جوهرة الشرق بونة بموقعها الاستراتيجي، وبجمال مناطقها ومكانتها السياحية، التي تستقطب سنويا أكثر من 2 مليون سائح، تكاد تفتقر لفضاءات التسلية والترفيه التي تستوعب ذلك الكم الهائل من الزوار الوافدين على هذه المدينة، بحثا عن أماكن للراحة بعيدا عن ضوضاء المدينة وصخبها، خاصة مع انتهاء موسم الاصطياف وتحويل الوجهة من الشواطئ نحو الحدائق ومختلف أماكن التسلية والتنزه. فضاءات يبحث عنها سكان بونة للترفيه عن النفس، تكون ملاذهم وملاذ أطفالهم، لا سيما خلال العطل المدرسية لتخفف عنهم عناء الموسم الدراسي، وتغنيهم عن البحث عن البديل في الشوارع أو في مقاهي الانترنيت، غير أنهم يصطدمون في الغالب بمرافق ترفيهية لا تلبي طموحاتهم، ولا تقدم الخدمات المطلوبة التي تضمن لهم الراحة والاستجمام، وذلك بالرغم من رصد السلطات المحلية لغلاف مالي معتبر لتهيئة المساحات الخضراء والحدائق العمومية التي تعاني الإهمال، وفي بعض الأحيان انتشار النفايات بها بسبب لامبالاة الزوار والرمي العشوائي للفضلات. الحديقة المتوسطية.. علامة استفهام انتظر أبناء بونة بشغف كبير افتتاح الحديقة الحضرية المتوسطية ب «عين عشير»، وذلك بعد أن رسم القائمون عليها صورة لها تشبه «الجنة فوق الأرض»، فما كان على سكان عنابة سوى التباهي بفضاء ترفيهي ستتدعم به مدينتهم، وسد النقص الذي تعيشه في هذا المجال، شهر مارس من السنة الماضية، لتكون قبلة العديد من الزوار الذين اكتشفوا مع مرور الوقت بأنها مجرد حديقة تكاد تخلو من الخدمات التي روجوا لها، ولم تستكمل بها المشاريع التي وعدوا بها زوار الحديقة الحضرية المتوسطية التي تتربع على مساحة 65 هكتارا، ورصد لها مبلغ 350 مليون دينار، حيث غابت عنها الشاليهات، والحظيرة العملاقة لركن السيارات، كما أنه لا وجود للبحيرة الاصطناعية المزودة بنظام الألعاب المائية. ولم يستمتع الوافدون إليها لا بملعب، ولا بحوض أسماك، ولا بمسبح، أو مسرح للهواء الطلق، ناهيك عن قلة الأكشاك الخشبية والتي كان من المنتظر أن توضع تحت تصرف ذوي الاحتياجات الخاصة، كما أعلن عنه والي الولاية جمال الدين بريمي سابقا، حيث أنه من شأنها توفير مختلف الخدمات لرواد الحديقة، على أن تتخللها أيضا ممرات غابية وممرات للراجلين للاستمتاع بالمناظر الطبيعية. وهو الأمر الذي يتطلب التفاتة فعلية للسلطات المحلية لولاية عنابة، لتكون الحديقة قطبا اقتصاديا ووجهة سياحية بامتياز، تستقطب زوار بونة من مختلف الولايات ومن خارج الوطن أيضا، كونها تقدم منظرا طبيعيا خلابا يمزج بين المساحة الخضراء وزرقة البحر، على اعتبار أن هذا الفضاء يطل على واحد من أجمل شواطئ بونة «عين عشير»، ومن أعالي هضبة مكسوة بأشجار كثيفة، تمتد إلى أعالي جبال الايدوغ الذي يمتد بدوره من رأس الحمراء شرقا إلى رأس الحديد غربا، على مسافة تقدر ب 70 كلم تقريبا، ما أدّى إلى ترقيته وتصنيفه إلى منطقة محمية طبيعية. حديقة سيدي عاشور مقصد الزوار.. ولكن تعد حديقة التسلية بسيدي عاشور، واحدة من الفضاءات الترفيهية المهمة بعنابة، والتي تتوفر على ألعاب ممتعة للأطفال والشباب، فهي اليوم المقصد الأول للعائلات العنابية الباحثة عن فضاء للتسلية، حيث أنها وعلى مدار الأسبوع لا تخلو من الزوار الذين يتوافدون عليها بكثرة خلال العطل الأسبوعية أو العطل المدرسية، كونها متنفس سكان بونة بدون منازع، خاصة على ضوء النقص الذي تعرفه هذه الولاية من ناحية مرافق التسلية والترفيه، كما أن بها مساحات خضراء تسمح للنساء أو الشيوخ المرافقين لأبنائهم بانتظارهم دون الحاجة إلى مقاعد. «حديقة فاروق لاند» وإن كانت قبلة العائلات العنابية، والتي لا حل آخر أمامها سوى اللجوء إليها أمام إلحاح الأبناء، إلا أن التذمر لا يفارقها بسبب الأسعار المرتفعة، سواء بالنسبة لتذكرة الدخول التي تقدر ب60 دينارا للأطفال و100 دينار للكبار، ونفس السعر بالنسبة لتذكرة حظيرة السيارات، أما في ما يتعلق بتذكرة الألعاب فهي بين 120 إلى 150 دينار بالنسبة للألعاب الخاصة بالأطفال، وقد تصل إلى 400 دينار للكبار. وفي ما يخص الخدمات المتعلقة بمحلات البيع فحدّث ولا حرج، فعلى سبيل المثال سعر قارورة الماء بسعة 1.5 لتر تباع ب100 دينار، ونفس الأمر بالنسبة للمشروبات الغازية أو الطبيعية، أما محلات الأكل فبطبيعة الحال لمن استطاع إليها سبيلا، مع العلم أن القائمين على «فاروق لاند» يمنعون منعا باتا على الزوار جلب أي نوع من الأكل أو المشروبات حتى وإن كان قارورة ماء من الحجم الصغير معهم إلى حديقة، وهو ما يثير استياء سكان عنابة، معتبرين هذا القرار مجحفا في حق العائلات ذوي الدخل المحدود التي تجد نفسها مجبرة للذهاب إلى حديقة التسلية أمام إلحاح أبنائها، مطالبين بضرورة توفير فضاءات للراحة مناسبة لهم ولأطفالهم للعب والترفيه عن أنفسهم، ووضع حد لجشع بعض المستثمرين الذين رأوا فيهم تجارة مربحة وفرصة للكسب السريع دون مراعاة إمكانياتهم المادية، مستغلين حاجتهم وحاجة أبنائهم لمثل هذه الفضاءات التي تكاد تفتقر لها مدينة عنابة. مناطق الظل خارج الحسابات يبدو أن مناطق الظل بعنابة خارج حسابات السلطات المحلية، التي ركزت فقط على توفير بعض الألعاب للأطفال داخل أحيائهم على غرار الأرجوحة، في حين تناست أن هناك عائلات وشباب هم أيضا بحاجة إلى مساحات للترفيه وقضاء على الأقل نهاية الأسبوع بها، ليبقى النقص الكبير في مرافق التسلية يؤرق على وجه الخصوص أولياء الأطفال الذين يجدون في الشارع متنفسهم بالرغم من الخطر الكبير المحدق بهم. فبالرغم من تأكيد السلطات المحلية على ترقية هذه المناطق والتكفل باحتياجات سكانها، إلا أن الوعود ما تزال حبرا على ورق، خاصة فيما يتعلق بتحويل بعض العقارات المسترجعة بولاية عنابة إلى مساحات خضراء وحدائق عمومية، بهدف إعطاء وجه جمالي وحضاري آخر لهذه المدينة، لتبقى دار لقمان على حالها إلى يومنا هذا ويبقى أبناء بونة ينتظرون الفرج إلى أجل غير مسمى في الوقت الذي هم فيه بحاجة ماسة إلى مرافق للتسلية وفضاءات للترفيه. المدينة المائية.. البديل نقص مرافق التسلية والترفيه بمقاييس تلبي تطلعات أبناء بونة، جعلت العديد منهم يحجون إلى الولايات المجاورة، التي تمتلك مساحات ترفيهية بمواصفات عالمية، على غرار ولاية الطارف، وبالضبط نحو «القالة» التي تستقطب آلاف الزوار من الجزائريين للاستمتاع بالحديقة المائية «القالة أكوالاند»، حيث وجدت العديد من العائلات متنفسها في مدينة الألعاب التي تتوفر على شاطئ اصطناعي ومسابح وزلاجات مائية للكبار والصغار، وهو ما جعلها وجهة الأطفال والشباب، لا سيما وأن أيضا هذه المدينة تتوفر على إقامات جد راقية مطلة على البحر لاستقبال زوارها من داخل الوطن وخارجه، واضعة بين يديهم أسعارا في متناولهم لتجعل من هذه الحديقة وجهتهم المفضلة، حتى أن الكثيرين باتوا يفضلونها على الشواطئ بعيدا عن الضوضاء من جهة، وحماية للأطفال من جهة أخرى من حوادث الغرق، التي تحصد يوميا مئات الضحايا من مختلف الأجناس والأعمار. ويؤكد زوار الحديقة المائية أكوالاند» بالقالة أن هذا الفضاء يعتبر منتزها عائليا بالدرجة الأولى، كما أن روعة المكان تجعلهم يزورونه متى أتيحت لهم الفرصة، على اعتبار أنه أصبح اليوم واحدا من أهم وأفضل المرافق السياحية في الجزائر.