شعبنا ينزف، شهداء يعطّرون الأرض بدماءٍ طاهرة، أسرى يعانون ظلم الجلاد بنضالٍ لا مثيل له، والاعتقالات تطال الآلاف، استزافٌ لمواردنا البشريّة، استيلاء على الأرض ببناء المستعمرات الصّهيونيّة، تدمير بيوت وأهالٍ يفترشون الأرض ويلتحفون السّماء، والجراح في ازدياد، وصرخاتنا تخاطب ضمائر العالم، وما من مغيث من عالمٍ أصمّ آذانه عن السّمع، ولكنّي أشعر براحةٍ ليس بعدها راحة عندما أسمع صوتًا عربيًّا لايزال فيه نفس العروبة، صوتًا يحمل الانتماء، والإخلاص لقضيّتنا الحاضرة الغائبة، قضيّة فلسطين، صوتًا يعبّر عن آلامنا، وعن أحاسيسنا، وعن مآسينا، صوتًا يحاول أن يحيي الكرامة في نفوس أبنائنا، فهذا معلّمٌ كويتي يقول لطلّابه في المراحل الابتدائيّة: «يجب أن تتذكّروا أنّ عندنا قضيّة مهمّة، هي قضيّة فلسطين، يجب أن تعرفوا أنّ فلسطين محتلّة من قِبِل الصّهاينة»، وها هم الّلاعبون الجزائريّون يرفعون العلم الفلسطيني بعد فوزهم في مباراة هامّة، وها هم التّونسيون في وقفة احتجاجية دعت إليها جمعية (أنصار فلسطين) نصرة للمسجد الأقصى ورفضا للتهجير والاعتقالات والقتل الممنهج ضد الشّعب الفلسطيني. ها هم يرفعون الشّعارات للتعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني ورفضًا للتطبيع. ويردّد المحتجون: (الأقصى في خطر) و(القدس لنا) و(استحقاقاتنا الداخلية لا تلهينا عن القضية المركزية). مواقف تستحق التّقدير وتثلج الصّدر، وهي دعوات لأبناء الأمّة العربيّة كافّة أن هبّوا للدفاع عن الهويّة عن التّراث، فتحيّة تقدير لهذه الأصوات والدعوات من الكويت والجزائر وتونس، إنّ انتماءهم هذا لفلسطين هو انتماءٌ للعروبة الصادقة، العروبة التي تقول بملء فيها: شعبنا يوم الفداء فعلُه يسبق قوله لا تقل ضاع الرجاء إنّ للباطل جولة ما لعدوانٍ مفر..والوغى كرٌّ وفرٌّ.. نحن للتاريخ أمجادًا بنينا ورسالات الهدى بين يدينا قد تآخينا هلالا وصليبا وتلاقينا بعيدا و قريبا نعم ما زال في العروبة قلبٌ ينبض!