ثماني شهادات عمل منذ سنة 2002«، مع العلم أن آخر معدل في قائمة الناجحين وصل إلى 8.35 وهو ما يجعلها تتصدر قائمة الناجحين لو تمت العملية بدقة. ولم تختلف حالة المترشحة »ط،أمينة« التي اكتشفت أن معدلها يفوق 11 بعدما تم نشر معدل 5.35، حيث أكدت أنها تفاجأت بكشف النقاط الذي سُلم لها و بين الموجود في الملف المختلفين تماما. وليس بعيدا عن الحالتين يقول »ش.ج« أن معدله قارب العشرة بعدما كان لا يتجاوز 6.75، مثل هذه الحالات تكررت عشرات المرات ولكل حكاية بين عدم إحتساب شهادات عمل وبين أخطاء في نقل علامة المقابلة. ما زاد في حكاية التناقضات هو صدمتنا عند سماع التفسيرات التي يعطيها القائمون على المسابقة من بينها ما وقفنا عليه من إجابات تلقاها المترشحون كحجة على عدم احتساب بعض الشهادات عمل بسبب عدم تقديم النسخة الأصلية والإكتفاء بنسخ طبق الأصل ،حيث رد رئيس اللجنة على هذه الحالات بوجود منشور وصل المديرية قبل إنتهاء مهلة تقديم الملفات يتضمن عدم الأخذ نسخ طبق الأصل بعين الإعتبار في وقت لم يحدد إعلان مسابقة هذه النقطة، يقول السيد »ل. جمال« ردا على هذه النقطة أن المنشور وصل متأخرا وهناك من أضاف الشهادة الأصلية في هذه الفترة، غير أن السؤال الذي بقي دون إجابة هو من يتحمل المسؤولية خاصة أن المنشور وصل متأخرا، إضافة أن الملفات تم التدقيق فيها وقبولها قبل المنشور المفصل للوثائق. الجلفة سباقة في نشر التفاصيل لكن لا ينفي وجود تجاوزات؟ على بهو المديرية تعالت الأصوات المتهمة للجان المسابقة غير أن نشر تفاصيل النتائح على المواقع المحلية الذي يعد سابقة في تاريخ المسابقات صار حجة ل »المصداقية« والشفافية حسب السيد » لخذاري .ج« الذي رد »نحن نشرنا تفاصيل النتائج وسلمنا كشوف النقاط لكل الراسبين وهذا دليل على مصداقية العملية«، في هذا الإطار يقول المترشحون» نحن لم ننف ما قامت به المديرية لكن هذا لا يعني أن هناك شفافية لأن هناك إجحافا في حق الكثيرين خصوصا بعد الذي أظهرته عملية الطعن من اجحاف في حق الراسبين«، يضيف هؤلاء »من يتحمل مسؤولية الأخطاء ولماذا لا تعدل قوائم الناجحين مادام هناك حق الطعن الذي أثبت أحقية الكثيرين في تصدر قوائم الناجحين«، هذا السؤال الذي يشغل الكثير من المترشحين صار العلامة السوداء في المديرية، خصوصا أن مصادر »الشعب« اعتبرت أن نشر تفاصيل النتائج كان بضغط من الوالي لتفادي ضبابية المسابقات ووفاء بوعده لإصلاح القطاع، وهو ما يثبت أن مصالح المديرية كانت مرغمة ولم تحسب ما سينتج عن عمليات الطعن القانونية عكس ما يشاع في الولايات الأخرى. في هذا الإطار أردفت مصادر »الشعب« أن لا أحد يملك الإجابة المنطقية فكيف يعقل أن يقصى صاحب المعدل الأكثر وينجح صاحب المعدل الأقل بسبب خطأ في اللجنة سرعان ما تم إكتشافه. حل منطقي وقانوني ... في ظل الضبابية التي تسود العملية كان لزاما علينا البحث عن الإجابة حيث علمت »الشعب« من مصادر مطلعة أن دراسة الطعون التي باشرتها مديرية التربية لولاية الجلفة لا يمكن أن تمر دون تصحيح الأخطاء خاصة أن المديرية أقرت في إعلانها على إمكانية كل مترشح بالتقدم إلى اللجان من أجل الوقوف على ملفه، وأضافت أن مصالح مديرية التربية تعمل على إحصاء كافة المحالين على التقاعد والأساتذة الذين تقدموا بإستقالات من أجل العمل على إبقاء المناصب المالية وتعويضها بالناجحين بعد عملية الطعن، وهو الحل الذي ينتظر أن تلجأ إليه مديرية التربية، وأشارت مصادر على دراية بالإجراءات القانونية في مثل هذه الحالات أن هذا الحل »منطقي وقانوني« بعد الحصول على ترخيص من وزارة التربية وموافقة مصالح الوظيف العمومي كحالة استثنائية، ورشحت مصادرنا أن يكون الإجراء الذي ينقذ المديرية رغم أنه إجراء غير منصف ولا يعقل أن يتحمل هؤلاء أخطاء الغير ويصبحون في حالة انتظار تحرير المناصب، في نفس السياق علمت »الشعب« أن طلبات الإحالة على التقاعد وصلت إلى حدود 150طلبا في بعض المقاطعات التربوية لكن المشكل العالق أن تسوية وضعيتهم لا يمكن أن تكون قبل تاريخ 31 ديسمبر الداخل. ما يحدث في مديرية التربية هذه الأيام رغم كل الضمانات الممنوحة من طرف الوالي والمدير يعود بها إلى الوراء ويترك المجال مفتوحا لمزيد من الإتهامات ولا منطقية الأجراءات المتخذة ، إنطلاقا من تحمل مسؤولية الأخطاء وعدم منطقية إنتظار أصحاب المعدلات الكبيرة وترسيم أقل معدلا منهم بحجة الخطأ الذي لا يمكن تصحيحه، في هذا الإطار قال مراقبون لملف التربية أن المشكل سيظل مطروحا وحالة اللاثقة لا يمكن القضاء عليها ببقاء الوضع على حاله والملفات الحساسة من بينها التوظيف، حيث لا تكفي سياسة الوعود دون التغيير لأن الإشاعات المتداولة في الشارع الذي يبدو الكثير منها صحيحا صارت مخيفة وتدعو الجهات الوصية لتصحيح الكثير من الأخطاء وإضفاء الشفافية في تسيير المسابقات والإبتعاد عن القرارات غير المنطقية والتي تحمي المتورطين أكثر ما تحمي قطاع التربية والقانون.