مكسب هام لفئات واسعة من الطّبقة الشّغيلة ثمّن أستاذ العلوم السياسية الدكتور عبد الكريم شكاكتة مجمل القرارات الاجتماعية التي اتّخذها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، التي مسّت مختلف الفئات من موظفين، متقاعدين وبطالين، مشيرا بالقول إلى "أنّ هذه الزيادات والرّفع من أجور العمال والمتقاعدين، تأتي في ظرف اجتماعي حسّاس جراء ارتفاع الأسعار المواد الغذائية والاستهلاكية، وأيضا تجسيدا للسياسة الاجتماعية التي تبنّتها الدولة، وتحافظ على استمرارها لحماية المواطن من مختلف الهزات". يرى الأستاذ شكاكتة في قراءاته لقرار الزيادات في أجور العمال والمتقاعدين، المنتظر أن تدخل حيز التنفيذ بداية من يوم 10 مارس الجاري، أنّ هذا الإجراء "يمثّل أهم مكسب اجتماعي لفئات واسعة من الطبقة الشغيلة التي تناهز 3 ملايين عامل و2.8 متقاعد، ينتظرون اليوم تحسين ظروفهم المادية والاجتماعية، لمواجهة تحدّيات تدني القدرة الشرائية، والاستجابة لحاجيات أبنائهم المتزايدة مع اقتراب شهر رمضان الفضيل"، مضيفا "أنّ الزيادات تزامنت أيضا مع المصادقة على قانون المالية لسنة 2023، ومنح الاعتمادات المالية للإدارات العمومية". وأشار الباحث في هذا الخصوص إلى "أنّ الزّيادات التي أقرّها رئيس الجمهورية في أجور الموظفين جاءت عبر مرحلتين، حيث مسّت المرحلة الأولى زيادة في النقطة الاستدلالية بمجموع 75 نقطة خلال سنة 2023، وزيادة ثانية بنفس النسبة مبرمجة خلال سنة 2024 لتصل إلى مجموع 150 نقطة، ومعروف أن الرفع من النقطة الاستدلالية يؤدّي آليا إلى الرّفع من الأجر الشهري للعامل والموظف بنسبة تتراوح ما بين 4 آلاف إلى 8 آلاف دينار حسب الدرجة ورتبة الموظف، ونفس الشيء بالنسبة للمتقاعدين الذين استفادوا من زيادات حسب التصنيف تراوحت بين ألفين و4 آلاف دينار، مع رفع منحة البطالة من 13 إلى 15 ألف دينار". وفي تعليقه على انعكاس هذا الإجراء على الجبهة الاجتماعية والحركية الاقتصادية التي تعرفها الجزائر بفضل سياسة الانعاش المتبعة، رجع أستاذ العلاقات السياسية والدولية في تحليله إلى مرحلة سابقة شهدت فيه الوضعية الاجتماعية تآكلا كبيرا للقدرة الشرائية، حسب وصفه بسبب تبعات الأزمة الاقتصادية لمرحلة ما بعد جائحة كورونا، وسياسة ترشيد النفقات وتخفيض نسبة الواردات وحظر استيراد الكثير من المواد تشجيعا للمنتوج المحلي، ومحاربة أزمة التضخم الثابتة في الظرف الحالي التي لا تزيد عن 3.8 بالمائة، وحتى تبقى كذلك لا بد من تجسيد سياسة توازن ما بين الانعاش الاقتصادي وتحسين القدرة الشرائية للمواطن، وفق منظوره. كما ربط الأستاذ شكاكتة هذه المكاسب الاجتماعية بباقي الإجراءات الحكومية المتخذة في سبيل تحسين الظروف المهنية والاجتماعية للعامل، والرفع من نسبة القدرة الشرائية المرتبطة ارتباطا وثيقا بالإنعاش الاقتصادي، المتمثل في تحرير أزيد من 400 مؤسسة اقتصادية صغيرة ومتوسطة في 6 أشهر الأخيرة، ورفع التجميد عن عشرات المشاريع الهامة التي سمحت بإنشاء أزيد من 50 ألف منصب شغل، وهذا حتى يتماشى مع القاعدة التي تؤكّد أنّ الزيادة في الأجور تؤدي حتما الى زيادة نسبة الاستهلاك المحلي لمختلف المواد، وهو ما يؤدّي آليا أيضا إلى رفع الانتاج من طرف المؤسسات الوطنية لتلبية الحاجيات المتزايدة في السوق، وتغطية النقائص الناجمة عن تخفيض الاستيراد، وهي تقريبا مجمل الظّروف المحيطة بهذه الزيادات التي ينتظرها العمال بكل فئاتهم المهنية، وكانت محل سجال ومرافعات طويلة من قبل النّقابات الممثلة لمختلف القطاعات الادارية والاقتصادية المنتجة.