بعد ثلاثة أشهر من تعيينه، يستعد المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية «ستافان دي ميستورا» للقيام بأول جولة له في المنطقة، مدفوعا برغبة جامحة في تحريك المياه الجامدة وتفعيل المساعي الأممية لتحقيق تقدم في العملية السلمية الخاصة بالقضية الصحراوية التي تعرف تأخرا كبيرا بفعل العراقيل التي يفرضها الاحتلال المغربي والمتواطئين معه. جولة الدبلوماسي السويسري -الإيطالي « دي ميستورا «الذي عيّنه «غوتيريش»، يوم 6 أكتوبر 2021 كمبعوث شخصي جديد له للصحراء الغربية خلفاً للرئيس الألماني السابق «هورست كوهلر» الذي استقال من منصبه في 22 ماي 2019، تأتي في وقت تشهد فيه عملية السلام التي تقودها الأممالمتحدة في الصحراء الغربية منذ 6 سبتمبر 1991، إلى غاية 13 نوفمبر 2020، تطورات بالغة الخطورة بسبب تقويض دولة الاحتلال المغربية لولاية بعثة الأممالمتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو) كما هي محددة في قرار مجلس الأمن 690 (1991)، والقرارات ذات الصلة، ونسفها لوقف إطلاق النار، وإعلانها للحرب من جديد على الشعب الصحراوي. قبل جولته، وسعيا منه لإنجاح مهمته، دشن «دي ميستورا» سلسلة من اللقاءات والمشاورات مع عدد من المسؤولين الدوليين، والتي تناولت في معظمها مستجدات نزاع الصحراء الغربية، وآفاق استئناف العملية السياسية التي تقودها الأممالمتحدة بهدف إيجاد تسوية سياسية لآخر مستعمرة إفريقية. ومنذ توليه منصبه في نوفمبر العام المنصرم، التقى المبعوث الأممي بوزير الخارجية الإسباني «خوسيه مانويل ألباريس» في مدريد، وأجرى محادثة هاتفية مع نائب وزير الخارجية الروسي «سيرجي فيرشينين»، وهما بلدين عضوين في «نادي أصدقاء الصحراء الغربية» إلى جانب فرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة. وشدد وزير الخارجية الاسباني، بعد اللقاء، على أن بلاده التي لديها مسؤولية تاريخية حول نزاع الصحراء الغربية، «ملتزمة بمساعدة «دي ميستورا «على حلّ القضية». بدون أدنى شك، سيسعى الاحتلال المغربي، كما جرت عليه العادة مع المبعوثين السابقين، لعرقلة ليس فقط جولة «دي ميستورا « بل مهمّته كلّها، خاصة والجميع يعلم أن الرباط ظلّت تماطل وتعارض تعيينه، ولم تقبل به مبعوثًا جديدًا للأمم المتحدة الى الصحراء الغربية، إلا بعد أربعة أشهر من موافقة البوليساريو على تسميته، وتحث ضغط الإدارة الأمريكية. أما الجانب الصحراوي، فقد رحّب بتعيين المبعوث الأممي الجديد على أمل إقرار عملية سلام محدودة في الزمان تفضي إلى تقرير المصير والاستقلال. ويأمل الصحراويون بشدّة في أن يتمكّن «دي ميستورا» (74 سنة) من إعادة بعث مسار السلام في الصحراء الغربية المتوقف منذ 2019، خاصة وهو يملك خبرة أربعة عقود في الاممالمتحدة سيما في مناطق النزاعات، أو على مستوى الوكالات الإنسانية، كما قدّم خدماته الحميدة كوسيط في كل من العراق وأفغانستان «دي ميستورا» باشر جهوده، وبالرغم من العراقيل المرتقبة، عليه أن يعمل على إنجاح مهمته وحل هذا النزاع الشائك، لأن المزيد من هدر الوقت والمماطلة، يعني فتح أبواب جهنم على المنطقة.