حذّر الدكتور والباحث في علم المناعة بمركز البحث في البيوتكنولوجيا، طه خالدي، من الانسياق وراء المعلومات المغلوطة التي تتوقع زوال الوباء مع متحور أوميكرون الذي انتشر بشكل سريع بين الأشخاص وهذا بحجة تحقيق المناعة الجماعية، موضحا أن الإصابة الجماعية ينتج عنها تكاثر الفيروس في الجسم ويؤدي إلى ظهور متحورات جديدة، على غرار «أوميكرون - بي.ايه2» الذي لديه سرعة انتشار 35٪ من الفيروس الأصلي. أوضح خالدي، في تصريح خص به «الشعب»، أن الوصول إلى المناعة الجماعية لا تكون إلا بتلقيح ما يقارب 70 أو 80٪ من مجموع الجزائريين، محذرا من خطورة الوضع، لأن الإصابة الجماعية تؤدي إلى ظهور متحورات جديدة، لا نعلم خطورتها وسرعة انتشارها. لذا، فإن نظرية المناعة الجماعية والتعرض للعدوى لا صحة لها، مضيفا أن الفيروس في هذه الحالات يتكاثر في الجسم وتحدث أخطاء في الحمض النووي، ما يؤدي إلى بروز نسخ جديدة. في هذا السياق، أكد الدكتور طه خالدي، أن المعلومات الأولية تشير إلى أن الفيروس تظهر منه نسخ فرعية كل ثلاثة أشهر، مشيرا أن المتحور الجديد أسرع بكثير من أوميكرون الأصلي، فيما تبقى خطورته غير معلومة بسبب غياب دراسات دقيقة، غير أنه في نفس الدرجة مع الأصلي ولا يزول الى ببلوغ المناعة الجماعية الناتجة عن نسبة التلقيح وإلا سيصبح مستوطنا وتظهر الحاجة إلى اللقاح في كل مرة يتحول فيها الفيروس. وأضاف الباحث في علم المناعة، في تشريحه للوضع الوبائي عبر العالم، أن كوفيد-19 لما ظهر في ووهان بالصين، برزت نسخ فرعية منه، حيث ظهرت الألفا الأكثر خطرا وانتشارا وبعدها ظهرت نسخ أخرى كانت أخف «بيتا وغاما»، حيث جاءت نسخ جديدة أضعف وأعتقد الجميع أن الوباء سينتهي. لكن الواقع أثبت العكس، حيث ظهرت نسخة «دلتا» الأشرس والأقوى من النسخ الماضية وأدى الى تسجيل حالات إصابات كثيرة لم تحقق المناعة الجماعية، بل أدت إلى وفيات بالجملة. ينطبق الأمر -بحسبه - على متحور أوميكرون الذي أصاب عددا كبيرا من الأشخاص عبر العالم ولم يحقق المناعة الجماعية، بل تفرعت منه نسخ جديدة، وهذا ما يؤكد أن الفيروسات تتحور كل ثلاثة أشهر لتظهر منها نسخ جديدة قد تكون أقل أو أكثر خطورة، مضيفا أنه كلما انتشرت المتحورات الجديدة في أنحاء العالم، تبرز متحورات جديدة قد تشكل خطرا في حال دخول المستشفى. أشار طه خالدي، بخصوص وصول «أوميكرون- بي.ايه2»، أنه كان متوقعا، لأن دخول أوميكرون الاصلي إلى بلادنا جاء بنفس طريقة المتحور الفرعي. تجدر الإشارة إلى أن الأشخاص الذين أصيبوا بأوميكرون مهددون بالإصابة بالنسخة الجديدة، لأن المناعة المكتسبة ضد الأخير لا تكفي ضد «بي.ايه2»، حيث أن النسخة الجديدة من الفيروس لا يمكن اكتشافها بتحاليل «بي.سي.آر»، وهو ما يتطلب الحذر والحيطة. كما أن تحاليل المضادات الجينية لا تكشفه تماما، إذ أن فعاليتها ضئيلة بالنسبة إلى «أوميكرون» الأصلي ومنعدمة مع النسخة الجديدة. وصرح الدكتور في ذات السياق، بأن معهد باستور الوحيد الذي بإمكانه الكشف عن النسخ الجديد، لأنه يقوم بالتحاليل الجينية التي تكشف عن فروع الفيروس الأصلي «أوميكرون»، مشيرا أن الإصابات الأخيرة للأشخاص كان تشخيصها بالمتحور الجديد «أوميكرون» ولكن لم يتم تأكيدها جينيا، لأن هذا النوع من التحاليل غير متوفر لدينا، مما يمنع علاج الأعراض أحيانا. وفي تقييمه للوضع الوبائي في الجزائر، قال الطبيب المختص في المناعة، إن إجراءات غلق المدارس ودور الحضانة وتعليق بعض النشطات، كان لها أثر إيجابي في كسر العدوى وخفض منحنى الإصابات، حيث يسجل يوميا نزول في الأرقام، ما يدل على نجاعة الإجراءات التي اتخذتها السلطات، موضحا أن استمرار الانخفاض لفترة أسبوعين يؤدي إلى تجاوز الذروة. وأضاف خالدي، أن النسخة الفرعية لأوميكرون-2 دخلت قبل وقتها، فهي لم تنتشر بشكل كبير مثل النسخة الأصلية، مشيرا إلى أن الجزائر تعيش حاليا نفس سيناريو الموجة الثالثة، لكن ليس بنفس درجة الخطورة، ويمكن أن نتجه إلى ما هو أكثر بقوله، «ربما سنعيش مستقبلا موجة مزدوجة بين أوميكرون والمتحور الفرعي «بي.ايه2»، لكنه يبقى احتمال قابل للتغير حسب المعطيات الوبائية. وعليه، ناشد الدكتور طه خالدي الباحث في علم المناعة بمركز البحث في البيوتكنولوجيا، المواطنين بضرورة الالتزام الصارم بالتدابير الوقائية والإبقاء على الحيطة واليقظة لمواجهة الموجة وكسر عدوى أوميكرون وحتى النسخة الفرعية المعروفة بسرعة انتشارها، والتي يمكن ان تلقب الموازين وتجعلنا نعيش موجة مزدوجة من الفيروس في حال التهاون.