مع فلسطين ظالمة أو مظلومة.. عبارة يدوي صداها في مسامعنا هنا بفلسطين، وهناك في بلد المليون ونصف المليون شهيد في الجزائر، الوطن الذي يحتضن ترابه الخالد فينا هواري بومدين والعظماء الذين يخلدهم التاريخ للأبد في الذاكرة.الجزائر الشقيق الذي احتضن ثورتنا الفلسطينية المعاصرة منذ الإرهاصات الأولى لانطلاقتها عام 1963، أي بعد عام واحد من نيلها لاستقلالها الوطني بانتصارها على الاستعمار الفرنسي، وهنا يسجل التاريخ للجزائر الفضل الكبير في إسناد الطلقة الأولى للثورة الفلسطينية في جانفي 1965 التي دوت رفضا للاحتلال ورفضا للنكبة والتشريد. كيف لأجيالنا المتعاقبة أن تنسى الجزائر وقد انتشرت في ربوعها مخيمات الأشبال والزهرات وانتشر في أرجائها الفلسطينيون الفدائيون، الذين تلقوا التدريبات فأصبحوا أبطالا يذودون عن الوطن فلسطين، وكيف لأعيننا أن تغفل عن احتضان الجامعات الجزائرية لمئات بل لآلاف الطلبة الفلسطينيين ومنحهم التعليم الجامعي المجاني فيها بمستوياته المختلفة، لنرى اليوم العديد منهم وقد تقلدوا مناصب علمية رفيعة. ولم تكتف الجزائر بهذه المساندة؛ بل حرصت على أن تكون صمام الأمان للشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية من خلال ثقلها السياسي في الكثير من المحافل العربية والإقليمية والدولية وبهذا فقد استمدت فلسطين منها قوة سياسية كبيرة، وتجرأت أكثر لإبراز قضيتها في أرفع الهيئات الدولية، لا سيما هيئات الأممالمتحدة لتدافع عنها كقضية عادلة دون أيّ تردّد. واستمر التضامن والدعم والإسناد من أخوتنا الكرام في الجزائر البلد الشقيق بمختلف أشكاله وقد تجسد في الكثير من المواقف الوطنية المشرفة والمشهود لها. وعرفانا واعتزازا بنضالات الشعب الفلسطيني وحفاظا منها على شرعية ووحدانية تمثيله فقد احتضنت عاصمتها الجزائر جلسات الدورة التاسعة عشرة للمجلس الوطني الفلسطيني (دورة الانتفاضة) ليعلن الرئيس الفلسطيني الراحل الزعيم ياسر عرفات من على منبرها الحر، بتاريخ 15/11/1988 استقلال دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف، لترتسم مع ذلك الإعلان ملامح مرحلة سياسية وكفاحية جديدة يخوض غمارها شعبنا الفلسطيني بدعم وإسناد الأشقاء الجزائريين. وحرصا منها قيادة وحكومة وشعبا على الوحدة الوطنية الفلسطينية، نادت القوى والفصائل الفلسطينية بحوار وطني شامل تمخض عنه بحضور وإشراف سيادة الرئيس عبد المجيد تبون إعلان الجزائر للم الشمل الفلسطيني، وقد كان لهذا الإعلان صدى مؤثر في بث الأمل مجدّدا نحو استعادة الوحدة وتوحيد الطاقات والجهود الفلسطينية لمواجهة التحديات في ذات الوقت الذي وسمت به القمة العربية التي عقدتها على أرضها باسم فلسطين، تلاه إرسال برقيات الدعم والمساندة في يوم التضامن العالمي مع فلسطين. محطات ومواقف وطنية مشرفة وأدوار سياسية هامة تقوم بها الجزائر الشقيقة وما هي إلا تعبير مكثف عم عراقة شعبها ووطنية قيادتها وحكمتها وحنكتها السياسية. وفي حقيقة الأمر، فإنّ القناعة الراسخة لدى شعبنا الفلسطيني بأنّ هذا الاحتلال العنصري المتطرف الفاشي مهما امتد بسرطانه الاستيطاني الخبيث والتهم أرضنا سيزول وسنجتث جذوره من أعماقها والأمل دائما يحذونا مثلما كان يحذو الشعب الجزائري الذي فجر وخاض ثورته العظيمة وطرد وأجلى الاستعمار الفرنسي عن أرضه وظفر بالحرية والاستقلال الوطني. فلم يعد الاحتلال يشكل احتلالا عسكريا لفلسطين بقدر ما هو تمدد استيطاني خبيث وخطير يتطلب منا مواصلة الكفاح لاجتثاثه، ولهذا؛ لابد بل من الضرورة سدّ الثغرات التي يتسلل من خلالها وبالتحديد ثغرة التطبيع الضار والخطير وثقتنا كبيرة بأنّ الجزائر لن تخذل الشهداء ولن يتردّد في الإيفاء بالعهد والوعد ولن يقف إلا مدافعا صلبا عن القدس وعن فلسطين والمقدسات، فنحن شعب لن ننتصر على هذا التطرف وعلى هذه الفاشية الوحشية وحدنا بل ومعنا جميع الأحرار من العرب والجزائريين الذين ولم ولن يخذلونا يوما.