ابراهيم بوغالي: الجزائر تشهد تحولات كبيرة في مختلف المجالات    توجّه نحو بناء صناعة بتروكيميائية حقيقية ومتنوعة    ربط 18 ألف منزل ببرج بوعريريج خلال 2024    الدولة الفلسطينية ومواجهة التحديات المقبلة    غالي يؤكد مواصلة الكفاح على كل الجبهات    شهر رمضان : الحماية المدنية تدعو المواطنين إلى توخي الحذر للوقاية من الحوادث اليومية    مصانع التحلية ستؤمّن 42 بالمائة من مياه الشرب    العنف يطارد الأساتذة في المؤسسات التربوية    زعلاني: نصرة الجزائر للشعوب المستعمرة نابع من بيان أول نوفمبر    إقبال واسع على الأسواق الجوارية الخاصة بشهر رمضان بجنوب البلاد    المجلس الإسلامي الأعلى ينظم ندوة علمية حول منظومة التمويل الإسلامي    اجتماع الحكومة: دراسة عروض ومشاريع قوانين تتعلق بعدة قطاعات    السيد مقرمان يتحادث مع نائب رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر    باتنة: إبراز إسهامات المجاهد المرحوم الحاج لخضر في الثورة التحريرية المجيدة    الجمعية العامة الانتخابية للفاف: ستة محاور كبرى لتطوير كرة القدم الجزائرية    رئيس الجمهورية يستقبل وزير الشؤون الخارجية لجمهورية النيجر    مراد يزور مقر المديرية العامة للمرور التابعة لوزارة الداخلية الاسبانية    رخروخ في زيارة عمل إلى موريتانيا ابتداء من يوم الأربعاء    الجزائر تعتزم تحديث استراتيجيتها الوطنية لتطوير الطاقات المتجددة وكفاءة الطاقة    العياشي:نجاح الدبلوماسية الجزائرية على الصعيدين الافريقي و الدولي يصب في صالح القضية الصحراوية    حوادث المرور: وفاة 34 شخصا وإصابة 1641 آخرين خلال أسبوع    كأس إفريقيا للأمم-2026 سيدات: المنتخب الوطني ينهي تربصه استعدادا للقاء جنوب السودان    أشغال عمومية: رخروخ يتباحث فرص الاستثمار مع رئيس مجلس الأعمال الجزائري-الأمريكي    مجلس الأمن الدولي يعقد اجتماعه الثلاثاء لبحث الوضع في فلسطين    الأمم المتحدة: غوتيريش يعبر عن قلقه بشأن تصاعد عنف وهجمات الاحتلال الصهيوني بالضفة الغربية    تصريح مثير لزكري    الفضائيات مطالبة باحترام خصوصيات رمضان    المولودية تبتعد    16 طائرة جديدة لتخفيف الضغط عن الرحلات الداخلية    مراجعة قانونَي الولاية والبلدية خطوة استراتيجية هامة    مهمة عسيرة ل"الحمراوة"    قسنطينة على صفحة نادي ليفربول    بوغالي يعزّي في وفاة ثلاثة عسكريين    أوامر بإنهاء مشروع حماية المدينة من الفيضانات    "سونلغاز" عنابة تؤمن التزويد بالكهرباء والغاز    تمديد نشاط سوق الكاليتوس ومذبح الحراش طيلة أيام الأسبوع    صناعة صيدلانية: شركة قطر فارما تبدي اهتمامها بالاستثمار في الجزائر    فارسي يعود لأجواء المنافسة ويريح بيتكوفيتش    "مفدي زكريا" يستضيف فن التصميم الإيطالي    المبعوثة الأممية تؤكّد أهمية التواصل مع جميع الأطراف    المجلس الشعبي الوطني: وزير الثقافة والفنون يستعرض واقع وآفاق القطاع أمام لجنة الثقافة والاتصال والسياحة    سايحي يستقبل وفدا عن النقابة الوطنية المستقلة للقابلات الجزائريات للصحة العمومية    كرة القدم (داخل القاعة): المنتخب الوطني يشرع في تربص اعدادي بفوكة (تيبازة)    ترقية التعاون جنوب-جنوب في مجال الطوارئ الكيميائية    "طيموشة" تعود لتواصل مغامرتها في "26 حلقة"    تتويج زينب عايش بالمرتبة الأولى    الشوق لرمضان    تقديم العرض الشرفي الأول لفيلم "من أجلك.. حسناء" للمخرج خالد كبيش بالجزائر العاصمة    هذا جديد مشروع فيلم الأمير    هناك جرائد ستختفي قريبا ..؟!    سايحي يتوقع تقليص حالات العلاج بالخارج    استعمال الذكاء الاصطناعي في التربية والتعليم    صحة: المجهودات التي تبذلها الدولة تسمح بتقليص الحالات التي يتم نقلها للعلاج بالخارج    اختيار الجزائر كنقطة اتصال في مجال تسجيل المنتجات الصيدلانية على مستوى منطقة شمال إفريقيا    هكذا تدرّب نفسك على الصبر وكظم الغيظ وكف الأذى    الاستغفار أمر إلهي وأصل أسباب المغفرة    أدعية شهر شعبان المأثورة    الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«العولة».. موروث شعبي يقاوم «طعام المعلبّات»..
نشر في الشعب يوم 20 - 11 - 2022

«الطعام» عند الجزائريين له معناه «السامي»، فهم يسمّونه «ملحاً»، وينبذون من يخونه، كذلك يسمّونه «زرّيعة الروح»، أي بذرة الروح والبقاء، من الممكن أن يغضّ الجزائري النظر عن بساطة البيت احتراماً لصاحبه، فالشعار السائد هو «المهمّ سقف». لكنّه يربط احترامه للبيت ولصاحبه بمدى توفّر المؤونة التي يُستعان بها في مواسم ومناسبات معيّنة، وتسمّى شعبياً «عولة»، المشتقّة من التعويل على الشيء.
وتزخر المدوّنة الشعبية بعشرات الأمثال والحكم والمرويات التي تتناول «العولة» وتشيد بها وتعلي من شأن صاحبها، منها المثل القائل «دار بلا عولة من حظّ الغولة»، أي أنّ البيت الذي لا تتوفّر فيه مؤونة تلتهمه «الغولة»، أي الجوع.
تقليد لا يندثر
في الشمال الجزائري حيث يعيش أكثر من 80 في المائة من سكان البلاد، يمتدّ فصل الشتاء بأمطاره التي تبلغ في بعض المناطق 1800 مليمتر في حين يتجاوز علوّ ثلوجه المتر الواحد وتنخفض درجة حرارته إلى دون الصفر. وفي هذا الفصل الذي يبدأ في شهر أكتوبر وينتهي في شهر مارس، تقل الحركة تقريباً، إذ إنّ كثيرين يميلون إلى المكوث في بيوتهم، بالتالي فإنّ توفير «العولة» أمر ضروري.
تنطلق عملية تهيئة «العولة» في فصل الصيف، فيُصار إلى إعداد التوابل، خصوصاً الحارّ منها، وتجفيف الحبوب من قبيل الفول والحمّص، وتقديد اللحم، وطحن القمح، وتنتهي مع أواخر الخريف من خلال توفير الكميات اللازمة من زيت الزيتون. في هذه الفترة، تستعيد الذاكرة حكاية النملة المجتهدة التي تعمل بدأب من أجل التهيؤ لفصل الشتاء القاسي، والصرصور الكسول الذي يتفرّغ للغناء.
وما يميّز المرأة الجزائرية وهي تعدّ «العولة» أنّها تجمع بين نشاط النملة وغناء الصرصور في آن واحد. ويمكننا أن نرصد أغاني وأهازيج عدّة بين الرجال والنساء في أثناء عمليّة جمع المؤونة وتحضيرها، فنستطيع بالتالي أن نطلق عليها اسم «أغاني العولة».
لكن الملاحظ ان كثيرا من العادات والتقاليد الشعبية، اختفت بفعل التحوّلات الاجتماعية والاقتصادية التي مسّت الحياة اليومية للجزائر في مختلف مناطق الوطن، ما عدا ثقافة العولة، فهي ما زالت قائمة حتى يومنا هذا، إذ إنّ الجيل الجديد تبنّاها، خصوصاً الشابات، فالعادات المتعلّقة بالطعام سلمت معظمها من الاندثار، لأنّها ترتبط بوجود الإنسان، ولأنّه لا يمكن التخلّي عنها في ظلّ بقاء دواعيها بحكم طبيعة البيئة.
في الوادي جنوباً، وبرج بوعريريج شرقاً وحمّام بوحجر غرباً، يلاحظ المتجول أنّ الأطعمة التي تدخل في إطار «عولة الشتاء» باتت متوفّرة في المحال التجارية كذلك، بعدما كانت تصنع في البيوت فقط.
لان تصنيعها في البيوت سابقاً فرضه انعدامها في الأسواق، بينما توفّرها في السوق يأتي نتيجة التحوّلات الاقتصادية التي سُجّلت في السنوات الأخيرة، فثقافة العولة في المجتمع استمرّت لأن أسبابها ما زالت قائمة، لكنّ التطبيق اختلف نظراً إلى المستجدات الحاصلة، مثل خروج المرأة إلى العمل، وتغير نمط العيش في الكثير من مناطق الوطن.
ويقول المثل الشعبي «الثلج بلا عولةٍ أسود»، تشديداً على أهميّة هذا التقليد في فصل البرد، وعلى الرغم من أنّ وجبة فطور الجزائريين مأخوذة من الفرنسيين، وهي كناية عن قهوة بالحليب و»كرواسان» أو خبز مع الزبدة والمربّى، إلا أنّ كثيرين منهم يغيّرون عاداتهم في خلال فصل الشتاء، فيقبلون على الأطعمة التي هي أشبه بوجبة غداء.
التدبير في «الدوبارة»
تأتي «الدوبارة» على رأس قائمة الأطعمة التي يقاوم بها الجزائريون البرد في الصباح. وهي كناية عن طبق حار جداً يتكوّن من فلفل وطماطم وثوم وزيت زيتون وحمّص أو فول أو كليهما.
وتُنسَب «الدوبارة»، بحسب أشهر الروايات حولها، إلى رجل يُسمّى أحمد الدبّار من مدينة وادي سوف (شمال شرق)، جاع أولاده، فتدبّر لهم هذه الأكلة ممّا توفّر لديه. بعد ذلك، فتح محلاً لبيعها، وهكذا انتشرت في أرجاء الجزائر حتّى باتت من أشهر الأكلات الشعبية التّي يشرع الجزائريون في تناولها مباشرة بعد صلاة الفجر.
في مدن كثيرة، من قبيل وادي سوف وبسكرة وباتنة والمسيلة والجلفة والأغواط، يصطفّ العشرات أمام محال «الدوبارة». وهؤلاء إمّا يتناولونها في المكان وإمّا يحملونها معهم في أكياس إلى البيوت. يقول عمّي أحمد، من مدينة برج بوعريريج «في حال تخيّلنا البرد في هيئة رجل، فإنّ الدّوبارة أكثر ما يخيفه.. فهي تملك القدرة على القضاء عليه».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.