أزمة جوع خطيرة تلوح عن قرب لتعصف بعالم ما بعد كورونا، وبعد أوجاع الخسائر البشرية والاقتصادية الفادحة، جاءت الحرب الروسية الأوكرانية، لتتضاعف الخوف من عدم تلبية طلب شعوب الكرة الأرضية على الغذاء، وبالتالي سيكونون لقمة سائغة بين أنياب الجوع الذي لم يعد يترصّد بالقارة الفقيرة السمراء وحدها، بل سيطال قارات أخرى منها أوروبا، تتواجد بها دول ثرية ومتطورة، لذا فإنّ الغذاء في الوقت الراهن ينبغي أن يكون اهتماما وتحديا مشتركا بين البشر، ولا يمكن أن يغض الطرف عن التهديدات الكبيرة التي يجب التصدي لها، لوضع الغذاء في صدارة الاهتمام، مع نقص العرض والإنتاج في عدة محاصيل أساسية، تدخل في غذاء الشعوب من بينها القمح والأرز والزيوت التي قامت دول تعد الأكثر توريدا إلى كبح صادراتها نحو الأسواق العالمية. عشرات الملايين سيفتك بهم الجوع بالقرن الإفريقي، حيث استتب الجفاف وعجزت الحكومات عن توفير ما يلزم من أغذية أساسية وأدوية، تضع حدا لأمراض فتاكة ومعدية، ليس صعبا أن تتمدّد نحو أبعد نقطة من العالم، ووباء كورونا خير دليل على سرعة انتشار الأوبئة والفيروسات إلى أوسع نطاق، لذا كان على الدول المتقدمة التي تقترب منها المجاعة بشكل جدي وسط ارتفاع مذهل لأسعار المواد الغذائية وارتفاع نسبة الفقر، التحرك لإيجاد حلول مقنعة وواقعية لتطويق شر المجاعة الذي أصبح أمام أعين الجميع، يقترب كثيرا من العديد من الدول بشكل جدي. صحيح أنّ الحروب تخلّف وراءها الدمار والموت، لكن الجوع سيكون في مقدمة هذه الكوارث، ويمس بشكل عميق الضّعفاء في البداية غير أنّه لا يتردّد مثل الشرارة الكهربائية لينتقل بسرعة جنونية ليحرق غذاء العالم الذي يوضع بين فوهتي دبابة وعلى رؤوس القنابل، وبالرغم من أنّ لهيب الحرب الدائرة ما زال لم يخرج من أسوارها، بحكم أن روسيا وأوكرانيا تمثلان سلة غذاء مهمة تمون العالم، انقلب كل شيء رأسا على عقب، وباتت أسعار الخبز والأرز في منحى تصاعدي، شلّت معها القدرة الشرائية حتى في دول أوروبية، فصار الملايين من سكانها عرضة لخطر الفقر والجوع على غرار ألمانيا. لذلك فإنّ ناقوس الخطر ينبئ بأزمة غذاء وشيكة، إذا حلت لن يسلم منها أحد، والتصدي لها يحتاج إلى جهود الجميع.