قال رئيس اللجنة الوطنية لتجار اللحوم الحمراء خير مروان، إنّ أسعار اللحوم الحمراء ارتفعت بحوالي 30 بالمائة خلال رمضان، وذلك لعدة عوامل أبرزها ارتفاع أسعار الأعلاف لمستويات قياسية تجاوزت 80 بالمائة، أي بسعر 6 آلاف دينار للقنطار، ما دفع الكثير من المربين إلى التوقف عن النشاط، بالإضافة إلى غلق مجال الاستيراد الذي عمّق المشكل، وجعل أثمان اللحوم ترتفع بشكل جنوني. أوضح رئيس اللجنة الوطنية للتجار اللحوم الحمراء خير مروان، ل «الشعب»، أن سعر اللحوم الحمراء الخاصة بالأبقار ارتفعت قبل شهر رمضان بأسبوع في أسواق الجملة من 1300 دينار إلى 1500 دينار، ليصل السعر في محلات التجزئة إلى 1800 دينار للكيلوغرام الواحد قبل رمضان، في حين يبلغ سعره الآن بين 1900 إلى 2000 دينار للكيلوغرام الواحد بالنسبة للحوم البقر، وهو الأمر الذي يرجع إلى عدة أسباب. تتعلق بالدرجة الأولى - حسبه - ارتفاع أسعار الأعلاف لمستويات عالية، وكذا وقف المجال أمام الاستيراد بسبب عدم تجديد السجلات التجارية، ما تسبّب في القضاء على المنافسة في استيراد وتسويق اللحوم الحمراء، مشيرا إلى أن الأسعار السنة الماضية كانت منخفضة نسبيا مقارنة بهذه السنة بسبب فتح المجال أمام بعض المستوردين لكسر الأسعار، إلا أن هذه السنة أغلق باب المنافسة. وأضاف في هذا الشأن، أنّه تم الإبقاء على أربع متعاملين لهم الأولوية في استيراد هذه المادة ويتحكمون في أسعارها، الأمر الذي أدى إلى الاحتكار، وساهم في رفع أثمان اللحوم بشكل أثقل كامل المواطن الجزائري، ما يستوجب اتخاذ إجراءات عاجلة لضبط شعبة اللحوم الحمراء، وتمكين المواطنين من اقتنائها بأسعار معقولة خاصة في الشهر الفضيل، إذ يزيد الإقبال على مادة اللحوم باختلاف أنواعها الحمراء أو البيضاء. في المقابل قال المتحدث، إن المربين يعانون حيث 25 بالمائة من الجزارين أغلقوا محلاتهم وغيروا النشاط بسبب تراجع استهلاك الجزائريين للحوم الحمراء جراء ارتفاع أسعارها، خاصة وأن بعض مربي العجول يقومون بتسمينها من أجل بيعها بأسعار مرتفعة مع بداية رمضان، بسبب نقص في الإنتاج المحلي، وتراجع الاستهلاك ب 60 بالمائة في السوق الوطنية. وأوضح خير مروان، أن إقبال المواطنين على هذه المادة عرف تراجعا كبيرا، حتى عمليات الذبح تراجعت من 125 رأس غنم في بداية الشهر الفضيل إلى 80 خروفا في الأسبوع الثاني من رمضان، إلى 50 خروفا في هذه الأيام على مستوى مذبح الحراش، مشيرا إلى أن القطاع يعاني مشاكل رهيبة، بالإضافة إلى مشاكل الموالين قلة المذابح، حيث طالبوا مرارا بفتح المذابح التي أعلنت عنها السلطات الولائية من أجل تخفيف الضغط على مذبح الحراش، لكن لا جديد يذكر. غلاء الأعلاف وراء ارتفاع الأسعار من جهته، أكّد عضو المكتب الوطني للمجلس المهني لشعبة اللحوم الحمراء، ميساوي البشير، في تصريح ل «الشعب»، أن أسعار اللحوم الحمراء لم تعرف انخفاضا منذ بداية شهر رمضان، لعدة عوامل أبرزها عزوف المواليين عن تربية الماشية، وهذا راجع لغلاء الأعلاف. ومن جهة أخرى، الجفاف الذي ساد على الوطن لفترة، جعل المربين يعانون في تربية الماشية جراء نقص مساحات الرعي ونقص الأعلاف وغلائها من جهة أخرى، ما دفع المصالح الفلاحية إلى اتخاذ إجراءات عديدة لإنقاذ هذه الشعبة، التي ما زالت تعاني مشاكل قد يصل تأثيرها على أسعار الأضاحي. وأضاف أيضا «الكثير من الولايات عانت سابقا الجفاف ممّا أدّى إلى تقليص مساحات الكلأ وزوالها في كثير من الجهات، ما جعل الموال في رحلة بحث عن الأعلاف ولو بأسعار باهظة»، وتدخّلت المصالح الفلاحية في هذا الشأن لكسر المضاربة في سوق الأعلاف، غير أن غياب الحلول البديلة جعل الموالين يعانون من مشاكل عديدة جعلت الكثير منهم يتوقف عن تربية الماشية ومنهم من أعلن افلاسه. وقال الموال ميساوي بشير، إنّه كان من المفروض إيجاد البدائل لتوفير نقاط دائمة للموالين لاقتناء الأعلاف، لأن الكميات القليلة التي توفر للنعاج الولود من طرف تعاونية الحبوب، غير كافية ولا تلبي الغرض، الأمر الذي يستوجب التعجيل بمشروع فتح المحميات الرعوية أمام الموالين، من أجل توفير مساحات الكلأ للماشية من مخزون العلف الطبيعي. وبعودته للحديث عن أسعار اللحوم في العشر الأواخر من رمضان، قال إنها من المفروض أن تنخفض ولو بنسب ضئيلة، غير أن قلة الإنتاج وغياب المنافسة حال دون ذلك، حيث أشار إلى اتفاقية «رابح رابح» بين مجمع لوناب والجزائرية للحوم الحمراء والفيدرالية مربي الماشية لم تعط ثمارها بعد، وبقيت حبرا على ورق ممّا جعل الأسعار تقفز إلى مستويات قياسية، حتى في أسواق الجملة مرتفعة، ومع التوزيع تصل للمواطن بأثمان غير معقولة، تفوق القدرة الشرائية للكثير. منع الاستيراد أغلق باب المنافسة أضاف المتحدث، أنّ «منع استيراد اللحوم الحمراء الطازجة والمجمدة التي تعرف ارتفاعا في الطلب يرهن احتياجات السوق، مشيرا إلى أنه بالرغم من أنّ الإجراءات تدخل في إطار إستراتيجية ترشيد الاستيراد، وتشجيع المنتوجات المحلية استجابة لتطلعات مربي المواشي والمسمنين، الذين تضرروا من منافسة المنتج المستورد»، إلا أن الضرر كان كبيرا على التجار الذين طالبوا بفتح الاستيراد، وفق قوانين تحمي المنتجين المحليين. ومن الممارسات التي لوحظت في الشهر الكريم أيضا - حسبه - اللجوء على ضوء نقص الإنتاج إلى ذبح نعجة الأنثى، وهذا قد يأثر على قطيع الماشية مستقبلا، حيث طالب المصالح الفلاحية إلى جانب الإجراءات التي اتخذتها لحل مشاكل الموالين والمربين فرض الرقابة على التجار والمذابح العشوائية، التي يستغل فيه بعض الدخلاء الوضع لتحقيق الربح السريع على حساب المواطن البسيط. وعليه، طالب المختصون في هذه الشعبة من المصالح الفلاحية التدخل لحل جميع المشاكل التي تعترض شعبة اللحوم الحمراء، وتشجيع أصحاب هذه المهنة على عدم التخلي عنها، خاصة وأن السنة الماضية عرفت توقف نشاط الكثير من المربين، الذين اضطروا في ظل العراقيل التي واجهتهم التخلي عنها بالرغم من حبّهم لها.