هي واحدة من إطارات وكالة التشغيل بمعسكر، من فئة قصار القامة، لم تمنعها إعاقتها من التدرج في مسارها العلمي بعد حصولها على درجة ماستر 2 في الاتصالات السلكية واللاسلكية، واقتحام عالم الشغل كموظفة عادية، ثم مساعدة رئيسية في التشغيل. يعرفها الجميع باسمها "خيرة سلطاني"، وكثيرا ما يدلعها زملاؤها في العمل والوافد،ن على مقر وكالة التشغيل باسم "خيرور"، نشيطة ومتميزة بخفة دمها وروحها المرحة، علاوة على أدائها المهني بأخلاق عالية وسلوكيات لبقة نفذت بها إلى قلوب جميع من يعرفها. تمتلك إطار التشغيل بوكالة "آناد" لمعسكر، خيرة سلطاني، من القدرات والأخلاق ما مكّنها من احتلال القلوب، وبذلك تمكّنت من تجاوز عقدة الإعاقة، التي يولد بها أمثالها من قصار القامة، وتقول "خيرة" عن ذلك، إن "الإعاقة مهما كان نوعها ليست سببا لليأس والفشل"، بل عامل محفز على التموقع في المجتمع، وإثبات الذات. واجهتنا بقلب مفتوح، تحكي عن العثرات ومشاكل التمييز بين الأشخاص الطبيعيين والأشخاص المعاقين في المجتمع، لاسيما التنمر الذي يتعرض له قصار القامة في الشوارع، حيث قالت إنّ مشكل التمييز والنظرة الغريبة التي يُنظر بها إلى قصار القامة، سبب في اعتزال الكثير من أمثالها الحياة العامة، الأمر الذي دعت "خيرور" إلى تجاوزه ومواجهته من خلال إثبات الذات والاندماج في المجتمع، على غرار باقي المصابين بالإعاقات البدنية من ذوي الهمم. ورافعت خيرة سلطاني من أجل تمكين هذه الفئة من حقوقها المهضومة، أو بالأحرى المتجاهل الاعتراف بها، على غرار تمكين قصار القامة من العاطلين عن العمل من منحة محترمة في مستوى منحة البطالة، تمكّنهم من تأسيس حياتهم ومواجهة أعبائها، فضلا عن تمكين العاملين والموظفين منهم من بعض الحقوق، على غرار تقليص ساعات العمل بما يتناسب مع قدراتهم البدنية. عزيمة وإرادة عن نفسها، تقضي خيرة سلطاني ساعات اليوم كاملة في مكتبها، تستقبل وتعالج طلبات التشغيل ومنحة البطالة، دون كلل أو ملل، أو ذرة شكوى من الضغوط المهنية، فتقول "لا يهدأ لي بال حتى أتأكّد من رضى طالب العمل أو طالب المنحة، سواء تمت معالجة طلبه أم تعذّر ذلك، ما يهمّني هو أن يخرج طالب الخدمة من مكتبي مقتنعا بالرد وراضيا عن أدائي معه". وتضيف خيرة أنّ الحس بالمسؤولية يختلف بين الشخص الطبيعي وبين شخص من ذوي الهمم، بحكم مهامها الوظيفية بمرفق عمومي، موضحة في كلامها أنه لابد أن يكون العمل متقنا وكاملا حتى لا يحكم المسؤول على أدائها أو يقيّمه بناء على الشفقة والتعاطف بحكم الإعاقة. وتأمل المتحدّثة أن تجد هذا التعاطف والشفقة في الحصول على بعض الحقوق، على غرار حق الاستفادة من السكن بغض النظر عن الراتب الشهري الذي يتلقاه قصير القامة المنتسب للقطاع الاقتصادي. ولأنّها في سن الثلاثين من العمر، ارتفع سقف آمال خيرة إلى الحلم بتأسيس أسرة، الأمر الذي فشل بسبب قامتها البالغة 1.20 متر، ولم تخف المتحدّثة أسفها للتغيير الطارئ على ذهنيات المجتمع الذي تملكته المظاهر والماديات، حيث لم يعد الزواج وتأسيس أسرة ممكنا إلا في حال حظيت بعطف المسؤولين المحليين وقرروا منحها سكنا، في إطار الحصة التي تمنح لذوي الاحتياجات الخاصة. وتقول خيرة مقتنعة بما تقدّمه من خدمات عمومية جليلة ومشرّفة لوكالة التشغيل، أنّ شعورها بوجود التمييز في المجتمع بلغ ذروته حين لم تتلق أي تكريم أو هدية بمناسبة عيد المرأة العاملة، مشيرة في كلامها بتذمّر "حتى الماكثات في البيت حظين بالتكريم رغم أنه يوم عالمي للمرأة العاملة إلا أنا، ولا أعتقد أن ذلك بسبب الإعاقة بل بسبب غياب حس اللّباقة".