تسعى باريس من خلال اعترافاتها بقمع مظاهرات 17 أكتوبر 1961 بباريس إلى الإسراع في حل ملفات الذاكرة العالقة بين الجزائروفرنسا تمهيدا لإنجاح زيارته التي سيقوم بها بداية ديسمبر المقبل مثلما أشارت إليه مختلف وسائل الإعلام الفرنسية. وتتزامن خرجة الرئيس هولاند في سياق إعادة الدفء لمحور الجزائر باريس بعد سنوات من البرودة بسبب اتساع الهوة حول معالجة ملف الذاكرة وجرائم فرنسابالجزائر حيث كان للرئيس السابق نيكولا ساركوزي موقف متصلب يصب في خانة «عدم الاعتراف بما قامت به الآباء» وضرورة التعامل مع العلاقات وفقا لما هو متوفر اليوم. غير أن وصول فرانسوا هولاند وتفوقه على مرشح اليمين جعل العلاقات الجزائرية الفرنسية تسترجع عافيتها وتميزت بعشرات الزيارات بين مسؤولي البلدين في مختلف المجالات الدبلوماسية والتجارية والاقتصادية وغيرها التي قربت كثيرا بين البلدين،وهو ما يحاول هولاند استغلاله لتمهيد الطريق لزيارته للجزائر بداية ديسمبر المقبل وانجاحها بعقود اقتصادية وثقافية وتجارية تخفف من الأزمة لاقتصادية والمالية التي تشهدها فرنسا حيث ترك ساركوزي إرثا كبيرا لهولاند الذي وضع دول جنوب المتوسط وإفريقيا كأولوية للارتكاز عليهم من أجل إعادة بعث الاقتصاد الفرنسي والحفاظ على المجال الحيوي الفرنسي، وأقر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أمس أن فرنسا «تقر برؤية واضحة» ب«القمع الدموي» لمتظاهرين جزائريين في باريس في 17 أكتوبر 1961. وأفاد بيان للاليزيه نقلته وكالة الأنباء الفرنسية انه «في 17 أكتوبر 1961 » قتل جزائريون يتظاهرون من أجل الحق في الاستقلال في قمع دامي.وأضاف البيان نقلا عن الرئيس هولاند إن «الجمهورية تقر برؤية واضحة بهذه الوقائع. بعد 51 عاما على هذه المأساة، أوجه تحية الى ذكرى الضحايا». وتزامنت هذه الخطوة مع قيام رئيس بلدية باريس الاشتراكي «بيرتران دولانوي» وضع إكليلا من الزهور على اللائحة التذكارية التي أقامها عام 2001 لضحايا القمع هؤلاء، وأفاد أنه لا شك في أن هولاند «سيعرف ما يقول وما يفعل كي يسمح لفرنسا أن تكون واضحة الرؤية حيال هذه اللحظة المأساوية في التاريخ»، وكأن الحزب الاشتراكي الفرنسي قد قرر منذ مدة تهيئة الطريق لاعتراف فرنسا بجرائمها في الجزائر وقمعها لمختلف المظاهرات السلمية كالتي جرت في 11 ديسمبر 1960 أو في 17 أكتوبر 1961 وتضاف خرجة هولاند أمس التي لم تكن مفاجئة بعد ترحمه على أرواح الضحايا في نفس الذكرى من العام الماضي عندما كان مترشحا للرئاسيات الفرنسية في الربيع الفائت وهو الذي وعد بدراسة ملف الذاكرة بجرأة وبالمقابل كان الرئيس الفرنسي قد أعرب عن «تضامنه» مع أسر الضحايا في الذكرى الخمسين على مقتلهم وذكر أن، في 17 أكتوبر 1961 تظاهر الآلاف بدعوة من جبهة التحرير الوطنية الجزائرية متحدين ورافضين لمنع التجول الذي فرضته السلطات الفرنسية في خضم حرب الجزائر على «الفرنسيين المسلمين الجزائريين». ونقلت وسائل الإعلام الفرنسية كفرانس 24 ووكالة الأنباء الفرنسية عن توقيت زيارة هولاند للجزائر يجري هولاند زيارة رسمية إلى الجزائر في مطلع ديسمبر المقبل. وقامت العديد من وسائل الإعلام الفرنسية مؤخرا بنشر شهادات لفرنسيين على غرار الصحفيين «مرسيل بيجو» و«بوليت بيجو» الذي نشروا كتابا تحت عنوان « 17 أكتوبر بالنسبة للجزائريين» ونقلوا أعمال العنف التي تعرضها لها الجزائريين في إطار تحضير الرأي العام الفرنسي لزيارة هولاند للجزائر.