انخراط الشباب في السياسة على رأس أولويات المرحلة تعزيز اللحمة الوطنية وتقوية الجبهة الداخلية بمناسبة تنصيب المجلس الأعلى للشباب، ألقى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، كلمة هذا نصها: «بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين. السّلامُ عليكُم ورحمة الله تعالى وبركاتُه. إِنَّها لمُناسَبةٌ ذاتُ أهميةٍ خاصَّةٍ، وهي المَحَطَةُ الأخيرةُ في المسار الذي بَاشَرْنَاه معًا، وفاءً لما تَعَهَّدْنَا به أمام الشعب: بدءًا بتعديل جوهري للدستور، مرورًا بالانتخابات التشريعية ثم المحلية اللتين انبثق منهما مجلس شعبي وطني جديد، ومجالس ولائية وبلدية منتخبة جديدة، بمَنطِق انتخابي جديد، لا غُبَارَ على نَزَاهَةِ الانتخابات، وإبعادِ المال. ووصولاً إلى تجديد وتنصيب المؤسسات والهيئات الدستورية الأخرى (المحكمة الدستورية والمرصد الوطني للمجتمع المدني). لَقَدْ تابعتُ بارتياحٍ حَمَاسَ الشباب خلال الندوات البلدية والولائية، وهو يُعَبِّرُ عن ثِقَتِهِ في الإرادةِ التي تَحْدُونا جميعًا لتَأْسِيسِ رُؤْيَةٍ جديدة تَقُوم على مصداقية مُؤسَّساتِ الدولة، ونجاعة هيئاتها الوَطنية، والتي نحرص في الجزائرِ التي نَبْنِيهَا في هذه المرحلة معًا، أَنْ تَكُونَ بعيدةً كُل البُعد عَنِ الشَّوَائِب التي شَوَّهَتْ سَيْرَها وأَضَرَّتْ بِمصْدَاقِيتِها.. وَبَعيدَة عَن المُمَارسَاتِ التي زَرَعَتْ فِي نَفْسِ المُواطن التوجُّسَ والرِّيبة، لمَا كانَ يَرْصُدُه منْ انحرافات مَسَّتْ بهَيْبَةِ المؤسسات، وزَعْزَعَتْ الثقّةَ في الهَيْئَاتِ الوطنية.. وأَسَاءتْ بِشكْلٍ عَامٍ لصُورة الدَّولة، فَلَقَدْ كُنَّا منذُ أكثرَ مِن سَنَتَيْن أمَامَ واقعٍ، يُملي عليْنَا في أَغْلَبِ الأحيان، مراجعةً جِذْريةً لأساليب الأداءِ، ولإحداثِ القطيعة مع الممارسات التي أَنْتَجَتْ نُفُور المواطن من كلِّ ما يَرْمُزُ إلى الدَّولة والسلطة. وإنَّنَا اليَومَ وَنَحْنُ نَتَقَدم بِعَزِيمَة وصرامة نَحْوَ بِنَاء الجزائر الجَديدَة بِكُلِّ بَنَاتِها وأَبْنَائها، لَنْ نَتَردَّدَ مُطْلقًا في مُحَارَبَة تلك الذهنيات، وتحقيق تطلعات الجزائريات والجزائريين إلى جزائر تسود فيها الشفافية، لا مكان فيها للمال الفاسد، جزائر يَرْدعُ فيها القانونُ كُلَّ مَنْ تُسَوِلُ لَهُ نَفْسُهُ، وَفي أَيِّ مَوقِعٍ كَانَ، مَدَّ يَدِهِ إلى المَال العَامْ.. وتَقْطَعُ الطَّريقَ أَمَامَ نَزْعَةِ التَسَلُّطِ، بترسيخ القناعة لدى الجَميع، بِأَنَّ أَفْضَلَ طَريقةٍ لتَجَنُّبِ الانْزِلاق نحو الحُكم الفَردِي والمُتَسَلِّطْ، هو مُمَارسَةُ المسؤوليات المُلقاةُ على عَوَاتِقِنا، بِصِدْقٍ ونزاهة، والاضطلاعُ بها على أَحْسَنِ وَجْهٍ. أيتها السيّدات... أيها السادة، إن هذه المناسبةَ، هي بمثابةِ نُقطةِ الإنطلاقِ لشبابنا، للاندماجِ في الديناميكية الجديدة التي تعرفها البلاد... وإنَّنَا لَنَنْتَظِرُ من أعضاء المجلس الأعلى للشباب من خلال مشاركته في تَصْمِيمِ، ومُتَابَعَةِ، وَتَقْيِيمِ المُخَطَّطِ الوَطَنِي للشَّبابِ، والسِّيَاسَاتِ العُمُوميَّةِ المُتَعَلِّقَةِ به، أن يجعل من إِنْخِرَاط الشباب في الحياةِ السياسيةِ، عَلَى رَأْس الأَوْلَوِيات في هذه المرحلة التي فَتَحنَا فيها الأَبْوَابَ وَاسِعَة أَمَامَه لِتَبوُّإ المَسْؤُوليَات وَالمَهَام القِيَّادِية في المُؤَسَسَات وَفي الهَيْئَات المُنْتَخَبَة، ونعْمل فيها على تَوفير كُلِّ الحَوَافِزِ المُشَجِعَةِ لِلشَبَابِ الطَمُوح، الرَاغِبِ في اقْتِحَامِ عَالَمِ الأَعْمَال والمُقَاوَلاَتِيَّة، انْطِلاَقا من ثِقَتِنَا في القُدُرَات الهَائِلَة الكَامِنَةِ لَدَيه، وَفي مُؤَهِلاَتِه العِلْمِيَّةِ، وَمَا يَتَمَتَّعُ بِهِ مِنْ مَكَاسِبَ ثَقَافِيَّة وَمَهَارَات، وَتَفُوّقٍ في التِكْنُولُوجِيا الحَدِيثَة بِشَتَّى مَظَاهِرِهَا... وَكَذَلِك في مَا يتحلى بِهِ مِنْ وَعْي وَرُوح وَطَنيَّة. أيتها السيّدات... أيها السادة، لَقَدْ انْبَثَقَ المجلسُ الأعلى للشباب في أَغْلَبِيتِهِ من نَدَواتٍ بلديةٍ وولائيَّةٍ... الأمرُ الذي يَجْعلُ أعضاءَه على دِرايَةٍ وصِلَةٍ بِمَشَاكِلِ وتَطَلُّعَاتِ الشباب في الولايات... خصوصًا في المَناطِقِ المَعْزُولةِ والنَّائِيَّةِ. ومن بَابِ الحِرْصِ على دَعْمِ هذه الهيئة، لتنطلقَ في أَدَاءِ دَورِهَا بِنَفَسٍ جَديدٍ، فإن تشكيلة أعضاء المجلس الأعلى للشباب، تَضُمُّ أَعْضَاءً مُعَيَّنِين من القطاعات الوزارية، ومِنْ ذوي الكَفَاءَاتِ والخِبرَاتِ، التِّي تمرَّسَتْ في نشاطات المجتمع المدني والحركة الجمعوية، لأن المُزَاوَجَةِ بَيْنَ المُنْتَخَبِينَ المُمَثِّلِينَ للشَبَاب في البَلديات، والمُعَيَّنِينَ بِهيئَتِكُمْ لتمثيلِ القِطَاعَاتِ الوزارية والمُنظمات والجمعيات الشبّانية، بالاضافة إلى مَبْدَإِ المُناصَفَةِ، سيجعلان من هذه الهيئة فَضَاءً وَاسِعًا لِلْحِوارِ والتَّدَاوُلِ لِتَقْدِيمِ الأفْكَارِ والاقتراحاتِ التي تُتِيحُ للشَّبابِ تقلد المناصب وتولي المسؤوليات في حُقُول النَّشَاطِ السِّيَاسي والاقْتِصَادي والاجتماعي، إيمانًا منَّا بأنَّ كل القضايا المتعلقة بالشباب، لا بُدَّ أن تَمُرَّ عَبْرَ هذه الهيئة، وأن يكونَ لكُم رأيٌّ فيها، وفي اتِّخاذِ القرارات بشأنها. وعلى هذا الأساس، فإنَّ النِظَامَ الدَاخلي الذي سَتَعْكِفُونَ على إعْدَادِهِ، سيكونُ فرصةً لكم لتعميقِ النِّقَاش حول أنجع الآليات لأداء مهامكم والاستجابة لحاجات الشباب ومتطلبات ازدهاره من خلال المشاركة في النشاط الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والرياضي... والمُسَاهَمَة في ترقية القِيَمِ الوطنية، والضمير الوطني والحس المدني، والتضامن الاجتماعي، وتشجيع رُوح المواطنة. السيد مصطفى حيداوي، رئيس المجلس الأعلى للشباب، السيدات والسادة الأعضاء، إنَّكم تُدركون - أيضا - مُسَاهَمَتكُمْ في تمجيد تاريخنا الوطني، لأنكم من سلالة الشهداء والمجاهدين، تَسِيرُونَ على نَهْجِهِمْ، وتَسْتَحْضِرُونَ المَبَادِئَ والقيَمَ، التي وَرِثَهَا الشَّعُب الجزائري عَنْهُمْ، وحَمَى بِها وِحْدَتَهُ وَتَمَاسُكَهُ، أَمَامَ المَكَائِدِ والمُنَاورَات، التي اسْتَهْدَفَتْ وَمَازَالَتْ تَسْتَهْدِفُ الأمة، وإنَّنا في هذا الظرف الذي يستدعي تَضافُرَ جُهُودِ كُلِّ الأطْيَاف والمَشَارِبِ لتعزيزِ اللُّحْمَةِ الوطنية، وتَقْويَةِ الجَبْهةِ الدَاخليةِ، أَمَامَ مَا يُوَاجِهُنَا من تَحَدِيَاتٍ إقليميةٍ صَعْبَة.. وَرِهَانَاتٍ دوليةٍ مُعَقَدة، نُرَاهِنُ بِكُلِ ثِقَةٍ على شَبَابِنَا، الذي تَشُقُ بِه الجزائرُ طَريقَهَا إلى الرِّفْعَةِ والسُّؤْدُدِ، وهي تَسْتَعِّدُ للاحْتِفَاءِ بالذكرى الستين لاسْتِعَادة السيَّادة الوطنية، مُعْتَزَّةً بشَبَابِهَا الطَمُوح.. فَأنتُمْ سَواعِدُ البِنَاءْ والنَّمَاءْ والوَفَاءْ. وختامًا... أُعْلِنُ رَسْميًا عن تَنْصِيب المجْلَس الأَعْلَى للشَبَاب. المجد والخلود لشهدائنا الأبرار تحيا الجزائر والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».