مراجعة قانون الجماعات المحلية لمنحها صلاحيات أكبر إرساءً لقواعد ديمقراطية تشاركية، أكد رئيس الجمهورية في مجلس الوزراء الأخير، على إشراك المجتمع المدني في تسيير البلديات لضمان تمثيل مختلف شرائح الإقليم البلدي، في حين أوصى بتعيين متصرفين إداريين لتسيير البلديات التي لم تجرَ بها الانتخابات المحلية في 27 نوفمبر الماضي، في انتظار إجراء انتخابات جزئية عند توفر الظروف الملائمة لها. اتفق مختصون على أهمية تعيين متصرفين بالبلديات التي تعذر فيها إجراء الانتخابات، حيث أكد الرئيس على إشراك ممثلي المجتمع المدني المحلي، في هذه العملية المؤقتة، لتسيير البلديات المعطّلة والتحضير لانتخابات جزئية في أقرب الآجال، فهي بحاجة إلى هيئات تدير شؤونها، لذلك كان من الضروري إيجاد آليات تضمن تسييرها إلى غاية توفر الظروف اللازمة لإجراء الانتخابات الجزئية، حيث سيتم وضع نص تنظيمي سيسمح بتعيين متصرفين إداريين للقيام على شؤونها. كما أكدوا مراجعة قانون الجماعات المحلية، وإشراك المجتمع المدني، مع مراعاة خصوصيات وإمكانات كل بلدية، خاصة الاقتصادية من اجل وضع قانون يعطي المجالس المنتخبة المحلية دفعا قويا للمشاركة الفعالة في التنمية من خلال تحرير المبادرة المحلية ما يساهم بإيجابية وفعالية في تسريح حركية العجلة الاقتصادية الرهان الأول لسنة 2022. بوثلجة: فعالية أكبر للمجالس المنتخبة اعتبر النائب البرلماني عن حركة البناء الوطني علال بوثلجة، في اتصال مع «الشعب»، في إجابته عن سؤال حول مخرجات مجلس الوزراء الأخير في شقها المتعلق بالانتخابات الجزئية، الإجراء عاديا، حيث كان متوقعا، نظرا لما ينص عليه قانون البلدية، الى جانب كونها خطوة ضرورية أملتها الظروف المحيطة، لأن قانون الانتخابات يفرض وجود قوائم مترشحة وهو ما لم يتوفر في بعض البلديات، ما أدى إلى عدم إجراء الانتخابات المحلية الأخيرة فيها. وقال البرلماني، إن تسيير تلك البلديات عن طريق متصرفين إداريين معينين مع إشراك المجتمع المدني، جاء لمنع حالة الركود والانسداد بها، حيث سيتم تحديد آليات تعيينهم عن طريق تعليمة وزارية أو شيء من هذا القبيل. وحتى لا تبقى البلدية مسيرة إداريا فقط، تم إشراك المجتمع المدني من اجل ضمان مؤقت للتمثيل الشعبي فيها، فيما سيتم استدعاء الهيئة الناخبة لإجراء انتخابات جزئية في هذه البلديات عند توفر الظروف الملائمة. ولاحظ أن هذا القرار سيكفل للشعب ممارسة حقه في تسيير المؤسسة الخلية للدولة وفي المقابل يكفل للدولة سيرورة المرفق العام والمحافظة عليه. وقال المتحدث، إن مشاركة المجتمع المدني في التسيير ستكون في صفة التمثيل، لأن التسيير الحقيقي للبلدية سيضمنه المتصرف الإداري المعين من طرف الوصاية، أما المجتمع المدني فسيكون هدفه تمثيل شرائح واسعة من سكان من المجتمع المحلي. أما فيما يتعلق بمراجعة قانون الجماعات المحلية، أوضح بوثلجة أنها انطلقت منذ ان نصّب الوزير الأول الورشة الوطنية لإصلاح البلدية والولاية، حيث جاءت هذه الخطوة استجابة لمطلب الطبقة السياسية والمنتخبين والبرلمان الجديد، كاشفا -بحسب معلومات شحيحة يملكها- عن إجراء عدة جلسات وتقسيم اللجنة الوطنية الى ورشات تعمل من اجل وضع مقترحاتها، في انتظار بلورة شاملة لكل الأفكار حتى يأخذ مشروع القانون مساره التنظيمي من خلال مروره عبر مجلس الوزراء ثم البرلمان بغرفتيه إلى غاية ان يصبح قانونا معتمدا. وعن أهم الإصلاحات الواجب القيام بها في قانون الجماعات المحلية، قال بوثلجة إن الأمل كبير في إصلاحات تضع مقاربة وتصورا جديدين لهذه المؤسسة الخلية للدولة، بإعطائها فعالية أكبر حتى نعيد إليها قيمتها الحقيقية مع توفير الظروف التي تسمح لها بأن تكون في مستوى تطلعات الجزائريين. في ذات السياق، أضاف محدثنا، «وجب استرجاع هيبة وقيمة البلدية على اعتبار أنها نواة وخلية أساسية للدولة، من خلال إرجاع السلطة الإقليمية لرئيس المجلس الشعبي البلدي التي يمارسها على إقليم البلدية المستمدة من قانون 18 جانفي1967، إلى جانب إعطاء المنتخبين المحليين صلاحيات أوسع في تنشيط حياة الإقليم، بتحرير المبادرة ومشاركة أكبر في عملية الاستثمار، وتدخل أكبر في قانون الاستثمار من خلال مراجعة قانون الصفقات العمومية المتعلق بالمرفق العام الذي سيخفف من الضغوط والبيروقراطية عن المنتخبين، وكذا مراجعة مقاربة المصادقة على المداولات، فممكن أن تتخلى بعض المداولات عن شرط المصادقة لإعطاء مسؤولية أكبر للمجلس البلدي السيد. وأشار الى الدور المهم الذي تلعبه شرطة البلدية، لذلك أكد على ضرورة الدفع بها ورد الاعتبار لها، خاصة وان قانونها لم يصدر بعد، حتى تكون هيئة تنفيذية للمجلس البلدي من اجل المحافظة على نظافة المحيط والقضاء على الظواهر السلبية في الإقليم البلدي كالبيع العشوائي على الطرق واستغلالها بطريقة فوضوية، وكذا ظاهرة «الباركينغ» العشوائية، الى جانب القضاء على البناء الفوضوي الذي أثر كثيرا على المحيط في الجزائر، بالإضافة الى الكثير من المهام يمكن للشرطة البلدية أداءها. ومن الاصلاحات التي يراها ضرورية، الدفع بعملية التضامن ما بين البلديات، الى جانب قانون الجباية المحلية الذي سيلعب دورا مهما في خفض عدد البلديات التي تعاني عجزا في ميزانيتها، مؤكدا وجود نقاط كثيرة يمكنها ان تعطي دفعا لتسيير الجماعات المحلية وان تكون على شكل مقترحات، وهو ما يتجاوب مع توجه رئيس الجمهورية في اشراك المجتمع المدني في صناعة القرار وفرض نمط للديمقراطية التشاركية، كل هذه النقاط يمكن بلورتها في بنود قانون الجماعات المحلية الذي بإمكانه ان يعطي دفعا حقيقيا وفعالية أكبر للمجالس المنتخبة. بوهيدل: انتخابات جزئية لاستكمال النصاب الكلي من جانبه أكد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية الأستاذ رضوان بوهيدل، أنه أصبح من الضروري اليوم بعد الانتخابات المحلية إعادة النظر في تسيير البلديات التي لم تجر فيها الانتخابات المحلية لسبب أو لآخر. ولعل السبب الأهم عدم توفر قوائم مرشحة في بعض البلديات، معتبرا عددها قليلا مقارنة بالعدد الإجمالي للبلديات المقدر ب1541 بلدية عبر مختلف ولايات الوطن، لذلك التجربة اليوم كفيلة بإجراء انتخابات جزئية في وقت وجيز جدا لتكملة النصاب الكلي. وفي انتظار تنظيمها سيتم اعتماد تسيير البلديات المعنية إداريا بتنصيب متصرف اداري مع إشراك المجتمع المدني في عملية التسيير حتى لا تبقى متوقفة تماما، لتساهم في تحريك عجلة التنمية. ويرى بوهيدل، أن اشراك المجتمع المدني ضروري، خاصة إذا اخذنا بعين الاعتبار دوره الفعّال الذي أداه خلال السنتين الأخيرتين، فمن حق المنظمات المنتمية للمجتمع المدني ان تشارك في اتخاذ القرار ورسم السياسات العامة على المستوى المحلي. ويجد أستاذ العلوم السياسية، ان المجتمع المدني أدرى بالواقع المعيش للمواطن بالأقاليم المحلية، لذلك لا يجب لهذه البلديات أن تعيش حالة ركود وانسداد، ما يستدعي تسريع الأمور بتعيين مسيرين إداريين مدعومين بممثلين عن المجتمع المدني، في انتظار انتخابات جزئية، كما ينص عليه قانون الانتخاب، لتعيين مجالس محلية منتخبة كاملة الشرعية لتسيير شؤونها. ويرى المتحدث، ان من اهم النقاط المطروحة في مراجعة قانون الجماعات المحلية، إعطاء الصلاحيات للمجالس المحلية في التسيير واتخاذ القرارات دون خوف، خاصة بعد رفع التجريم عن فعل التسيير الإداري. وعليه، يجب ابعاد أي مبررات تتسبب في هذا النوع من الانسداد، مشيرا في الوقت نفسه الى انه يجب التركيز في مراجعة قانون الجماعات المحلية على صلاحيات المجالس المحلية وعلاقتها بالهيئات الأخرى المعينة مثل الدائرة، الولاية والولاية المنتدبة، فكل هذه الإصلاحات المرتقبة تصب في هدف واحد هو دفع عجلة التنمية في الأقاليم المحلية. محرز: منع الانسداد والركود كما قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية سمير محرز، في اتصال مع «الشعب»، إن عدد البلديات المعنية بالانتخابات الجزئية قليل وهي تلك التي حالت الظروف دون إجراء انتخابات 27 نوفمبر الماضي بها، وهو ما استدعى اتخاذ قرار إجراء انتخابات جزئية لاحقا، عند توفر الوقت المناسب، لإعادة الأمور لنصابها، بتنصيب مجالس محلية منتخبة تساهم في تحريك عجلة التنمية على مستوى تلك البلديات، حيث حث الرئيس على إجرائها في أسرع وقت ممكن. والى حين إجرائها، طالب ايضا إسناد تسيير البلديات المتعثرة لمتصرفين إداريين، حيث صادق مجلس الوزراء على الآليات القانونية لتعيين هيئة إدارية مؤقتة بصفة متصرف إداري، فيما أصر على إشراك المجتمع المدني في تسييرها، ما اعتبره محرز خطوة مهمة، بالنظر إلى كونه فاعلا حقيقيا وميدانيا في مختلف بلديات الوطن وبدون استثناء، حيث يستطيع رفع وتيرة العمل على مستوى الأقاليم البلدية وكذا نسبة التنمية المحلية فيها. في ذات السياق، يرى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، ان المجتمع المدني اليوم، أصبح أكثر من مجرد شريك اجتماعي، بل ارتقى الى درجة شريك سياسي، لما له من دور فعال في العملية التنموية التي يراهن عليها مستقبلا، خاصة في إطار الدفع بالعجلة الاقتصادية، حيث ستكون سنة 2022 اقتصادية بامتياز، لذلك من المهم جدا في هذه المرحلة بالذات، إدخال المجتمع كشريك حقيقي من اجل أخلقة الحياة السياسية، وكذا رفع وتيرة التنمية المحلية وأيضا من اجل تعزيز مفهوم الديمقراطية التشاركية، بالنظر الى وجود عزوف من طرف الشعب على الانتخابات، فضرورة تسيير البلديات يجعل من استراتيجية المجتمع المدني مهمة جدا في هذا السياق. أما فيما يتعلق بمراجعة قانون الجماعات المحلية، اكد محدثنا ان أهم شيء يجب ان يفكر فيه هو آليات إيجاد حلول للمشاكل المتعلقة بالجماعات المحلية على مستوى البلديات، كما يجب ان تفتح الإصلاحات نقاشا مع الفاعلين في ورشات وجلسات، لضرورة التوجه نحو اشراك المجتمع المدني والفاعلين السياسيين والاطارات والموظفين الإداريين وحتى الأحزاب السياسية في الإصلاحات المتعلقة بالجماعات المحلية، لان القانون السابق للبلدية لا يتماشى مع تطورات المرحلة.